عضو الأزهر للفتوى عن الهجرة النبوية: غيرت معالم التاريخ الإنساني
كتب - محمد قادوس:
بمناسبة بدء العام الهجري الجديد، وحول الهجرة النبوية الشريفة والمعية الربانية التي كان عليها رسول الله- صلى الله علية وسلم-، يقول الدكتور أسامة أمين سيد بدوي، مدرس الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وعضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الهجرة النبوية ليست مجرد حدّ فاصل أو حدث فارق في التاريخ الإسلامي بل والتاريخ الإنساني معا، وليست مجرد رحلة انتقالية، أو هجرة شرعية من دار ضعف وحرب إلى دار أمان وسلام، بل كانت بمفاهيم أعمق ودلالات أرحب، بداية عهد جديد في التاريخ الإنساني والتطبيق العملي لمفهوم المعية الربانية.
وأضاف د. بدوي، في حديث خاص لمصراوي بمناسبة بدء العام الهجري الجديد، أن غيرت معالم التاريخ الإنساني، وربطت بين الأسباب المادية المقتضية للأخذ بالأسباب البشرية، وبين الروحانية الإيمانية المقتضية لحسن اليقين بالله تعالى والتوكل عليه، وهو ما عبَّر به القرآن الكريم في قول الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}.. [التوبة:40].
وأشار د. بدوي إلى أن الله وحده كاف عبده، فلا حزن يتسلل لمن استشعر قلبه معية ربه، مهما كانت التضحيات، ولو كانت بأحب الأماكن والأشخاص، فإن تسلية الله للمصاب أكثر وقعا للنفس وطمأنينة لها، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما كما في جامع الترمذي بسند صحيح، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَكَّةَ: «مَا أَطْيَبَكِ مِنْ بَلَدٍ، وَأَحَبَّكِ إِلَيَّ، وَلَوْلَا أَنَّ قَوْمِي أَخْرَجُونِي مِنْكِ مَا سَكَنْتُ غَيْرَكِ».
وأضاف أن هذا يُبين أن الهجرة لم تكن أمرا اختياريا بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم وإنما كانت حالة اضطرارية لكنه ارتضاها لموافقة أمر الله تعالى!!.
وأوضح عضو مركز الازهر العالمى أنه مع ذلك فقد أخذ بالأسباب المادية فخطط ونفذ بكل دقة وحيطة، فكانت الهجرة فاتحة الخير والنصر على النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، حيث استطاع النبي بناء الدولة في المدينة، وأصبح للمسلمين كيان ومكانة، ورسولٌ قائدٌ يخاطب كل العالم ويصدع بالحق في كل آفاقه، ويدفع عدوان المعتدين الغاشمين على ضعاف المسلمين من خارج المدينة، حتى كتب الله له أن يعود لمكة يوم فتحها فاتحًا منتصرًا سالمًا هو وأصحابه بلا نقطة دم واحدة!!
وأكد بدوي أن العناية الربانية التي لاحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رحلة الهجرة خاصة وفي كل أحواله عامة، كانت مع الأنبياء والصالحين في كل زمان، فعندما ظن أصحاب موسى أنهم مدركون كانت الإجابة الشافية الكافية: {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ}.. [الشعراء : 62].
وكذلك كان الصد والعناد لدعوة الأنبياء من قدر الله تعالى للأنبياء، ففي صحيحِ البخاريّ، من حديث أُمّنا عائشة رضي اللهُ عنها في باب بدء نزول الوحي، ما جاء في قصة بدء الوحي وأنّهُ لمّا نزلَ الوحيُ على النبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، ورجع صلواتُ ربّي وسلَامُه عليه لِأمّنا خديجة يرجُفُ فؤادُهُ من أمر ما حدث، وذهبت بهِ رضي اللهُ عنها لِورقة بن نوفل فقال له: (هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى، يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ؟! قَالَ: نَعَمْ. لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ.)!!
صلوات ربي على النبي الهاشمي وآله وصحبه وأتباع سنته إلى يومِ الدّين..
فيديو قد يعجبك: