لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور.. الجامع العمري الكبير - بيروت

03:24 م الأحد 26 أكتوبر 2014

يُعتبر الجامع العمري الكبير من آثار الفتح الإسلامي في أوائل القرن الأول من الهجرة، تاريخ فتح بيروت عام 14هـ الموافق 635م، وهو بلا شك من أقدم أكبر جوامع المدينة.

أُطلق عليه هذا الإسم تكريماً للخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بعد أن حُوِّل من معبد وثني إلى مسجد للمسلمين، كما أطلق عليه أيضاً جامع التوبة، كما عرف الجامع أيضاً بجامع فتوح الإسلام، وعرف بجامع النبي يحيى، حيث يقول البعض بوجود قسم من جسد النبي يحيى عليه الصلاة والسلام داخل المسجد، وقد أقيم عليه قفص حديدي على يد السلطان عبد الحميد عام 1305هـ الموافق 1887م ولا يزال القفص قائماً حتى يومنا هذا.

والمسجد القديم ما زالت آثاره وأساساته موجودة في الجهة الشمالية أسفل المبنى الحالي للجامع، وقد تم اكتشاف قواعده منذ خمسين عاماً حيث كانت مطمورة بالمياه.

لمحة تاريخية

في العهد الصليبي تحول المسجد إلى كنيسة، وعام 583هـ الموافق 1187م، حرر السلطان صلاح الدين الأيوبي مدينة بيروت، وأعاد الجامع العمري الكبير مسجداً كما كان، وبعد عشرة أعوام، إحتلَّهُ الصليبيون وحوّلوهُ إلى كاتدرائية، ثم استعاده المسلمون من جديد في عهد المماليك على يد الأمير سنجر الشجاعي مولى الملك الأشرف خليل ابن السلطان محمد بن قلاوون في 22 رجب 690هـ الموافق 21 يوليو 1291م وأعاده مسجداً كما كان، بعد أن قام بإدخال بعض التغييرات والإضافات.

ترميمات الجامع

جدد الجامع حاكم بيروت زين الدين عبد الرحمن البعوني عام 764هـ الموافق 1362م، وأدخل عليه بعضاً من فن البناء والهندسة الإسلامية.

بعد ذلك تم ترميم الجامع العمري على عدة مراحل، ففي المرحلة الأولى، تم استعمال الحجر الرملي والحجر الأصفر، وذلك زمن الفتح العثماني، ثم أعيد ترميم الحجر الرملي مع المحافظة على الشكل القديم حتى لا يتغير الشكل الأساسي.

كما تم إصلاح وتزيين ضريح النبي يحيى عليه الصلاة والسلام داخل الجامع العمري الكبير على يد والي بيروت نصوحي بك، وقد صدرت إرادة سلطانية تجيز إجراء ذلك في فبراير 1887م، وذلك بإشراف والي سوريا راشد ناشد باشا، فيما عُهد إلى محي الدين بيهم بأداء النفقات اللازمة لهذا العمل، كما تم ترميمه عام 1894م، وتم تبيت لوحة رخامية تؤرخ ذلك تعلوها الطغراء السلطانية.

وفي الجهة الغربية من الجامع كان هناك الزاوية الحمراء التي بُنيت في القرن الثامن الهجري الموافق الرابع عشر ميلادي، حيث كان فيها ضريح الشيخ محمد الحمرا، وقد أزيلت هذه الزاوية وأُلحقت بالجامع العمري الكبير بعد الحرب العالمية الأولى.

وفي العام 1362هـ الموافق 1936م، صدر مرسوم جمهوري يقضي بتصنيفه ضمن الأبنية الأثرية، والسبب يعود إلى قِدم بنائه وتصميمه ووجود الكثير من النصوص التاريخية داخله، بالإضافة إلى الأعمدة الهندسية الضخمة والكبيرة، وكذلك العدد الكبير من النقوش التي منها بعض النقوش الأندلسية، وقد جددت سقوفيته والنقوش الأندلسية فيه، وتم ترميمه ترميماً عاماً من قبل المديرية العامة للأوقاف الإسلامية في بيروت بمساهمة أهل الخير والمديرية العامة للآثار اللبنانية في الأعوام 1952 و1954 و1960م.

الإضافات والترميمات الأخيرة

مر الجامع العمري الكبير بعدة مراحل من التعديلات على مر الزمن آخرها عام 2004م على نفقة المحسنة الكويتية السيدة سعاد الحميضي، وقد تم افتتاح المسجد في 4 يونيو 2004م بحضور الرئيس الشهيد رفيق الحريري وصاحب السماحة مفتي الجمهورية الشيخ الدكتور محمد رشيد راغب قباني وحشد كبير.

إستُحدِثَ في المسجد مصلى للنساء في الترميم الأخير، وذلك مكان المحال التجارية التي كانت مطلة على شارع المعرض في مبنى المدرسة العمرية، وتم نقل محراب العشرة المبشرين بالجنّة من الحائط الجنوبي حائط القبلة في مصلى النساء.

وقبالة المنبر ارتفع درج من خشب الجوز يحيط به سور من الخشب، يؤدي إلى سدّة جديدة.

دور الجامع في حياة البيروتيين

كان الجامع العمري الكبير في بيروت ألجامع الرئيسي للمدينة، والذي تقام فيه الإحتفالات الدينية ذات الطابع الرسمي والشعبي، والتي هي من تقاليد وشعائر الأمة الإسلامية، حيث كان المسلمون في بيروت ابتداءً من الوالي ونائب الشرع، والمفتي، ونقيب الأشراف، والعلماء، ومجلس الإدارة، والمجلس البلدي، والوجهاء، والأمراء، وقادة العسكر وعامة المسلمين يشتركون في هذه الإحتفالات، كالإحتفال بعيدي الفطر والأضحى، وذكرى المولد النبوي الشريف، وذكرى الإسراء والمعراج، وذكرى الهجرة، وليلة القدر، كما كانت مئذنته تُنارُ في هذه المناسبات وفي أشهر رجب وشعبان ورمضان.

كان للجامع العمري أيضاً دوراً في النشاطات الاجتماعية، حيث تأسست داخله جمعية الخلايا الإجتماعية، كما كان في الجامع في أوائل القرن العشرين مكتبة عامرة، نُقلت مؤخراً إلى أزهر لبنان.

قصة الجامع مع الشعرات النبوية الطاهرة

إحتوى الجامع العمري الكبير ولفترة من الزمن على بضع شعرات للرسول صلى الله عليه وسلم وذلك منذ أواخر عهد الدولة العثمانية وحتى بداية الأحداث اللبنانية 1975م.

أما وصول هذه الشعرات النبوية الطاهرة إلى المسجد العمري، فكانت على مرحلتين: الأولى في أيام السلطان عبد المجيد الأول، الذي أهدى بيروت إحدى شعرات النبي صلى الله عليه وسلم مكافأة لأهلها الذين بقوا على ولائهم للدولة العثمانية؛ والثانية قدمها السلطان محمد رشاد (محمد الخامس) للمدينة خلال الحرب العالمية الأولى.

وقد قدمت في صندوق ووضعت في غرفة مسقوفة بقبة، سميت فيما بعد "غرفة الشعرة"، وقد اعتاد أهالي بيروت على التبرك بهذا الأثر الكريم، حيث كان يفتح الصندوق في 26 رمضان من كل عام منذ عهد مفتي بيروت الشيخ عبد الباسط فاخوري، حتى فُقد الصندوق خلال الحرب اللبنانية.

وصف الجامع

يتكون الجامع من ثلاثة أجزاء رئيسية: حرم المسجد، المدرسة العمرية، الباحة الخارجية، مسقط المبنى عبارة عن مستطيل طوله حوالي 33 متراً وعرضه حوالي 22 متراً، يبدأ من المدخل الرئيسي في الجهة الغربية وينتهي في الجهة الشرقية بثلاث حنايا مستديرة، أكبرها الحنية الوسطى.

المدخل الرئيسي للجامع هو عبارة عن صالة مربعة مغطاة بقبو متقاطع، محمول على أربعة عقود مدببة، محمولة بالتالي على دعائم حجرية محلاّة بأنصاف أعمدة، وعلى القسم العلوي لباب المدخل يوجد بقايا زخارف نباتية، وقد رفع فوقه عتبة مستقيمة.

يتصل المصلى بالصحن الخارجي في الجهة الشمالية، عبر باب خشب عال وعريض، تعلوه قنطرة كبيرة مزينة بالنقوش والأحجار البيضاء والصفراء، في وسطها صورة شجرة سرر وبلاط أسود، أما الباب فمميّز تزينه أحجار غرانيت إلى جهته اليمنى، كتب عليها كلمة: "لا إله إلا الله" وإلى اليسرى: "محمد رسول الله"، تتقدمه ثلاث قناطر ترتفع على أعمدة كبيرة هي بمثابة رواق مسقوف، وإلى جانبه محراب صغير مزين بإطار من الرخام الأسود وأشكال هندسية مختلفة، كتب عيها أسماء الصحابة، وفي جهة من الصحن ميضأه جديدة وحديثة، حلت محل حوض الماء والبركة القديمة.

تتألف الباحة الخارجية من جزء مكشوف، وجزء مغطى، هو عبارة عن ممر محيط بالجزء المكشوف من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية، وقد تم إدخال أربعة أعمدة غرانيتية من العهد الروماني في تيجانها، حيث وُجدت الأعمدة أثناء الحفريات في الترميم الأخير.

أما المئذنة القديمة فقد أنشأها موسى بن الزين عام 1508م في عهد الأمير الناصر محمد بن الحنش، مسقطها مربع وبداخلها سلم دائري، وقد بنيت من الحجر الرملي، ولها فتحات ضيقة مستطيلة على الجدار الجنوبي، أما الإضافات الأخيرة للجامع فقد لحظت إضافة بناء مئذنة ثانية مشابهة للمئذنة القديمة لكنها أعلى وأكبر.

يوجد تحت المسجد قاعة قديمة تُعَد أقدم قاعة في بيروت، وهي مبنية بالحجر الرملي ومؤلفة من أقواس معقودة وأعمدة من الغرانيت، كانت تُستعمل لتخزين ماء الوضوء، جرت محاولة لفتحها في عام 1956م، إلا أن الأمر كان بغاية الصعوبة حيث إنَّ وضعها سيئاً جداً، فتُركت مهملة حتى عام 1998م، حيث فُتحت ونُظفت وحُوّلت فيما بعد إلى مسجد سفلي ومكتبة وقاعة للمحاضرات ومتحف إٍسلامي، كما جُهزت أيضاً بمكان للوضوء، وَوُجد فيها أثناء فتحها العديد من الآثار التي تقرر وضعها في المتحف الإسلامي.

اللوحة الرخامية

هناك لوحة رخامية مثبتةٌ على الحائط الغربي أمام المدخل الرئيسي للجامع فيها خمسة أسطر وهي:

"بسم الله الرحمن الرحيم، أنشأ هذا المكان المبارك العبد الفقير إلى الله سبحانه وتعالى ‘عبد الله بن الشيخ إبراهيم الخطيب، الإمام في جامع فتوح الإسلام في شهر رمضان من شهور عام سبع وستين وألف (13 جمادى الأخر الموافق 12 يوليو 1657) يا جامع الحسنين قد أنفقت مالي من حلال بفضل مولانا الكريم أرّخت ذو الجلال عام 1067هـ الموافق 1657م والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".

المصدر: موقع شبكة الإسلام

فيديو قد يعجبك:

لا توجد نتائج

إعلان

إعلان