إعلان

سبب حذف حرف الواو من الفعل "يدعو" في بعض آيات القرآن.. باحث لغوي يوضح

01:20 م الثلاثاء 08 يونيو 2021

القرآن الكريم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

تحدث الدكتور إبراهيم عبد المعطي، الباحث في العلوم اللغوية، حول ورود الفعل "يدعو" في القرآن الكريم محذوفًا منه الواو في بعض الأحيان، دون أن يكون هذا الفعل مجزوما، أو ان يوجد من الناحية اللغوية يقتضي حذف الواو، وذكر عبد المعطي أن هذا الأمر قد تكرر في ثلاث آيات من القرآن الكريم، منها قوله تعالى في سورة الإسراء الآية 11:"وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا"، وأكد عبد المعطي أن كتاب الله عز وجل، لا يرد فيه أمر عبثا، وإنما لدلالة معينة، فكل كلمة تدل على معنى محدد، بحسب السياق الذي وردت فيه.

وذكر عبد المعطي أن الفعل "يدعو" ورد في القرآن الكريم محذوف الواو، دون أن يكون هناك ما يتطلب الجزم، في ثلاث آيات، وبين عبد المعطي أسباب حذف الواو في هذه الآيات على النحو التالي:

قوله تعالى: " وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ "

أشار الزركشي في كتابه "البرهان في علوم القرآن" إلى أن الواو حذفت من الفعل "يدعو"؛ للدلالة على "سرعة وقوع الفعل، وسهولته على الفاعل، وشدة قبول المنفعل المتأثر به في الوجود". فحذف الواو في الفعل "يدعو" يشير إلى معنى في القرآن الكريم، هو أن حدث "الدعاء" وقع بسرعة شديدة، وأنه كان سهلا على من وقع منه الدعاء، وأنه تأثر بحدث معين، فانفعل، ووقع منه هذا الدعاء.

وأشار عبد المعطي إلى أن الهدف من حذف الواو في الفعل "يدعو"، هو الدلالة على تسرع الإنسان في الدعاء بالشر؛ لأنه يتصف بالعجلة في أمره، كما أخبرتنا الآية، فالإنسان عندما يكون غاضبا، أو يشعر بالضجر والملل، يتعجل في الدعاء بالشر على نفسه وأهله وماله، مثلما يتعجل في الدعاء بالخير، وعندما يستجيب الله لدعائه يندم على ما قال، ولكن بعد فوات الأوان.

ونقل ما أشار إليه فخر الدين الرازي في تفسيره "مفاتيح الغيب" من أن الإنسان قد يبالغ في الدعاء، لطلب شيء يعتقد أن فيه الخير، لكنه في باطنه يحمل الشر للإنسان الذي يتعجل الأمور، دون أن يتروى وينظر في حقائقها وأسرارها، وقد أوضح "الزركشي" أن حذف واو الفعل "يدعو" في الآية، يدل على أن الإنسان يسهل عليه ويسارع بالدعاء بالشر، كما يفعل في الدعاء بالخير. ويبين الدكتور عبدالعظيم المطعني في كتابه "لطائف وأسرار خصوصيات الرسم العثماني للمصحف الشريف" أن كلمة "الإنسان" وردت مرتين في الآية الكريمة: "وَيَدْعُ الْإِنسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ ۖ وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا"، وهي كناية عن جهل الإنسان بعواقب الأمور وسرعة تلهفه وإلحاحه على حصول المنافع دون صبر وتفكير في الأمر

قوله تعالى: " فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ۘ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَىٰ شَيْءٍ نُّكُرٍ"

يقول عبد المعطي إن الله سبحانه وتعالى طلب من نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعرض عن المشركين، ثم أخبره أنهم سيفاجأون يوم القيامة، عندما يبعثون من قبورهم للحساب، في مشهد فظيع، يكون صعبا عليهم، وأن هذا سيحدث بسرعة كبيرة، فالمَلَك الموكل بالبعث والنشور، يفعل هذا بسرعة، وتكون استجابة من في القبور لدعوته سريعة أيضا، وهذا ما اقتضى حذف "الواو" من الفعل "يدعو"؛ للدلالة على سرعة تحقق هذا الأمر والاستجابة له.

قوله تعالى: "سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ"

"حذفت الواو من الفعل "سندعو" في قوله تعالى: "سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ"، للدلالة على السرعة الشديدة أيضا، يقول إبراهيم عبد المعطي، مشيرًا إلى أن الآيات السابقة في سورة العلق تتحدث عن الذي يحض الآخرين على عدم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم، وينهاهم عن الصلاة، حيث قال تعالى: " أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَىٰ. عَبْدًا إِذَا صَلَّىٰ. أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ. أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ. أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ. أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ. كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ. نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ. فَلْيَدْعُ نَادِيَه"، فيحذره الله عز وجل بالعقاب الشديد السريع إن لم ينته عما يفعل، ولذلك قال تعالى: "سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ"، أي ملائكة العذاب، وحذفت الواو من الفعل "سندعو" للدلالة على سرعة وقوع هذه الدعوة، وسرعة استجابة ملائكة العذاب عند دعوتهم إلى أمر معين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان