في ذكرى وفاته.. "ابن سريج" مجدد القرن الثالث الهجري الذي بُشر بمغفرة الله
كتبت – آمال سامي:
تحل اليوم ذكرى وفاة الإمام أبي العباس أحمد بن عمر بن سريج الشافعي، في مثل هذا اليوم الخامس والعشرين من ربيع الأول عام 307 هـ، وهو أحد مجددي القرن الثالث الهجري حسبما ذكر السيوطي في كتابه "التنبئة بمن يبعث الله على رأس كل مائة"، وصفه الذهبي في سير أعلام النبلاء بـ "شيخ الإسلام" و"فقيه العراقين"، ولد رحمه الله بعد عام 240 هـ، ولحق أصحاب سفيان بن عيينة ووكيع، فسمع من تلميذ الشافعي الحسن بن محمد الزعفراني، وعباس بن محمد الدوري، وأبي داود السجستاني، وعبيد بن شريك البزار وغيرهم، وممن حدث عنه وتتلمذ على يده أبو القاسم الطبراني وأبو أحمد بن الغطريف الجرجاني وغيرهم.
يوري ابن سريج رؤيا رآها كانت نبراسًا له بأنه سيرزق علمًا غزيرًا، فيروي أنه رأى كبريتا أحمر ملأ منه أكمامه وحجره، فقيل له أنه سيرزق علمًا عزيزًا كعزة الكبريت الأحمر، وقد كان، إذ أصبح ابن سريج من تلاميذ الشافعي وأصحابه، بل كان الأفضل عليهم في زمنه، فيقول أبو إسحاق في طبقات الفقهاء: كان يقال لابن سريج الباز الأشهب، وكان فقيهًا عالمًا، معرضًا عن علم الكلام ونحوه، فكان يقول فيه: ما رأيت من المتفقهة من اشتغل بالكلام فأفلح ، يفوته الفقه ولا يصل إلى معرفة الكلام .
ويروي عنه أن أحد شيوخ العلم في عصره دخل عليه مجلسه وبشره أنه أحد المائة الذين يبعثهم الله كل مائة سنة ليجدد للأمة أمر دينها، وقال له أن الله سبحانه وتعالى بعث على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وعلى رأس المائتين الشافعي، وأما هو، ابن سريج، فهو على رأس المائة الثالثة، ثم أنشد الرجل قائلًا:
اثنان قد ذهبا فبورك فيهما عمر الخليفة ثم حلف السؤدد
الشافعي الألمعي محمد إرث النبوة وابن عم محمد
أبشر أبا العباس إنك ثالث من بعدهم سقيا لتربة أحمد
قال : فصاح أبو العباس ، وبكى ، وقال : لقد نعى إلي نفسي . قال حسان الفقيه : فمات القاضي أبو العباس تلك السنة .
وقد أثنى على ابن سريج العديد من العلماء من بعده، فيقول الشيرازي: " كان يقال لابن سريج : الباز الأشهب . ولي القضاء بشيراز ، وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي ، حتى على المزني ، وإن فهرست كتبه كان يشتمل على أربع مائة مصنف"، ويروي الخطيب البغدادي في كتابه "تاريخ بغداد": " كان ببغداد جمع للقضاة والمعدلين والفقهاء فقاموا ليمضوا إلى موضع فاتفقوا على ان يتقدمهم أبو العباس بن سريج ومنهم من هو في سن أبيه".
رأى ابن سريج قبل وفاته رؤيا تبشره بمكانته عند الله في الآخرة، فيروي الخطيب البغدادي أنه رأى رؤيا في مرض وفاته حكاها لأصحابه فقال: " أريت البارحة في المنام كان قائلا يقول لي هذا ربك تعالى يخاطبك قال فسمعت بماذا اجبتم المرسلين قال فقلت بالإيمان والتصديق قال فقيل بماذا اجبتم المرسلين قال فوقع في قلبي انه يراد منى زيادة في الجواب فقلت بالإيمان والتصديق غير انا قد اصبنا من هذه الذنوب فقال اما اني ساغفر لك".
فيديو قد يعجبك: