بعد علاج اللاعب "بنزيما" بها.. ما قصة "الحجامة" وهل هي علاج نبوي؟
كتبت – آمال سامي:
ليس اللاعب الفرنسي كريم بنزيما الوحيد، إذ نشر عدد من لاعبي كرة القدم في وقت سابق صورهم بعد إجرائهم العلاج بالحجامة، والتي يرى البعض أنها علاج نبوي... والحجامة لغة من الحجم، وهو لغة المص، والحجَّام هو المصاص وسمي بذلك لأنه يمص الدم الفاسد من المحجوم عن طريق المحجمة، وعلى الرغم من اعتتقاد البعض بأن الحجامة سنة، إلا أن العلماء قد نفوا ذلك بشكل حاسم، فهي حسبما وصفها الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء "من المباحات".
تاريخ الحجامة
يرجع تاريخ الحجامة إلى آلاف السنين التي مضت، إذ كان المصريون القدماء أول من استخدموها بنوعيها الجافة والرطبة، ويذكر يحيى بن ناصر خواجي في كتابه "الحجامة في ضوء الحديث النبوي والممارسة الطبية"، أن الحجامة أول ما نشأت كانت عند قدماء المصريين، إذ ذكر أن "ابرس باروس" قام بكتابة أقدم كتاب طبي في مصر، وصف فيه العلاج بالإدماء عن طريق الحجامة لإزالة المواد الضارة الغريبة من الجسم وكان ذلك في عام 1550 قبل الميلاد، وبعدها وفي عام 413 قبل الميلاد، كتب الطبيب هرودوتس جريسي أول كتاب عن الحجامة في مصر، وأوضح فيه كيفية استخدامها، مؤكدًا أن الفصد والحجامة هي القوة التي تفرغ الآلام من الرأس وتقلل الإلتهابات وتفتح الشهية وتزيل الدوخة، وعدد فوائد الحجامة، وذكر أيضًا في كتب في الطب الشعبي الصيني فيما بعد أن المسيح عليه السلام استخدم الحجامة في علاج بعض المرضى.
أما العرب فقد عرفوا الحجامة قبل الإسلام ولكنها لم تدون في أي كتاب، ومع بزوغ الإسلام أصبح لها شأن كبير لأنها وردت في عدة أحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم يحث فيها على الحجامة لما لها من فوائد كبيرة، ومن هذه الأحاديث:
1. في الصحيحين من حديث طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم "احتجم وأعطى للحجام أجره".
2. وفيهما أيضًا عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة، فأمر له بصاعين من طعام، وكلم مواليه فخففوا عنه من ضريبته وقال: "خير ما تداويتم به الحجامة".
3. وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنهما: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم في الأخدعين والكاهل".
4. وعن سلمى مولاة النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: "ما كان أحد يشتكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وجع برأسه إلا قال احتجم،ولا في رجليه إلا قال أخضبهما".
أصلها ليس عربيًا ولا إسلاميًا.. وليست سُنة
في فتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية أكدت فيها أن أصل الحجامة ليس عربيًا ولا إسلاميًا، إذ عرفتها الحضارات البشرية القديمة، أما عن حكمها الشرعي، فأكدت أمانة الفتوى أنها من وسائل الاستشفاء الموروثة الواردة في السنة النبوية، ولكنها أكدت أن تغير البيئة والزمن وتنوع الأمراض وتعقدها مع تطور سبل العلاج في العصر الحديث، يجعل معرفة نفعها وطرق ممارستها إلى الأطباء المختصين المرخص لهم فيها من جهات طبية معتمدة.
وليست الإفتاء وحدها، إذ أكد العالم السعودي "ابن العثيمين" في مجموع فتاواه، أن الحجامة ليست سُنة بل هي دواء إن احتاج الإنسان إليه استخدمه، وإلا فلا، وأيده في ذلك ابن باز أيضًا قائلًا ان فيها مصلحة لمن اعتادها في تخفيف الدم الفاسد عنه، فإن حجمه من يعرف هذه الأمور استفاد منها في الحال.
وذكر الدكتور علي جمعة أن الحجامة من المباحات، إذ أكد أنها من الأمور التي اجازها الشرع ووقعت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينكرها، مبينًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه قد احتجم، لكنه أشار أيضًا إلى ضرورة اللجوء للأطباء الثقات وأخذ رأيهم والإلتزام بما يشيرون به.
خالد الجندي وكريمة: ليست طبًا نبويًا
من جانب آخر، يرى الدكتور خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الحجامة من وسائل تضليل الناس، فهي أوهام لا صحة لها ينتحلها بعض من يدعون أنهم رجال دين، ففي إحدى حلقات برنامجه "لعلهم يفقهون" أكد الجندي أن كون النبي صلى الله عليه وسلم قد احتجم لا يعني ذلك أن الحجامة من الطب النبوي، بل هي طب عربي بدوي.
وأيده في ذلك الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، نافيًا من الأساس أن يكون هناك ما يسمى بالطب النبوي، إذ أكد في تصريحات سابقة لمصراوي أن ما ورد في السنة من أخبار عن الطب جاء على سبيل العادات، وما كان يستخدمه العرب في التداوي على عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مؤكدًا أن هذه الأمور ليست تشريعًا.
فيديو قد يعجبك: