أمهات المؤمنين (9) مارية القبطية: الجارية التي وهبها المقوقس للرسول فأنجبت له "إبراهيم"
كتبت – آمال سامي:
"النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ".. هكذا وصف القرآن الكريم زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مرسيًا قاعدة شرعية في النظر والتعامل والتقدير لزوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يتزوجهن أحد بعده، "فهن أمهات المؤمنين في تعظيم حقهن وتحريم نكاحهن على التأبيد" كما يقول البغوي في تفسيره، ويستعرض مصراوي جانبًا من سيرة أمهات المؤمنين رضي الله عنهن في حلقات متتابعة، واليوم مع أم المؤمنين، مارية القبطية رضي الله عنها.
هي السيدة مارية بنت شمعون رضي الله عنها، وكانت جارية في مصر أهداها ملكها المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هي واختها سيرين في العام السابع من الهجرة، واختلف في أمرها هل كانت زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم أم ملك يمين، حسبما ذكرت دار الإفتاء المصرية في موقعها الرسمي، أما أختها سيرين، وقال ابن كثير في البداية والنهاية "شيرين" فأهداها الرسول صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بن حسان.
يقول ابن كثير كانت مارية جميلة بيضاء أعجب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبها وكانت لها عنده مكانة كبيرة خاصة بعدما أنجبت ولده إبراهيم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرض عليها وعلى اختها الإسلام فأسلمتا، ويروي ابن كثير في البداية والنهاية عن الواقدي قال: حدثنا يعقوب بن محمد ابن أبي صعصعة عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي صعصعة قال: كان رسول الله ﷺ يعجب بمارية القبطية، وكانت بيضاء جعدة جميلة فأنزلها وأختها على أم سليم بنت ملحان، فدخل عليهما رسول الله ﷺ فعرض عليهما الإسلام فأسلمتا هناك، فوطئ مارية بالملك، وحولها إلى مال له بالعالية كان من أموال بني النضير، فكانت فيه في الصيف وفي خرافة النخل، فكان يأتيها هناك وكانت حسنة الدين.
ميلاد "إبراهيم" ووفاته وصبر النبي صلى الله عليه وسلم
ولدت مارية للرسول صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم في السنة الثامنة من الهجرة، في شهر ذي الحجة، وقد أسماه الرسول على اسم سيدنا إبراهيم عليه السلام، يخبرنا بذلك أنس بن مالك رضي الله عنه في الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"وُلِدَ لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم..."، لكنه توفى وهو صغير لم يكد يبلغ عامين من عمره، في السنة العاشرة من الهجرة، وحزن الرسول صلى الله عليه وسلم عليه حزنًا شديدًا، وقد روى أنس بن مالك رضي الله عنه موقف النبي صلى الله عليه وسلم وقت وفاة إبراهيم قائلًا: " فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم إبراهيم فَقَبَّلَهُ وَشَمَّهُ، ثم دخلنا عليه بعد ذلك، وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال: يا ابن عوف، إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى، فقال صلى الله عليه وسلم: إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون".
وقد واكب وفاة ابراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت كسوف الشمس، وسادت بين الناس شائعة أن الشمس كسفت لموت إبراهيم، فلم يمنعه حزنهـ صلى الله عليه وسلم، أن يخرج للناس ويدحض تلك الفرية قائلًا: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوِّفُ بِهِما عبادَه، وإنَّهما لا ينكَسِفان لموت أحدٍ، فإذا رأيتُم كسوف أحدهما فصلُّوا وادعوا حتَّى ينكشِفَ ما بكم"
توفيت السيدة مارية القبطية رضي الله عنها وأرضاها في خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في العام السادس عشر من الهجرة، ودفنت بالبقيع.
فيديو قد يعجبك: