إعلان

الإسلام والمسلمون في إثيوبيا (2).. تاريخ دخول الإسلام ودور مصر في "النهضة الإسلامية" للحبشة

02:17 م الإثنين 20 يوليو 2020

معركة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – آمال سامي:

لإثيوبيا تاريخ طويل مع المسلمين، ومع العرب بشكل عام، وهي معروفة تاريخيًا باسم بلاد الحبشة، كانت لها علاقات تجارية مع العرب، وكذلك علاقات سياسية وتاريخ من الاحتلال والاضطهاد على الرغم من هجرة المسلمين الأولى والشهيرة إلى بلاد الحبشة فرارًا من اضطهاد قريش، وفي التقرير السابق أشرنا إلى أوضاع المسلمين المهاجرين في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في أثيوبيا، وكيف عانوا هناك من الأذى والإضطهاد على الرغم من عدم وصول روايات كافية إلينا عن تلك الفترة، وفي هذا التقرير نستعرض حال الإسلام والمسلمين في الحبشة بعد عودة المسلمين المهاجرين منها..

كيف انتشر الإسلام في الحبشة؟

كانت أول سرية إسلامية تخرج للحبشة في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث فكر في العودة إلى الحبشة لنشر الإسلام هناك، فوجه إليها سرية بقيادة علقمة بن مجزز المدلجي في السنة العشرين من الهجرة، لكنها لم توفق وأصيبت، وبسبب فشل تلك السرية، يقول ف يكتابه الإسلام في الحبشة "قرر عمر ألا يحمل في البحر أحدًا للغزو"، ولم يحاول أي من حكام المسلمين بعد عمر في غزو الحبشة، فلم ترسل إليها أي حملات للفتح الإسلامي.

لكن كان للتجار المسلمين دور كبير في وصول الإسلام إليها والسيطرة عليها، فيقول يوسف أحمد في كتابه السابق، إن تجار المسلمين تدفقوا إلى سواحل الحبشة واستوطنوها، واستطاعوا أن يسيطروا على سواحلها شيئًا فشيئًا ونشروا الإسلام بين قبائلها، فاحتل المسلمون سواحل الحبشة كافة سلمًا بغير حرب، فكانت أول دولة إسلامية تقام في الحبشة كانت على يد جماعة من قريش من ابناء عقيل بن أبي طالب حيث سكنوا في مدينة تسمى جبرت، وانتسبوا بعد ذلك لها، ومازال وجودهم هناك باسم الجبرتية حتى الآن، وقاموا بإنشاء قاعدة لهذه الدولة في "وفات" وهي "جبرت" وظل نفوذهم يقوى ويتسع حتى كونوا مملكة اتسعت لتشمل سبع ممالك في القرن الثامن الهجري الموافق للقرن الرابع عشر الميلادي، وهذه الممالك هي: وفات ودوارو وأرابيني وهديا وشرحا وبالي وداره.

حروب طاحنة بين المسلمين والأحباش استمرت نحو ثلاثة قرون

يقول يوسف احمد أن الفترة التالية لذلك وحتى القرن الثامن الهجري لم يتم تدوينها تاريخيًا فلا نعرف حال المسلمين في الحبشة حتى القرن الثامن الهجري، حيث ذكر المقريزي في كتابه "الإلمام" كيف قرر نجاشي الحبشة "إسحق بن داود" الذي حكمها عام 812هـ/ 1409م. أن يطرد المسلمين من الحبشة وينتزع ممالكهم ويبيدهم، فيقول المقريزي: "لما تحضرت دولته وقويت شوكته، سولت له شياطينه أن يأخذ ممالك الإسلام، فأوقع بمن تحت يده في مملكة الحبشة من المسلمين وقائع شنيعة طويلة، قتل فيها وسبى واسترق عالمًا لا يحصيه إلا خالقه سبحانه، ثم كتب إلى ملوك الإفرنج يحثهم على ملاقاته لإزالة دولة الإسلام، وواعدهم على ذلك"، وهكذا نشبت الحروب بين المسلمين وهذا الحاكم واستمرت نحو ثلاثة قرون.

على الرغم من مقاومة المسلمين للأحباش، إلا أن المملكة الإسلامية ضعفت عقب تلك الحروب الطويلة، ففي بداية القرن الحادي عشر الميلادي، ازداد اضطهاد المسلمين في الحبشة وعجز المسلمون عن التصدي لذلك حتى كادوا يقضون على المسلمين تمامًا.

تدخل الدولة العثمانية لنجدة مسلمي الحبشة

وعقب عدة قرون، تحديدًا في القرن السادس عشر الميلادي عام 1557م حاولت الدولة العثمانية التدخل لنجدة المسلمين وانتهى الأمر بحرب عنيفة انتصرت فيها الحبشة ولم تستطع الدولة العثمانية فتحها، لكن على الرغم من ذلك، يشير يوسف أحمد إلى أن الإسلام انتشر رغم كل شيء في هضبة الحبشة ووصل لقلب الحبشة في "دمبيا" و"وكنو" حيث اعتنق كثؤر من قبائل غالا الوثنية الإسلام بعدما وجدوا فيه كثير من الفضائل، وعلى الرغم من استيلاء القبائل المسلمة بعد ذلك على عدة أماكن وازدياد نفوذ المسلمين قرابة عام 1780م، إلى حد أن نجاشي الحبشة اصبح ابن أخو زعيم "إيجو" المسلم، إلا أن الأحباش استعانوا بالبرتغاليين ليقضوا على نفوذ المسلمين بها، حيث عقدوا عهدًا مع حكومة الحبشة على دخول قسس الكاثوليك إلى الحبشة في مقابل مساعدتها في القضاء على المسلمين.

النهضة الإسلامية في الحبشة ودور مصر فيها

في بداية القرن التاسع عشر الميلادي، حدثت نهضة علمية كبيرة في بلاد الحبشة خاصة بعدما استطاع محمد علي فتح السودان واقترب من الحبشة، وينقل يوسف أحمد عن الكاتب النمساوي بولشكي الذي زار الحبشة وعبر عن اندهاشه من كثرة علماء المسلمين بها قائلًا: "مما أدهشني في بلاد غالا كثرة الدعاية الإسلامية الغيورة فيها، وقد لاحظت أن الشافعية في هرر على اتصال دائم بالحرمين في جزيرة العرب وأن المئات من الشبان يأتون لزيلغ وبربرة كل سنة للتبشير، ويتسع نطاق أعمالهم الدينية ويتقدم بسهولة بين قبائل الصومال وإن لم توجد فيهم روح الإسلام الصحيحة كثيرًا". وكانت مصر قد استطاعت السيطرة على هرر فترة من الزمن ووزعت فيها الكثير من نسخ المصاحف المطبوعة في مصر.

وقد بلغت تلك النهضة إلى أن نبه "هنتر" عام 1884م، من احتمالية انتشار الإسلام بين جميع القبائل إذا استمر الحكم الحاضر فيها بضعة سنوات أخرى، لكن ومع خروج القوات المصرية من هرر عام 1875م عاد مرة أخرى التعدي الحبشي على المسلمين واضطهادهم، فذكر المؤرخ الشهير "أرنولد" أنه في عام 1880م، أكره خمسين ألفًا من المسلمين على ترك الإسلام والدخول في المسيحية.

وبعد كل تلك الحروب لم تصمد من الممالك الإسلامية سوى سلطنة جما المسلمة والتي اسلم أهلها في أوائل القرن التاسع عشر على يد تاجر مسلم مشهور باسم نقادي شوي، وتولى الحكم فيها محمود بن داوود المعروف باسم أبا جفار، وعلى الرغم من خضوعها الكامل للحكومة الحبشية ومعاونتها لها إلا انها ظلت تفرض عليها الضرائب الباهظة طمعًا في إنهيارها بعد ثورة الأهالي على حاكمها، وهو ما لم يحدث، حتى انتهزت حكومة الحبشة فرصة وفاة أبا جفار وتولي ابنه عام 1934 لتضم جما إلى سلطتها تمامًا ويستمر مسلسل إضطهاد المسلمين فيها.

موضوعات متعلقة:
الإسلام والمسلمون في إثيوبيا (1).. هل عانى الصحابة من الاضطهاد أثناء مكوثهم في الحبشة؟


الثانويه العامه وأخبار التعليم

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان