من هي أول امرأة تحاضر بالأزهر الشريف؟
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
-
عرض 3 صورة
كتبت - سارة عبد الخالق:
كانت رائدة شجاعة من رواد الفكر الإسلامي وأول امرأة تحاضر بالأزهر الشريف وتقدم ندوة عامة للشباب، ومن أوائل من عملن في مجال الصحافة في مصر، وأول امرأة عربية تنال جائزة الملك فيصل في الآداب والدراسات الإسلامية.. إنها السيدة (عائشة عبدالرحمن) الشهيرة بـ"بنت الشاطئ".
تقول الراحلة عائشة عبدالرحمن- رحمها الله- إنها: "خريجة المدرسة الإسلامية"، فوالدها كان لا يرضى بتعليم البنات خارج المنزل، "فلم تتعلم في مدرسة ابتدائية أو غيرها مراعاة لأبيها، وتعلمت في الكتاب وهي صغيرة على يد الشيخ "مرسي" من أصدقاء والدها، وتعلمت على أيدي والدها وأصدقائه من المشايخ، كما أخذت بيديها والدتها وجدها لوالدتها وأسرة والدتها التي كانت تعرف قيمة تعليم البنات"، وفقا لما جاء في (موسوعة رجال ونساء من مصر) لمعي المطيعي.
تفوق رغم الظروف
استطاعت "عائشة عبدالرحمن" أن تختزل كل مراحل التعليم، وتمكنت من الحصول على أول شهادة كفاءة المعلمات من المنزل عام 1929م، وظلت دائما في حالة صراع بين رغبتها في استكمال دراستها ورفض والدها، فعندما تقدمت للالتحاق بمدرسة المعلمات بالمنصورة سحب والدها أوراقها، وعندما تقدم جدها لأمها بأوراقها لمدرسة اللوزي بدمياط رفض والدها ذلك أيضا، فاضطرت أن تحقق رغبة والدها وتابعت دراستها من المنزل، وحصلت على البكالوريا – القسم الأدبي عام 1934م، والتحقت بقسم اللغة العربية – كلية الآداب جامعة فؤاد الأول بالقاهرة، وحصلت على الماجستير عام 1941، والدكتوراه في الآداب عام 1950م، وناقشها فيها عميد الأدب العربي د. طه حسين، وفقا للمصدر السابق ذكره.
تدرجت في المناصب العلمية "معيدة بقسم اللغة العربية ثم أستاذا للتفسير والدراسات العليا، وأستاذ كرسي اللغة العربية وآدابها في جامعة عين شمس بمصر، وأستاذ زائر لجامعات أم درمان 1967م والخرطوم، والجزائر 1968م، وبيروت 1972م، وجامعة الإمارات 1981م وكلية التربية للبنات في الرياض 1975- 1983م، وتدرجت في المناصب الأكاديمية إلى أن أصبحت أستاذاً للتفسير والدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة القرويين بالمغرب، فدرست هناك ما يقارب العشرين عامًا وساهمت في تخريج أجيال من العلماء والمفكرين من تسع دول عربية درست بها"، وفقا لما جاء في (عائشة محمد علي عبدالرحمن المعروفة ببنت الشاطئ).
القرآن الكريم.. معلمها الأول
كانت ترى أن معلمها الأول هو القرآن الكريم، فقد روت عائشة عبدالرحمن – وهي صغيرة - أنها: "رأت في منامها أنها جلست إلى نافذة ووجدت لفافة بداخلها المصحف، ثم استيقظت من نومها وجاء في الصباح من يريد أن يختبرها وذلك في كتاب الشيخ مرسي، قرأت سورة الكهف، ثم تلت سورة الأحزاب، فسلمها هدية في لفافة أنيقة بداخلها المصحف".. "فاحتفظت بهذا المصحف طوال حياتها"، وكان المصحف هو الذي فتح لها الطريق واسعًا لكل الدراسات الإسلامية التي تفوقت فيها وأبدعت.
كانت أول امرأة تحاضر بالأزهر الشريف وتقدم ندوة عامة للشباب، وذلك كان في عام 1959 م، ومن أوائل من عملن في مجال الصحافة في مصر، فبدأت نشاطها الفكري في سن مبكرة "18 عامًا"، في مجلة "النهضة النسائية" وبعدها "بجريدة الأهرام".
مواقفها الفكرية البارزة
كانت لها مواقف فكرية بارزة وحاسمة منها: مناهضتها للتفسير العصري للقرآن الكريم دفاعا عن التراث، حتى أنها دخلت في معركة مع الدكتور مصطفى محمود عندما قدم تقسيما معاصرا للقرآن رأت فيه بعض الشطط، ومن مواقفها أيضا دعمها لتعليم المرأة وضرورة احترام إنسانيتها وفكرها، وفقا لما جاء في (فسحة القلم: مجموعة مقالات) للطيفة أسير.
وكانت دائما ترى أن المرأة تكمل الرجل، فهي لا تجد غضاضة في إرساء قاعدة حريات المرأة دون خصومة مع الرجل، وبخصوص ذلك ذكرت عائشة عبدالرحمن – مثلما جاء في كتاب (موسوعة رجال ونساء من مصر)-: "أنها تضيق بالنساء المتحذلقات اللائي يرفعن شعارات حريات المرأة وحقوقها.. وذلك في خصومة مع الرجل.. وأكدت أن المرأة تكمل الرجل، وأن الرجل يكمل المرأة"، كما كانت تفتخر وتعتز بأنها كامرأة في بيتها تعد كل شيء لزوجها حتى "تلميع وتنظيف حذائه".
- مفكرة وكاتبة وأستاذة وباحثة.. خلفت موروثاً ثقافيًا هامًا
خلفت وراءها موروثاً ثقافيًا يتعدى الأربعين كتابًا في الدراسات الفقهية والإسلامية والأدبية والتاريخية، ومن أشهر مؤلفاتها:
مقدمة ابن الصلاح ومحاسن الاصطلاح، مقال في الإنسان دراسة قرآنية، أعداء البشر، القرآن وقضايا الإنسان، التفسير البياني للقرآن الكريم، الإعجاز البياني للقرآن ومسائل ابن الأزرق، تراجم سيدات بيت النبوة رضي الله عنهن، رسالة الغفران لأبي العلاء المعري، نساء النبي عليه الصلاة والسلام.
وكانت لها رواية تعالج فيها مشكلات اجتماعية ونسائية بعنوان (سيد العزبة)، وأصدرت كتابًا بعنوان (صور من حياتهن) وقدمت قصصًا عن زوجات الرسول وأم الرسول وأمهات الأنبياء والمؤمنين والخنساء والسيدة زينب بطلة كربلاء؛ تحدثت فيه عن السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب – رضي الله عنهم -، وما عانته في واقعة عاشوراء في سنة 61 بعد الهجرة، ومقتل أخيها الحسين بن علي بن أبي طالب، والأسر الذي تعرضت له بعد ذلك، كما قدمت دراسة في فكر البهائية.
يشار إلى أن عائشة عبدالرحمن حصلت على العديد من الجوائز، كما منحتها العديد من المؤسسات الإسلامية عضوية لم تمنحها لغيرها من النساء مثل مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، والمجالس القومية المتخصصة.
توفيت السيدة عائشة عبدالرحمن عن عمر يناهز 86 عامًا في ديسمبر عام 1998م.
فيديو قد يعجبك: