عَمْرة الأنصارية.. تلميذة "عائشة" التي تعلّم على يديها الفقهاء والمحدثون
كتب - هاني ضوه :
ولدت عَمْرة الأنصارية في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان حوالي سنة 29هـ، وتربّت في حجر أم المؤمنين عائشة- رضي الله عنها- وتعلمت منها حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
في هذا التقرير يرصد مصراوي جزءاً من سيرة عَمْرة الأنصارية إحدى راويات الحديث التي التي تعلم على يديها الفقهاء والمحدثون:
نشأت عَمْرة الأنصارية عند سيدتنا أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بعد أن توفى والدها، فضمّتها هي وإخوتها وأخواتها إلى كنفها، فتربت على الإيمان والعلم والتقوى فأصبحت فقيهة المدينة في عصرها.
ولم تروِ الحديث عن السيدة عائشة فقط، بل روته كذلك عن أمهات المؤمنين والصحابيات، منهن: السيدة أم سلمة، والصحابية أم هشام بنت حارثة الأنصارية، وحبيبة بنت سهل، وأم حبيبة، رضي الله عنهن أجمعين.
وتزوَّجت عَمْرة من عبدَ الرحمن بن حارثة بن النعمان، فولدتْ له محمَّدًا الذي صار يُكنّى بأبي الرِّجال، وهو لَقب كان له منه نصيب.
وتعد عَمْرة من النساء اللاتي برزن في العصرين الراشدي والأموي، فهي سيدة نساء التابعين فقيهة عالمة بالحديث ثقة من أهل المدينة.
وشهد الإمام المحدّث سفيان بن عيينة لها بالعلم فقال: أعلم الناس بحديث عائشة ثلاثة: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير، وعَمْرة بنت عبد الرحمن.
وقد تتلمذ على يديها الكثير من العلماء والفقهاء والمحدثين ورووا عنها، ومنهم: البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وغيرهم، كما تفقه على يديها عروة بن الزبير، والإمام ابن شهاب الزهري، والإمام عمرو بن دينار.
يقول عنها الإمام الذهبي في كتابه "سير أعلام النبلاء": "عَمْرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة بن عدس الأنصارية النجارية المدنية الفقيهة تريبة عائشة وتلميذتها قيل لأبيها صحبة وجدها سعد من قدماء الصحابة وهو أخو النقيب الكبير أسعد بن زرارة.
حدثت عن عائشة وأم سلمة ورافع بن خديج وأختها أم هشام بنت حارثة حدث عنها ولدها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن وابناه حارثة ومالك وابن أختها القاضي أبو بكر بن حزم وابناه عبد الله ومحمد والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وآخرون، وكانت عالمة فقيهة حجة كثيرة العلم روى أيوب بن سويد عن يونس عن ابن شهاب عن القاسم بن محمد أنه قال لي يا غلام أراك تحرص على طلب العلم أفلا أدلك على وعائة قلت بلى قال عليك بعمرة فإنها كانت في حجر عائشة قال فأتيتها فوجدتها بحراً لا ينزف قلت اختلفوا في وفاتها فقيل توفيت سنة ثمان وتسعين وقيل توفيت في سنة ست ومئة وحديثها كثير في دواوين الإسلام".
وجاء في طبقات ابن سعد أن الخليفة الصالح عمر بن عبدالعزيز كتب إلى أبي بكر بن محمد والي المدينة المنورة انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو سنة ماضية أو حديث عمرة فاكتبه، فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله.
تعتبر عَمْرة من أهل الخبرة في رواية الحديث؛ لما وهبها الله من ذاكرة قوية، وأغلب ما روت عَمْرة من أحاديث كان عن أم المؤمنين عائشة.
وقد سأل القاسم بن محمد- أحد فقهاء المدينة السبعة- الإمامَ الزهري: أراكَ تحرص على العلم، أفلا أدلك على وعائه (مصدره)؟ قال: بلى. قال: عليك بعَمْرة بنت عبد الرحمن؛ فإنها كانت في حِجر عائشة رضي الله عنها! قال الزهري: فأتيتُها فوجدتُها بحرًا في العلم.
وقد توفيت عَمْرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وعمرها 77 سنة، وقد اختلفوا في وفاتها؛ فقيل توفيت سنة 98هـ، وقيل توفيت في سنة 106هـ رضي الله تعالى عنها.
فيديو قد يعجبك: