بابان لقلب الإنسان.. تعرف عليهما من المفتي السابق
كتب ـ محمد قادوس:
قال فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق: إن قلب الإنسان له بابان: بابٌ مفتوح على الخلق، وبابٌ مفتوح على الحق سبحانه وتعالى، وأحوال الإنسان قد يُغلق باب الرحمن فتجد قلبه قاسيًا، وتجده مشتغلًا بالدنيا، وتجده ينسى الآخرة، وتجده موغلًا في الأشياء، وفي الأشخاص، والثاني قد يُغلق باب الخلق ويغلق معه باب الحق، وهذا أقرب إلى المجانين؛ فإنه لا دنيا يحصلها، ولا آخرة يطلبها، وهذا يتأتى عند اختلال العقل؛ ولذلك فهو جنونٌ أو هو دربٌ من الجنون، والثالث ينفتح باب الحق ويغلق باب الخلق فتراه يستوحش الناس والدنيا ويعتزل، لكن قلبه مع الله، وفي كثيرٍ من الأحوال سمى الناس هذا الصنف بالمجاذيب، مجذوبٌ لله، فتراه طيب القلب، وتراه لا يؤذي أحدًا، وتراه لا يُحسن شغل الدنيا، ولا يُحسن عمارتها، وهو عند هؤلاء الناس من أهل الله درجة منحطة، وليست درجة عالية، هو فعلًا أحسن من هذا الذي أغلق باب الحق، وفتح باب الخلق، وهو أحسن ممن أُغلق عليه البابان، أغلقت عليه هذه الأبواب، ولكنه مع ذلك في صورة منحطة عن الرابع وهو الذي انفتح باب الحق وباب الخلق فخلوته في جلوته، وقلبه معلقٌ بالله دائمًا، وهو يعمر الدنيا، وكلما توغل في الدنيا كلما تعلق قلبه بالله، وكلما رأى الدنيا رآها من خلال تقواه، ومن خلال رؤيته لله.
وكتب جمعة، عبر صفحته الشخصية على فيسبوك، أنه في بعض الأحيان كان باب الخلق يُغلق على رسول الله ﷺ فيستوحش الناس وهو مكلفٌ بالتبليغ، ويشعر بالأنس بالله فيستغفر الله في اليوم مائة مرة خيفة أن ينغلق باب الخلق؛ لأنه مكلف، ولأن حال سيد الخلق ﷺ حال كمال يأبى إغلاق باب الخلق؛ فكان يستغفر الله في اليوم مائة مرة لا من ذنبٍ فعله، ولا من قصورٍ قصّره، بل لأن باب الأنوار تدخل فتُغلق باب الخلق فيستغفر الله فينفتح باب الخلق، ثم من شدة الأنوار يُغلق فيستغفر الله ، فقال: «إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ» ، سيدنا أبو الحسن الشاذلي قال: كيف هذا؟ يُغان على قلب رسول الله ﷺ يعنى تأتى سحابة أو شيء من هذا القبيل؟ فرأى النبي ﷺ في المنام وقال له: " يا عَلىّ غَين أنوار لا غَين أغيار". فهذا الغين الذي هو غين الأنوار يُغلق باب الخلق من وحشته بالخلق وأنسه بالله؛ ولذلك قالوا:
يَا سائلي عَنْ رَسُولِ اللهِ كَيْفَ سَهَى * وَالسَّــهْوُ مِــنْ كُلِّ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهِ
قَـــدْ غَــــابَ عَـــنْ كُلِّ شيء سِــــرُّهُ * فَسَهَى عَمَّا سِوَى الله فالتعظيمُ لله
أي أن سيدنا رسول الله ﷺ قد اشتغل بالله حتى غاب عن صلاته فلم يشهدها.
فيديو قد يعجبك: