شيخ الأزهر: خطبة أبي بكر الصديق يوم تولي الخلافة نصٌّ مُبدِعٌ في الديمقراطية
كتب ــ محمود على:
قال الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف: من مسائل الخلاف بين السنة والشيعة مسألة "عقد الإمامة"؛ أي بم تنعقد الإمامة؟، فعند أهل السنة طريقان تنعقد بها الإمامة لا ثالث لهما؛ إما باستخلاف الخليفة، كاختيار أبي بكر لعمر -رضي الله عنهما- ليخلفه في الحكم، وإما ببيعة فريق من العلماء وأهل الحل والعقد؛ لاختيار شخص معين، يصبح شرعا هو الخليفة أو هو الحاكم، وهذا يشبه الوضع الحالي تقريبا لكنه وضع مصغر، فمجالس النواب أو البرلمانات الآن هي التي تنوب عن الشعب في اتخاذ القرارات أو خروج الناس لمبايعة أو لاختيار الحاكم، والأغلبية هي تنوب عن بقية الشعب.
وتابع في حديثه اليومي، الذي سيذاع اليوم على الفضائية المصرية قبيل الإفطار، وأما عقد الإمامة عند الشيعة، فلا يخضع للاختيار أو للحل والعقد أو لاستخلاف الخليفة السابق، وإنما بالنص من النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بنص الأئمة؛ حيث ينص السابق منهم على اللاحق، كما نص النبي -صلى الله عليه وسلم- على سيدنا علي -كرم الله وجهه- ثم بعد ذلك في ذرية علي من أبناء فاطمة: الحسن والحسين –رضي الله عنهما- ثم في ذرية الحسين إلى يوم القيامة، مضيفًا أن الإمامة من أصول الدين عند الشيعة، لكنها من فروع الدين عند السنة، والإمام منصوص عليه ومعصوم عند الشيعة.
وعند السنة مختار ولم ينص النبي -صلى الله عليه وسلم- على أي أحد من بعده، ولا عصمة لأي إمام أو خليفة من بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بداية من أبي بكر الصديق حتى تقوم الساعة، وهذا ما أكده سيدنا أبو بكر -رضي الله عنه- حينما في خطبة التنصيب قال : (أَيّهَا النّاسُ! إِنّي قَدْ وُلّيت عَلَيْكُمْ وَلَسْت بِخَيْرِكُمْ، فَإِنْ أَحْسَنْت فَأَعِينُونِي؛ وَإِنْ أَسَأْت فَقَوّمُونِي..)، فها هو يعترف بأن الخليفة ((يسئ)) يعني: يخطئ أو يجانبه الصواب، وقوله: ((قوموني)) يعني: تعيدونني وترجعونني إلى الصواب، وبالتالي فليس لأي أحد عصمة بعد النبي –صلى الله عليه وسلم- وكأن الله –تعالى- ألهم سيدنا أبا بكر بهذا النص المبدع الجميل في الديمقراطية.
وأوضح الإمام الأكبر أن السنة والشيعة متفقون على أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب –رضي الله عنه- جاء خليفة في المرحلة الرابعة؛ إلا أن الشيعة يعتقدون أن أول إمام هو سيدنا علي، وأن النبي –صلى الله عليه وسلم- نص صراحة في "غدير خم" أمام جمع من الناس على إمامته في قوله: (من كنت مولاه فعليٌّ مولاه) وهو عائد من حجة الوداع، وبالتالي فإن خلافة أبي بكر وعمر وعثمان باطلة؛ وهم مغتصبون لحق علي، وآلاف الصحابة الذين بايعوهم خانوا الله ورسوله.
وتابع: أن المأساة الكبرى التي ما كنا في حاجة إليها أبدا، هذا الانحراف الخطير في التفكير -وهو الذي يدير رحى الحرب بين أبناء الأمة الإسلامية - هو اعتقاد الشيعة بأن الصحابة وكل من بايع الخلفاء الثلاث قبل سيدنا علي ورضي ببيعتهم خارجون على صحيح الإسلام، فقد نسب إلى الشيخ المفيد أحد شيوخ الشيعة الإمامية أن المتقدمين على أمير المؤمنين ( عليٍّ) فاسقون، وأنهم بتأخيرهم أمير المؤمنين عن مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عصاة ظالمون، وفي النار بظلمهم مخلدون، وقد وافقه بعض العلماء القدامى وبعض من علماء الشيعة المعاصرين.
وبين أن ما يقوله الشيعة في الخلفاء الثلاث وفي الصحابة ليس اتهاما من أهل السنة لهم ولا تقولا عليهم وإنما هي نصوص صريحة موجودة في كتب الشيعة الإمامية من أئمتهم القدامى، مؤكدا أن الأحاديث التي وردت في الثناء على أبي بكر وعمر وعثمان ومن كانوا حول النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنهم سيدنا علي –رضوان الله عليهم- ليس فيها لا من قريب ولا من بعيد ما يشير إلى إمامة سيدنا علي بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- ولو كان الأمر كما ذهب الشيعة لنص على ذلك صراحة بأن يقول: أيها المسلمون عليٌّ هو الإمام من بعدي، وتحسم المسألة، لكن نحن أمام نص خفي -كما قال الشريف المرتضى؛ وهو من أعمدة علماء الشيعة- يحتمل أن يكون دالا ويحتمل أن يكون غير دال ومن المعترف به في المحاورات كلها وفي المناظرات أنه لا يجوز الاستدلال بالدليل المحتمل؛ لأن القاعدة تقول: إن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، ولا يختلف على هذه القاعدة سنة ولا شيعة.
فيديو قد يعجبك: