لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

نجم يكشف بعض الآيات والأحاديث النبوية التي حرفها "داعش" لتبرير إرهابه

10:54 ص الأربعاء 03 ديسمبر 2014

الدكتور إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية -

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كشف الدكتور إبراهيم نجم - مستشار مفتي الجمهورية - بعضاً من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي حرفها تنظيم "داعش" لتبرير إرهابه، وقال في تصريحات لـ"العربية. نت": إن مرصد فتاوى التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية أصدر تقريراً حول "آيات القتال في القرآن وتوظيف التنظيمات الإرهابية السياسي، وعلى رأسها داعش لها، أوضح فيه أن الجهاد الصحيح الشرعي المحقق لمقاصد الشريعة والذي يكون تحت راية الدولة لصد العدوان وتحرير الأوطان أمر شريف، وأثره هو الهداية، أما إطلاق اسم الجهاد على التكفير، وسفك الدماء، وقطع الرقاب، وترويع الآمنين، وتهجير الناس، وسبي النساء، ونقض العهود والمواثيق، ونشر الفزع، وتخريب الديار، فهذا هو الافتراء بعينه".

ولفت إلى وجود عدد من الآيات القرآنية التي يتم تحريفها عن سياقها وتأويلها غير ما تحتمل لتبرير عدد من السلوكيات المنحرفة عن صحيح الدين، ومن أبرز تلك الآيات قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }، وأضاف: أن الإخراج من الديار وصد العدوان هي الأسباب التي ذكرها القرآن الكريم في كل الآيات التي شرعت لهذا القتال، ففي الإذن بالقتال، يقول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚوَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} فالقتال في الإسلام قتال دفاعي ضد الذين أخرجوا المسلمين من ديارهم، وفتنوهم في دينهم، ويشرع أيضاً لتحرير الأوطان لقوله تعالى {وأخرجوهم من حيث أخرجوكم}، وقال: إن هذا لا يحقق من مقاصد الشرع الشريف شيئًا، بل يحقق التصور الظالم الذي يروجه الأعداء عن الإسلام، وأنه دين قد انتشر بحد السيف، فشتان ما بين الجهاد الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم -، والذي يندفع به العدوان، وينكسر به الشر، وبين ما تقترفه التنظيمات الإرهابية من إجرام في حق الإسلام، والحجة الدامغة التي تبين بطلان هذه التنظيمات الإرهابية هو قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}.

وأضاف: أن الجهاد بمعنى القتال المسلح هو أحد المعاني التي لا تحصى للجهاد بمفهومه العام، ولا يجوز اللجوء إليه إلا دفاعاً عن حرية الاعتقاد والضمير، وحرية الأوطان، مشيراً إلى أن القتال هو الاستثناء المكروه لا القاعدة، والضرورة التي تقدر بقدرها، وكشف جملة من الأخطاء المنهجية التي وقعت فيها التنظيمات الإرهابية عند تفسيرها السقيم لآيات الجهاد في القرآن مفهوماً وممارسة، موضحاً أن أول هذه الأخطاء يتمثل في الخلل في تضييق مفهوم الجهاد بقصر الجهاد على القتال، ثم اختزاله في القتل المحض، وقطع الرقاب، مع ادعاء أن هذا التشويه هو الجهاد الذي شرعه الله، حتى جعلوا الجهاد غاية، وهو وسيلة، يتم التوصل من خلالها إلى الهداية، فإذا صدت عن الهداية فقد انحرفت عن مسارها، وانعكس أثرها.

وقال: إن هذه التفسيرات المغلوطة تحولت إلى ضرر محض يصد الناس عن دين الله، حيث قال الإمام الحافظ المجتهد تقي الدين السبكي المتوفى سنة 756هـ في كتابه "الفتاوى": "قوله صلى الله عليه وسلم لعلي لما وجهه إلى خيبر: لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير من حمر النعم"، فرأينا قوله صلى الله عليه وسلم ذلك في هذه الحالة يشير إلى أن المقصود بالقتال إنما هو الهداية، والحكمة تقتضي ذلك، فإن المقصود هداية الخلق، ودعاؤهم إلى التوحيد، وشرائع الإسلام، وتحصيل ذلك لهم ولأعقابهم إلى يوم القيامة فلا يعدله شيء، فإن أمكن ذلك بالعلم والمناظرة وإزالة الشبهة فهو أفضل، ومن هنا نأخذ أن مداد العلماء أفضل من دم الشهداء.

وذكر أن الخطأ الثاني الذي وقعت فيه التنظيمات الإرهابية هو الخلل في تشغيل منظومة الجهاد وتفعيلها، وذلك من خلال عدة أخطاء، منها أنهم ليس لديهم أدنى فهم في فقه النتائج والمآلات، وليس لديهم فقه في الموازنة بين المصالح والمفاسد، وليس لديهم أدنى فهم في فقه المقاصد، وأن الأحكام في أصلها شرعت لمقاصدها، فكيف إذا انقلب العمل إلى هدم مقاصده.

وأشار إلى أن الخطأ الثالث يتمثل في الخلل في تحقيق مناط الأحكام، فلا خلاف على شرعية الجهاد، لكن المشكلة في تحقيق مناطه، فلابد من فقه اجتهادي لا يقوم به سوى الراسخين في العلم، إدراكًا للواقع، وإذا غاب إدراك الواقع عن الفقيه تخبط في تنزيل الأحكام الشرعية عليه، حتى قال الإمام ابن القيم في "إعلام الموقعين": "ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم، أحدهما فهم الواقع، والفقه فيه، واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والإمارات والعلامات، حتى يحيط به علمًا، والنوع الثاني: فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع".

وأشار إلى أن التنظيمات الإرهابية عندها خلل في إسقاط أحكام التترس، إذ يسقطونه خطأ وجهلاً على جواز قتل المسلمين تبعاً، وبينهما فرق شاسع، يتورطون بسببه في قتل الأبرياء نتيجة الاضطراب الشديد في الفهم وإجراء الأحكام على غير محلها وموضعها، ومن ذلك أيضاً: الخلل في إسقاط أحكام التبييت، إذ يحملونه ظلماً وعدواناً على استهداف غير المسلمين ولو كانوا مسالمين آمنين، أو أطفالاً ونساءً، وغير ذلك كثير من الأخطاء الفادحة التي يلقون الله تعالى بها وهي في أعناقهم، "ولا يزال المسلم في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً" كما في البخاري.

وشدد على أن هذا الخلل عندهم في فهم الواقع خطير جداً؛ لأنهم لما كفروا المسلمين، واستباحوا دماءهم، اعتقدوا أنهم هم - دون بقية أمة الإسلام ذات الملياري مسلم في مختلف بقاع المعمورة مشرقاً ومغرباً - يمثلون الدين، فقاموا باستلاب مهام الأئمة كالبيعة والجهاد والنفير العام واعتبار أخطائهم هذه معركة مصيرية للأمة، بينما الجهاد حكم شرعي يتم اتخاذ القرار فيه من قبل مؤسسات الدولة المختصة المنوطة بذلك، وليس حماسة أو اندفاعاً، فتعتريه الأحكام التكليفية الخمسة، فقد يكون واجباً، وقد يكون مندوباً، وقد يكون حراماً، بحسب تقدير شؤونه وأحواله ومقاصده ومآلاته.

وقال: إن الله شرع الأحكام وشرع أيضاً ما يرفعها، فربما كان الجهاد في صورته صحيحاً لكنه باطل في الحقيقة؛ لجريانه على غير محله، ولخروجه عن ضوابط الشرع فيه، وإذا خرج الجهاد عن ضوابط الشرع فيها تحول إلى عدوان وقتل وسفك دماء، وسعي في الأرض بالتدمير، وإذا كان - صلى الله عليه وسلم - تكلم عن آداب الوضوء ثم قال: "فمن زاد على ذلك فقد أساء وظلم"، فجعل تجاوز المقدار المحدد شرعاً في استعمال الماء في وضوء الشخص ظلماً وإساءة، رغم أنه أمر شخصي في استعمال المياه، فكيف بمن يطيح بالرقاب، ويريق الدماء، ويروع الآمنين، ويفعل كل ذلك بمنتهى الفوضوية، وليس له في منطلقه أي تأصيل شرعي يصحح انتساب فعله إلى الشرع.

وأضاف: أن الأمر في حقيقته أهواء تتلاعب بأصحابها، وتشبع ما في نفوسهم المريضة من زعامة وتسلط على رقاب الناس، ثم هم ينسبون كل تلك الجرائم المنفلتة للشرع الشريف، فيصدون الناس عن دين الله، فالجهاد حكم شرعي، قد يكون واجباً، وقد يكون محرماً ممنوعاً إذا فقد شروطه، وأغرق أصحابه في سفك الدماء، وحولوا الجهاد من باب صد للعدوان، وحرص على تأمين المجتمعات، ووقف الانتهاك، إلى شهوة نفسية للقتل والتسلط.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان