لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في ذكرى وفاة العلامة "القاضي عياض".. تعرف على مؤلفاته ورأيه في "الغرانيق" و"التكفير"

09:57 م الإثنين 03 فبراير 2020

القاضي عياض

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- آمال سامي:

كثيرة هي الكتب التي تتحدث عن سيرة النبي، صلى الله عليه وسلم، وأقواله وأفعاله وشمائله، إلا أن كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" له مكانة خاصة، وله كذلك شهرة كبيرة؛ حتى أعادت مجلة الأزهر الشريف تحقيقه وطباعته وتوزيعه مجانًا مع أحد أعدادها في السنوات الأخيرة بتحقيق وتعليق الدكتور محمد عمارة، في ثلاثة أجزاء.

وتحل اليوم ذكرى وفاة مؤلفه العلامة القاضي عياض رحمه الله، وهو عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي الأندلسي السبتي المالكي، ولد في مدينة سبتة بمنتصف شعبان عام 476هـ، وتوفي في مثل هذا اليوم التاسع من جمادى الآخرة في مراكش عام 544هـ، وعاصر دولتَي المرابطين والموحدين.

وفي السطور التالية نتناول أبرز كتبه، وهو كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى"، مستعينين في ذلك بآراء اثنين ممن حققوه، هما: عبده علي كوشك الباحث المحقق، والدكتور محمد عمارة المفكر الإسلامي الكبير.

مَن هو القاضي عياض؟

قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء: واستبحر من العلوم، وجمع وألف، وسارت بتصانيفه الركبان، واشتهر اسمه في الآفاق.

وصل القاضي عياض في بلاده إلى مكانة ورفعة لم يصل إليها أحد قط من بلاده، ورغم ذلك فإنه كان دائم التواضع والخوف من الله سبحانه وتعالى، وقال عنه القاضي شمس الدين في وفيات الأعيان: هو إمام الحديث في وقته وأعرف الناس بعلومه وبالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم.

ويقول عبده علي كوشك، في تحقيقه لكتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى": "إن عياض كان قاضيًا عادلًا لا تأخذه في الحق لومة لائم، وكان خطيبًا وشاعرًا وكاتبًا بليغًا، وكان متقنًا للفقه والحديث وعلومه، وقد بدأ يناظر وعمره 28 عامًا، وتولى القضاء وهو في الخامسة والثلاثين من عمره. وله كثير من المؤلفات؛ أهمها كتاب (الشفا بتعريف حقوق المصطفى)، وكتاب (إكمال المعلم بفوائد صحيح مسلم)؛ حيث يعد أول شرح موسع ومكتمل لصحيح الإمام مسلم".

كتاب "الشفا بتعريف حقوق المصطفى" ومكانته وأبرز أفكاره

نعود إلى كتاب الشفا لنذكر سبب تأليف صاحبه له؛ حيث سأله سائل عن التعريف بقدر المصطفى، صلى الله عليه وسلم، وما يجب له من توقير وإكرام وحكم مَن لم يوف واجب عظيم ذلك القدر أو قصر فيه وطلب منه أن يجمع له ما للسلف والأئمة في ذلك من كلام ويبينه، وبناء على ذلك كتب عياض بن موسى كتابه الشهير في أربعة أقسام:

القسم الأول: في تعظيم العلي الأعلى لقدر النبي المصطفى قولًا وفعلًا، وهو يشمل نصف الكتاب تقريبًا.

القسم الثاني: في ما يجب على الأنام من حقوقه صلى الله عليه وسلم.

القسم الثالث: في ما يجب للنبي صلى الله عليه وسلم وما يستحيل في حقه أو يجوز عليه أو يصح من الأحوال البشرية أن تضاف إليه.

القسم الرابع: في تصرف وجوه الأحكام فيمن تنقّصَه أو سبّه، عليه الصلاة والسلام.

ووضع هذا الكتاب في نحو عام 522هـ، واشتهر الكتاب واهتم به العلماء وأثنوا عليه؛ حتى قال العلامة المؤرخ أحمد بن محمد المقري، في حديثه عن مؤلفات القاضي عياض: "فمنها كتاب الشفا الذي بلغ فيه الغاية القصوى، وكان فيه لضروب الإحسان مرتشف، وحاز فيه قصب السبق، وطار صيته شرقًا وغربًا، وقد لهجت به العامة والخاصة عجمًا وعربًا..."؛ لكن على الرغم من ذلك يعلق الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" على الكتاب، قائلًا إنه من أجل وأشرف ما صنفه القاضي عياض (لولا ما حشاه بالأحاديث المفتعلة)، وهو ما اتفق عليه كذلك محقق الكتاب عبده علي كوشك.

من ناحية أخرى، يرى الدكتور محمد عمارة أن هذا الكتاب تميز وامتاز بـ"الفقه الاجتهادي والاجتهاد الفقهي" في كثير مما جاء فيه، ولخص ذلك في أربع قضايا تناولها القاضي عياض في الكتاب؛ أولاها قضية الإعجاز والمعجزات في تاريخ النبوات والرسالات، حيث أكد عياض أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، هو أكثر الرسل معجزة وأبهرهم آية، وهو ما اتفقت عليه كتب السيرة؛ لكن عياض تميز عنهم بتمييزه للمعجزة القرآنية عن المعجزات المادية، فالمعجزة القرآنية "قد علمت قطعًا ونقلت نقلًا متواترًا؛ فلا مرية ولا اختلاف فيها.." أما المعجزات المادية "فإنه لم يبلغ مبلغ الضرورة والقطع سواء ما اشتهر منه وانتشر أو ما اختص به الواحد والاثنان..".

أما القضية الثانية فهي بشرية الرسول، صلى الله عليه وسلم، وما أضافه الإعجاز إلى هذه البشرية من مفارقة للواقع والبشرية أيضًا، حيث يؤكد عياض أن الرسول بشر كامل البشرية ولكن اصطفاء الله له من بين البشر قد جعل فيه ما يتجاوز البشرية ويؤهله للصلة بالملأ الأعلى والتعامل مع الملائكة، فيقول: إن ظواهرهم وأجسادهم وبنيتهم متصفة بأوصاف البشر، طارئ عليها ما يطرأ على البشر من الأعراض والأسقام.. أما أرواحهم وبواطنهم فمتصفة بأعلى من أوصاف البشر.. لا يلحقها غالبًا عجز البشرية ولا ضعف الإنسانية؛ فبواطنهم منزهة عن الآفات مطهرة عن النقائص والاعتلالات.

موقف العياض من "قصة الغرانيق" المشهورة في كتب السيرة والتفسير والتي تقول إن الشيطان قد ألقى على النبي في أثناء الصلاة مدح أوثان قريش، فقد كان مميزًا ومختلفًا؛ حيث فنَّد القصة وفصلها، إذ تحدث عن وهن أصل الحديث، فلم يخرجه أحد من أهل الصحة والرواة المدققين، وفي معناه حيث قال إن الأمة أجمعت على عصمة النبي، صلى الله عليه وسلم، ونزاهته من هذه الرذيلة، فيقول: وقد قررنا بالبراهين والإجماع عصمته من جريان الكفر على قلبه أو لسانه لا عمدًا ولا سهوًا أو أن يتشبه عليه بما يلقيه الملك بما يلقي الشيطان.

ويثمن عمارة موقف عياض أيضًا في هذا الكتب من قضية تكفير المتأولين؛ أي أولئك الذين لم يصرحوا بالكفر وإنما قالوا قولًا يؤدي إليه، حيث أكد القاضي عياض وجوب الاحتراز في التكفير وعدم استباحة الدماء؛ حيث أورد رأي الإمام الأشعري بترك التكفير "وإن الكفر خصلة واحدة وهو الجهل بوجود الباري تعالى".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان