في ذكرى سقوط آخر إمارات المسلمين بالأندلس.. تفاصيل معاهدة تسليم "غرناطة"
كتبت – آمال سامي:
فجائعُ الدهر أنواعٌ مُنوَّعة وللزمان مسرّاتٌ وأحزانُ
وللحوادث سُلوان يسهلها وما لما حلّ بالإسلام سُلوانُ
كان سقوط الأندلس من أكبر المصائب التي حلت بالأمة الإسلامية، فمضي في رثاءها الشعراء والمسلمون جميعًا في شتى بقاع الأرض، وكانت الأبيات السابقة من أشهر ما كتب في رثاءها، وهي القصيدة النونية التي ألفها الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي...
شروط معاهدة تسليم "غرناطة"
في الثاني من ربيع الأول، سلم الملك أبو عبد الله محمد الصغير غرناطة إلى الملك فرديناند الخامس وإيزابيلا، بعد حصار شديد استمر لمدة تسعة عشر شهرًا، وكانوا قد وقعوا على معاهدة التسليم في 21 محرم عام 897 هـ، ويروي تفاصيل سقوط غرناطة أحد شهودها العيان وهو الفقيه الأديب أبو عبد الله محمد بن الحداد الوادي آشيل، وهو مؤرخ أيضًا، قائلًا إن الاستيلاء على مدينة غرناطة آخر ما بقى من بلاد الأندلس للإسلام، وذكر المقري "أنه قد يظهر ان الصلح كان في محرم، ودخول الجيش القصبة الحمراء كان في ربيع"، وقد تضمنت معاهدة التسليم تلك 67 شرطًا، ويروي المقري شروط تلك المعاهدة في كتابه: " فح الطيب من غصن الأندلس الرطيب"، ومنها:
1. تأمين الصغير والكبير في النفس والأهل والمال وإبقاء الناس في أماكنهم ودورهم ورباعهم وعقارهم
2. إقامة شريعتهم على ما كانت ولا يحكم أحد عليهم إلا بشريعتهم
3. تبقى المساجد كما كانت والأوقاف كذلك وأن لا يدخل النصارى دار مسلم ولا يغصبوا أحدا وأن لا يولى على المسلمين إلا مسلم أو يهودي ممن يتولى عليهم من قبل سلطانهم قبل
4. أن يفتك جميع من أسر في غرناطة من حيث كانوا وخصوصا أعيانا نص عليهم ومن هرب من أسارى المسلمين ودخل غرناطة لا سبيل عليه لمالكه ولا سواه والسلطان يدفع ثمنه لمالكه
5. من أراد الجواز للعدوة لا يمنع ويجوزون في مدة عينت في مراكب السلطان لا يلزمهم الا الكراء ثم بعد تلك المدة يعطون عشر مالهم والكراء.
6. ان لا يؤخذ أحد بذنب غيره.
7. أن لا يقهر من أسلم على الرجوع للنصارى ودينهم، وأن من تنصر من المسلمين يوقف أياما حتى يظهر حاله ويحضر له حاكم من المسلمين وآخر من النصارى فإن أبى الرجوع إلى الإسلام تمادى على ما أراد.
8. لا يعاتب على من قتل نصرانيا أيام الحرب ولا يؤخذ منه ما سلب من النصارى أيام العداوة.
9. لا يكلف المسلم بضيافة أجناد النصارى ولا يسفر لجهة من الجهات ولا يزيدون على المغارم المعتادة وترفع عنهم جميع المظالم والمغارم المحدثة ولا يطلع نصراني للسور ولا يتطلع على دور المسلمين ولا يدخل مسجدا من مساجدهم.
10. يسير المسلم في بلاد النصارى آمنا في نفسه وماله ولا يجعل علامة كما يجعل اليهود وأهل الدجن.
11. لا يمنع مؤذن ولا مصل ولا صائم ولا غيره من أمور دينه ومن ضحك منه يعاقب.
لم يرض عامة المسلمين بتلك الشروط، وسرت موجة حزن كبيرة وغضب عارم بينهم، وعزم الكثير على المقاومة والاحتجاج، لكن ذلك لم يدفع السلطان إلى تغيير موقفه من المعاهدة، بل جعله يتفق مع ملك قشتالة على تسليم المدينة مبكرًا وقبل الموعد المعين في المعاهدة في مثل هذا اليوم الثاني من ربيع الأول خوفًا من تصاعد وتيرة الغضب بين الناس وخروجهم عن طاعته، وهكذا سقطت الأندلس في يد القشتاليين لتطوي صفحة كبرى من سيطرة الحضارة الإسلامية وازدهارها هناك، ولتبدأ سلسلة من الاضطهاد للمسلمين بالأندلس، فيقول عبد الرحمن علي حجي في كتابه "التاريخ الأندلسي": "تعهد الملكان بأمور كثيرة للمسلمين لكنها جميعًا نقدت واحدة تلو الأخرى"، وبدأ عصر محاكم التفتيش ومحنة المسلمين الكبرى هناك لينهزم المسلمون بالأندلس بعد مقاومات كثيرة بذلوها في مقاومة التنصير الذي قام به الإسبان ليقضى تمامًا على الوجود الإسلامي هناك.
اقرأ أيضاً..
- في ذكرى وفاة صاحبه.. تعرف على كتاب "المستدرك على الصحيحين" ومآخذ العلماء عليه
- في ذكرى وفاته.. قصة تولي "ابن طولون" مصر ووصفها بأنها "عوض الله" له
- في ذكرى تحويلها.. لم كان بيت المقدس القبلة الأولى ولماذا أراد الرسول الكعبة؟
فيديو قد يعجبك: