إعلان

الأضحية تزكية روحية

06:00 م الثلاثاء 12 يوليو 2022

الدكتور محمد علي الأزهري

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بقلم.. د. علي محمد الأزهري

عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر

الأضحية تزكية روحية فليس المقصود من الأضحية ادخار اللحم ولا الانتفاع به؛ وإنما المقصود منها التزكية؛ وأفضل التزكية التقوى قال تعالى (لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ) (الحج:37)، وجعل الله تعالى التقوى زاد من قصد البيت للحج فقال تعالى (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) [البقرة: 197] ووصى بها الله تعالى - من كان قبلنا وجعلها نبراثًا لنا فقال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131].

عُرفت الأضحية لغةً: اسمٌ لما يضحَّى بها أي: يذبح أيام عيد الأضحى، وجمعها: الأضاحي .

الأضحية اصطلاحًا: ما يذبح من بهيمة الأنعام في يوم الأضحى إلى آخر أيام التشريق رابع أيام العيد بغرض التقرب لله تعالى .

الأدلة من القرآن والسنة :

من القرآن قول الله تعالى (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)(الكوثر:2) أي عقب الصلاة انحر ذبيحتك.

ومن السنة : ما أخرجه البخاري عن أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُضَحِّي بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ وَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى صَفْحَتِهِمَا وَيَذْبَحُهُمَا بِيَدِهِ(.

حكم الأضحية : سنةٌ مؤكدةٌ عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ذكر هذا جمهور الفقهاء الشافعية والحنابلة وهو قول معتمد عند الإمام مالك؛ ووافقهم أبو يوسف في قولٍ له، وتبعهم ابن قدامة؛ وابن دقيق العيد؛ والشوكاني؛ وابن حجر وغيرهم، وذهب الحنفية إلى وجوب الأضحية وهو مخالف لما عليه الجمهور.

الحكمة من مشروعية الأضحية : استشعار نعم الله تعالى على عبده فيبذل المال ليريق دم أضحيته قربة لله تعالى.

الاقتداء بسنة خليل الرحمن إبراهيم –عليه السلام- عندما فدا الله تعالى ولده إسماعيل بذبح عظيم –بكبش- ونجا الله تعالى ولده من الذبح .

إدخال السرور على أهل البيت والأقارب والجيران والفقراء لما في ذلك من التوسعة واستشعار البهجة ومواساة الفقير وتقديم البذل في هذا اليوم .

طلب المغفرة من الله تعالى فإن الدم الذي يراق من الأضحية الله سبحانه وتعالى يغفر للمُضحي ذنوبه مالم يقترف كبيرة ومالم تكن بينه وبين العبيد مظالم؛ فيغفر للعبد مع أول قطرة دم تسيل من الأضحية، إذا اجتنبت الكبائر ومظالم العباد .

شروط الأضحية :ـ

1 ـ أن تكون من بهيمة الأنعام؛ وبهمية الأنعام الإبل البقر والجاموس والغنم والماعز .

2 ـ أن تكون الأضحية بالغة للسن المحددة؛ فالإبل خمس سنوات؛ والبقر والجاموس ثنية ـ عامان ـ وكلها تجزئ عن سبعة من المسلمين يشتركون فيها، خلا الغنم والماعز فلا تجزئ إلا عن واحد فقط ومن الغنم الثني أي من بلغ عامًا؛ ويجوز أن يذبح جذعة أي التي بلغت ستة أشهر من الغنم؛ أما الماعز فعام .

ودليل ذلك قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا تَذْبَحُوا إِلا مُسِنَّةً إِلا أَنْ يَعْسُرَ عَلَيْكُمْ فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنْ الضَّأْنِ ـ أخرجه مسلم .

3 ـ أن تكون خالية من العيوب؛ فلا تكون عمياء، ولا عرجاء، ولا هذيلة، ولا مريضة مرض بين، ويلحق بالعمياء العوراء، وبالعرجاء مقطوعة إحدى اليدين أو الرجلين، وبالمريضة المشومة التي أكلت حتى انتفخت فازداد خطرها..

4 ـ أن يكون المضحي مالكًا لها؛ فلا تصح الأضحية المسروقة أو المغصوبة أو الأمانة عنده، ولا المرهونة.

5 ـ أن تكون الأضحية في الوقت المحدد شرعًا من بعد صلاة العيد في اليوم الأول حتى قبل غروب شمس الرابع من أيام عيد الأضحى .

كيفية توزيع الأضحية : الأولى أن يتم التوزيع وفق الهدي النبوي الصحيح فثلث للفقراء وثلث للأقارب والجيران؛ وثلث للبيت، ولو زاد في إعطاء الفقراء لكان أولى له ففي الحديث عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : أُهْدِيَ لَنَا شَاةٌ مَشْوِيَّةٌ ، فَقَسَّمْتُهَا كُلَّهَا إِلَّا كَتِفَهَا ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : " كُلُّهَا لَكُمْ إِلَّا كَتِفَهَا " ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ بِلَفْظٍ : أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَا بَقِيَ مِنْهَا ؟ " قَالَتْ : مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا ، قَالَ : " بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَا " ، وَقَالَ : حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ تَصَدَّقُوا بِهَا إِلَّا كَتِفَهَا .

حكم إعطاء الجلد للجازر ـ أي الجزار ـ إن كان إعطاء الجلد للجازر كمقابل لذبحه ولا يجوز أن يُعطي الجازر أيضًا شيئًا من اللحم كمقابل للذبح، وإنما يجوز له أن يُعطيه اللحم كهدية فلا حرج، وإن باع جلد الأضحية فعليه أن يتصدق بثمنه، ويُستدل على ذلك بما رُوي عند الإمام مسلم في صحيحه عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَتَصَدَّقَ بِلُحُومِهَا وَجُلُودِهَا وَأَجِلَّتِهَا ، وَأَنْ لَا أُعْطِيَ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ : نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا .

بالنسبة لما يُسمى حديثًا بشراء صكوك الأضحية هذا جائز بشروطه المعتبرة وأن تكون مؤسسة أو جمعية مؤتمنة، والصك يُعد نوعًا من أنواع الوكالة جائزة بشروط الأضحية المعتبرة سابقًا؛ وعلى هذا فيجوز شراء الصكوك للأضاحي ويسري عليها ما سبق من شروط الأضحية؛ وله أيضًا أن يتفق على آلية التوزيع من الأضحية مع الجمعية أو الهيئة القائمة على بيع الصكوك.

التكبير في عيد الأضحى يبدا من فجر يوم عرفة التاسع من ذي الحجة ويكون عقب الصلوات ـ ويُسمى بالتكبير المقيد ـ ويستمر أيام التشريق حتى عصر يوم الرابع من عيد الأضحى أي الثالث عشر من ذي الحجة، ومن السنة أن يُكبر المرء في كل حال طوال اليوم والليل ويُسمى بالتكبير المطلق.

فيديو قد يعجبك: