مصراوي يحاور صاحبة مبادرة "أصواتهن للسلام": نستهدف تصحيح مفاهيم خاطئة لرواد سوشيال ميديا
حوار - سماح محمد
التقى مصراوي الدكتورة هبة صلاح - الباحثة والمترجمة بدار الإفتاء المصرية - صاحبة مبادرة "أصواتهن للسلام"، والتى سوف نتعرف عن أفكار المبادرة والهدف منها وما تقدمه للمرأة العربية من خلال الحوار التالى:
- في البداية.. حدثينا باختصار عن هذه المبادرة ومتى بدأت وما الهدف منها؟
مبادرة "أصواتهن للسلام" Women’s Voice for Peace هي مبادرة "شخصية" يرعاها مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد" وهي منظمة دولية تأسست عام 2012، والمبادرة تأتي من ضمن فعاليات مشاركتي في برنامج الزمالة الدولية للدول العربية 2019، وقد بدأت المبادرة وأعلنت عنها في مطلع شهر سبتمبر 2019 بهدف كسر الصور الذهنية النمطية فيما يتعلق بقضايا النساء في المجتمعات العربية (مصر والشرق الأوسط) التي أنتجتها الموروثات الثقافية الخاطئة ونسبتها زورا للأديان.
- هناك العديد من القضايا والظواهر التي تستحق أن نقف أمامها، لماذا اخترتِ موضوع مبادرتك هذا بالتحديد؟
في الواقع فكرة المبادرة بالنسبة لي بدأت قبل الالتحاق ببرنامج الزمالة العربي لكايسيد، فرسالة الماجستير التي بدأتها قبل ثلاث سنوات من الالتحاق بالبرنامج كانت تدور حول الصور السائدة عن للنساء داخل المؤسسات الدينية والمجتمعات العربية، وبعد أن انهيت البحث وحصلت على درجة الماجستير عام 2018 ظلت الفكرة تلح علي حتى جاءت الفرصة مع كايسيد لبلورتها وإخراجها إلى النور، فمن الظواهر التي رصدتها أثناء عملي على بحث الماجستير تلك العوائق التي تعاني منها النساء في المجتمعات العربية باسم الدين، فوجدت نساء يحرمن من التعليم أو الخروج للعمل، وهناك عنف جسدي يمارس ضدهن يوميا في القرى والأرياف تحت مسمى الختان باعتباره جزء من الدين، وهناك نساء يحرمن من الميراث بحجة أن الرجال قوامون على النساء، وعلى رأسها فكرة كره إنجاب البنات في الأساس وغيرها من القضايا الهامة التي تستحق أن نسلط عليها الضوء ونخرج بها من هذا الحيز الضيق الذي يظلم الدين أولا ثم الأفراد.
- لماذا فضلتِ أن تكون هذه المبادرة أو الحملة إلكترونية؟ وهل تفكرين في تطبيق أنشطة لها عملية على أرض الواقع؟
الجميع يستخدم السوشيال ميديا في عصرنا الحالي أو ما هو معروف (بالعالم الأزرق) لكن هل كل ما يقرأه أو يشاركه رواد تلك المواقع مفيد؟ من هنا تنطلق المبادرة في الأساس عبر منصات "السوشيال ميديا" (الفيسبوك وتويتر والإنستجرام)، وتستهدف رواد تلك المواقع من خلال محتوى راق بسيط قصير مصور بالفيديو للتعريف بالمبادرة وعملها، إضافة إلى عرض فيديوهات قصيرة لقصص نجاح لسيدات نجحن في تغيير ولو صورة نمطية واحدة في مجتمعاتهن، فضلا عن مجموعة مقالات مسموعة في مختلف الموضوعات ذات الصلة (لمن ليس لديه وقت للنص المكتوب)، وكذلك مقالات مكتوبة في الموضوعات ذات الصلة، وفيديوهات مسجلة مع المتخصصين في الشأن الديني (الشباب - نساء - رجال) لتوضيح المفاهيم من منظور ديني صحيح عصري.
وبالطبع اخطط أن تنطلق فعاليات المبادرة لتشمل عقد ورش عمل كل ثلاثة أشهر يتم تخصيصها لمفهوم واحد من المفاهيم الخاطئة وكيفية معالجتها من منظور اجتماعي ديني صحيح.
ففكرة السلام في هذا السياق تشير أولا إلى الخروج بالمفهوم من الحيز الضيق وهو الحرب والسلام إلى السلام الداخلي للمجتمعات وخاصة في وجود نسبة كبيرة من المفاهيم الخاطئة ناشئة عن الخلط بين العادات الاجتماعية والدين.
- لكن هل قابلتِ عقبات أو تحديات في تطبيق هذه المبادرة؟
بالطبع لابد أن يكون هناك تحديات، بالنسبة لي التحدِ الأول هو "التحدي المادي" فيجب أن تخرج المادة المصورة بجودة عالية تناسب الفكرة وتكون تكلفتها معقولة لأنني تحكمني ميزانية محددة، لكن الحمد لله وفقني الله لذلك واكتمل الفريق بأصوات للسلام، لكن التحدي مازال قائما بالنسبة لفكرة التكلفة المادية لاستمرار المبادرة، أما التحدي الثاني هو عرض الفكرة في ذاتها، أخذت مني وقتا كبيرا لوضع التصور النهائي لشكل المحتوى، كان لابد أن يخرج المنتج النهائي بلغة سهلة يفهما العامة "تناسب جمهور السوشيال ميديا" وفي نفس الوقت لغة متخصصة تخاطب الأهداف المنشودة، وهذا بالطبع يستهلك وقت وطاقة كبيرة بجانب عملي الأساسي، لكن انا أرى أن الهدف يستحق التعب والاهتمام.
- المبادرة موجهة في الأساس للنساء .. هل كان للرجال دور فيها؟ وهل لاقت صدىً عندهم؟
في بداية الإعلان عن المبادرة، طرحت علي إحدى أساتذتي هذا السؤال، وكان ردي إنه بالطبع لابد من إدماج الرجال في هذا العمل والاستعانة بأصوات المتخصصين من أهل الفكر والدين من أصحاب الفكر المعتدل المتزن ممن يدعمون هذه الأهداف، وبالطبع تم نشر محتوى ولقاءات أولهم كان لقاء مع الدكتور عيد صلاح، راعي الكنيسة الإنجيلية بالقاهرة، وكان حديثه غاية في الرقي والاستنارة عن دور النساء في الكنيسة، وكذلك كان هناك مشاركات لمقالات كتبها رجال منهم الأستاذ هاني ضوة، نائب مستشار مفتي مصر، وتحدث في مقاله عن التحرش من المنظور الشرعي الإسلامي ومقال آخر عن الأنوثة كتبه باحث سوري في العلاقات المسيحية - الإسلامية وغيرهم من رجال الدين الإسلامي والمسيحي، وأنا أعتبر ذلك إنجازا متميزا للمبادرة على أرض الواقع.
- ماذا عن التفاعل معها؟ هل هناك من الشخصيات العامة من رحب بهذه المبادرة أو شارك فيها؟
بعد مرور شهرين تقريبا منذ إعلان المبادرة، اعتقد أن ما حققته من تفاعل جيد جدا، خاصة من ردود الأفعال التي أسمعها ممن أقابلهم سواء من الأصدقاء أو الأهل أو زملاء وزميلات العمل وبالطبع على رأسهم أساتذتي ممن لهم الفضل بعد الله في هذا العمل، وعلى مستوى الشخصيات العامة، كانت لي فرصة عظيمة في تصوير لقاء مع الدكتورة/ إلهام شاهين - مساعد الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية لشؤون الواعظات -، والتي دعمت المبادرة بشدة وكان حديثها في اللقاء وافًيا وكافًيا، ومن الأخبار التي أسعدتني جدا أن مجمع البحوث أعلن منذ أيام قليلة عن تدشين حملة على خطى مبادرة أصواتهن للسلام بعنوان "معا ضد العنف الأسري" لرفع الوعي من خلال الصفحة الرسمية للمجمع، وأنا أعتبر ذلك أول ثمار المبادرة على أرض الواقع وتوصيل الرسالة للقائمين على الخطاب الخاص بالنساء في المؤسسة الدينية الإسلامية الرسمية في مصر.
- ماذا تخططين لهذه المبادرة في المستقبل؟ أو لنقل ما هي الخطوات المقبلة؟
في الحقيقة الخطوات المقبلة ستكون السعي الجاد للحصول على دعم مؤسسات المجتمع المدني المعنية بخدمة قضايا النساء في المجتمعات العربية وعلى رأسها مؤسسة الأمم المتحدة للمرأة في مصر UN Women Egypt وغيرها، ثم الانتقال إلى التوسع في تطبيق أهداف المبادرة على أرض الواقع وخاصة الوصول إلى المناطق الريفية والصعيد، حيث إن الغالبية العظمى لا تستخدم السوشيال ميديا.
فيديو قد يعجبك: