لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

في ذكرى وفاته.. آق سنقر "قسيم الدولة" الذي أنقد حلب وأسس نظاماً فريداً للأمن

08:58 م الإثنين 26 نوفمبر 2018

مسجد جامع حلب الذي تم تجديد منارته في عهد آق سنقر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – سارة عبد الخالق:

ترك بصمة واضحة في تاريخ بلاد الشام.. نُقش اسمه على منارة مسجد حلب الجامع.. نعمت البلاد في عهده بالأمن والأمان والاستقرار.. شهد الجميع أن فترة حكمه التي امتدت إلى ثمانية أعوام كانت من أزهى عصور حلب على الإطلاق.. ورث محبة الناس لابنه الصغير، إنه القائد المسلم (آق سنقر الحاجب) ، تولّى حُكم حلب وعدة مدن حولها مثل حماة واللاذقية.

وفي التقرير التالي يرصد مصراوي أبرز المعلومات عن القائد المسلم الملقب بقسيم الدولة، في ذكرى وفاته في مثل هذا اليوم 26 نوفمبر 1126م وفي بعض المصادر عام 1094م.

كان آق سنقر مقرَّبًا بدرجة كبيرة إلى قلب السلطان ملكشاه بن ألب أرسلان لدرجة أنه أنعم عليه بلقب عجيب، وهو «قسيم الدولة»، ومعنى اللقب أن يقتسم معه إدارة الدولة وشؤونها، وهي منزلة رفيعة جداً.. أما كلمة "آق" في اللغة العثمانية فتعني اللون "الأبيض"، وهي تعني أيضاً: "طَاهِر" أو "عَفِيف".

قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية: "كان قسيم الدولة من أحسن الملوك سيرةً، وأجودهم سريرة، وكانت الرعية في أمن وعدل ورخص"، ووصفه ابن الأثير في (الكامل في التاريخ) قائلا: "وكان قسيم الدولة أحسن الأمراء سياسةً لرعيته، وحفظًا لهم، وكانت بلاده بين رخص عام وعدل شامل وأمن واسع"، وقال عنه ابن العديم في (زبدة الحلب) : "وكان قسيم الدولة شديد التقوى، عميق الإيمان".

كان الوضع في حلب مزريا نتيجة صراعات دموية ونزاعات قائمة في هذا الوقت بين حكام وأمراء هذه المنطقة من أجل السيطرة على حلب، وعانت البلاد من الفوضى والاضطرابات وعدم الأمان، نظراً لاهتمام الحكام بالصراعات وعدم التفاتهم للأمور الداخلية والاقتصادية والزراعية وكافة شئون البلاد، مما أدى إلى تراجع واردات البلاد وفرضت ضرائب باهظة على السكان، وبسبب ارتفاع الأسعار انتشر اللصوص في المدينة، وبعد النتيجة التي آلت إليها البلاد وقُتل من قتل، أرسل أهالي البلاد إلى السلطان العادل "ملكشاه " لتسلم مدينة حلب، فوافق، وفقا لما جاء في (دخول الترك الغزا الشام) لشاكر مصطفى – المؤتمر الدولي الأول لتاريخ بلاد الشام، و(زبدة الحلب) لابن العديم.

ونتيجة الحالة السيئة التي وصلت إليها البلاد، أراد "ملكشاه" إسناد إدارتها إلى شخص يثق فيه وفي نزاهته وورعه وقدراته وأخلاقه، فكان هذا الرجل هو قسيم الدولة "آق سنقر الحاجب"، فتسلم زمام الأمور في يناير 1087 م، وبهذا بدأ الحكم السلجوقي لمدينة حلب، وأعطي بجانب حلب عدة مدن أخرى في المنطقة منها حماة واللاذقية وغيرهما، وفقا لما جاء في كتاب (الكامل في التاريخ) لابن الأثير.

وبدأت التغييرات والإصلاحات تتضح وتظهر منذ تولي آق سنقر الحاجب، الذي مارس عمله بكل نشاط، ولجأ إلى سياسة أخرى ساهمت في الحفاظ على أمن البلاد، ألا وهي مبدأ المسئولية الجماعية لكل قرية أو قطاع في المدينة، بمعنى إذا تعرض أي إنسان أو قافلة في قطاع معين أو مكان ما، فإن أهل هذه القرية يتحملون مسئولية الدفاع عن الشخص الذي أًلحق به الضرر، وفي حالة إذا سُرقت أمواله، فإنهم يجتمعون معا لتعويضه، فأصبحت مهمة الأمن والأمان موكلة للجميع للحفاظ على البلاد، وصارت المسئولية جماعية، وفي شهور قليلة ساد الأمن والأمان في حلب، ومن ثم بدأت الأوضاع الاقتصادية والزراعية والتجارية تستقر، وتحسنت الأحوال في البلاد بشكل كبير، وأصبح لحلب شأن كبير بين الإمارات المجاورة، وفقا لما جاء في (قصة الحروب الصليبية) لراغب السرجاني و(الباهر) لابن الأثير، و(مرآة الزمان) لابن الجوزي.

ونادى "آق سنقر" في أهل حلب بسبب حالة الأمن التى أرساها في البلاد: ألا يرفع أحد متاعه من الطريق إذا أراد أن يذهب إلى مكان بعيد ثم يعود، بل يتركه دون حراسة، وهو ضامن له ألا يُسرق.

كما كانت له إسهامات في مجال العمارة وغيرها من المجالات، فاهتم مثلا بـ "تجديد منارة مسجد حلب الجامع"، ونُقش اسمه منقوشا عليها، وفقا لما جاء في كتاب (زبدة الحلب) لابن العديم.

وقد نعمت البلاد طوال فترة حكمه بالأمن والأمان والاستقرار، لكنه في نهاية المطاف تعرض للقتل على يد "تتش بن ألب أرسلان" أخو السلطان ملكشاه، والذي كانت له أطماع في فرض سيطرته على الشام بأكملها، كما كان يغار من قسيم الدولة "آق سنقر" الذي وصل إلى هذه المكانة، وكان مقربا من أخيه "ملكشاه"، فعندما توفى "ملكشاه" ودارت الأحداث، وتقدم "تتش" صوب حلب لإحكام سيطرته عليها، وخرج له "آق سنقر" بعد أن استغاث ببعض الأمراء، لكن بعد تأخر الأمراء في القدوم، واجه "آق سنقر" "تتش" بجيشه وحده، مما أدى إلى تكبده هزيمة مفجعة، أدت إلى وقوعه أسيرا في يد "تتش" الذي قام بقتله على الفور في مثل هذا اليوم من عام 1094 م، ومازال ابنه عماد الدين زنكي صغيرا لم يتجاوز 10 أعوام، وفقا لما جاء في كتاب (الكامل في التاريخ) لابن الأثير.

هذا الابن الصغير الذي ورث حب الناس بسبب أبيه، حيث قال ابن الأثير في ذلك: "توارث أهل حلب الرحمة عليه إلى آخر الدهر".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان