إعلان

وداعًا قيثارة السماء..!

الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدي

وداعًا قيثارة السماء..!

02:45 م الثلاثاء 20 نوفمبر 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

حسن محمد

حينما تسمعه لا تصدق أبدًا أن هذا صوت بشرٍ؛ فقد حباه الله بمزمارٍ جعله حبة لؤلؤ في عقد فريد.. إنه القارئ الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدي.

لم يكن يومًا متاجرًا بصوته؛ فقد جابت شهرته الآفاق، وطاف ببلاد كثيرة، بل إنه ذهب إلى نجوع وكفور وقرى؛ ليس من أجل المال، ولكن تلبية لرغبة محبيه وعشاقه ومستمعيه.

ولقد شرفت كثيرا بالاستماع إلى ذلك الصوت الندي، الذي يجذب القلوب قبل الآذان والأبصار. حينما تنظر في وجهه تشعر فيه بملامح الأرض الطيبة التي أنجبته، وبتواضعه الجم، وأخلاقه الرفيعة.

وكيف لا؟ فلقد تربى هذا الشيخ الفذ على يد عمالقة القراءة، واستمع إليهم، وتراه حينما يتحدث عن الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، والشيخ مصطفى إسماعيل، والشيخ كامل يوسف البهتيمي- يتحدث بأدب التلميذ مع أساتذته، فها هو (رحمه الله) يقول:

"تأثرت بالشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ المنشاوي وهم أول قراء للقرآن سمعناهم، وكذلك الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ البهتيمي، فهؤلاء جميعا سادوا العالم، وكانوا قممًا في التلاوة، لكن الشيخ عبدالباسط ساد العالم وحده بصوته.. وهذه هبة من الله".

القارئ الشيخ محمود أبوالوفا الصعيدي من مواليد عام 1954م في قرية كلح الجبل، محافظة أسوان في مصر.

بدأ رحلته مع القرآن قبل سن الرابعة على يد والدته التي اشتهرت بتعليم أولادها القرآن الكريم، حيث كان والدها من كبار رجال الدين في القرية، وبعدها التحق بكتّاب القرية كعادة أهل صعيد مصر. وحصل على دبلوم الثانوية التجارية عام 1972م وعمل بالشؤون الاجتماعية.

انتقل من أسوان للعمل في القاهرة كي يتسنى له دراسة القراءات وعلوم القرآن في صحن الأزهر، وقد سهّل له هذه المهمة أخو والدته السيد سعد محمد أحمد، وزير القوى العاملة وقتها. وبعدها ترك الوظيفة كي يتفرغ لكتاب الله ويلبي طلبات المستمعين في داخل مصر وخارجها.

في خضم هذه الحياة العامرة بالقرآن، لم يكن الشيخ (رحمه الله) يتوانى عن تعليم أبنائه وتربيتهم، فكافأه الله فيهم، ورزقه بزينب، طبيبة أسنان، ومنيرة، وأحمد، وإبراهيم، صيادلة، والإمام علي، في المرحلة الابتدائية.

ستون عامًا قضاها الشيخ في رحاب القرآن، وكان أول ما صدح بكتاب الله على الهواء مباشرة كان بمسجد السيدة زينب، وقد تعلق قلبه بالمسجد، فخرجت منه جنازته، أمس الاثنين.

هنيئًا لأهل السماء بك وبصوتك الرخيم، فلإن أطربتهم وهم عند ربهم، فعزاؤنا فيك أنك أطربت أسماعنا وقلوبنا من قبلهم.

إعلان

إعلان

إعلان