بعد نشر صور مقتل علي عبدالله صالح .. هل إهانة القتيل ولو كان ظالمًا من أخلاق الإسلام؟!
بقلم - هاني ضوه:
نائب مستشار مفتي الجمهورية
كما النار في الهشيم .. انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي ومواقع الإنترنت صور مقتل الرئيس اليمني السابق المخلوع علي عبدالله صالح الذي نقلت وسائل الإعلام خبر مقتله على يد الحوثيين، وأظهرت الصور الطريقة المهينة التي تعاملوا بها مع جثته ربما وصلت إلى حد رميها وإهانتها والتمثيل به.
لست بصدد الدفاع عن القتيل أو الإدانة لأفعال علي عبدالله صالح، فقد أفضى إلى ما قدم وحسابه على ما فعل عن الملك العدل الذي لا يُظلم عنده أحد، ولكني أتحدث عن غياب الإنسانية والرحمة لدى الناس، وانتهاك حرمة الأموات حتى ولو كانوا ظالمين.
كانت العرب قديمًا قبل الإسلام تأنف وتستنكر أن يمثَّل بمقتول أو يهان، ويدل على ذلك أنه في غزوة أحد وقف أبو سفيان ينادي وكان كافرًا، والنبي صلى الله عليه وسلم مع اصحابه في جبل احد، فقال أبوسفيان: لقد كانت في القتلى مُثلَّى لم أرضها، وهذا يبين أن حتى المشركين كانوا يستنكرون هذا الفعل لأن للإنسان كرامة، كما أن الميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه.
وإهانة جثث القتلى والتمثيل بها حتى في الحرب أو مع غير المسلم أمر غير شرعي ولا أخلاقي، فهو محرم بنص الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، فالتمثيل بالمقتول يتنافى مع الإسلام ومع كرامة الإنسان ومع القيم العليا في الشريعة الإسلامية.
وقد حفلت السيرة النبوية المشرفة والسنة المطهرة بالكثير من الأحاديث النبوية الشريفة التي نهى فيها نبي الرحمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم عن التمثيل بالقتلى، ونقلها عدد غير قليل من أصحابه الكرام، منهم على سبيل المثال: بريدة بن الحصيب، وعمران بن الحصين، وعبدالله بن عمرو، وأنس بن مالك، وسمرة بن جندب، والمغيرة بن شعبة ويعلى بن مرة، وجرير بن عبدالله، وعبدالله بن يزيد، وأسماء بنت أبي بكر رضوان الله عليهم اجمعين.
ومن تلك الأحاديث الشريفة، ما أخرجه الإمام البخاري عن عبدالله بن زيد رضي الله عنه أن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن النهبة والمثلة.
وما أخرجه الإمام أحمد والإمام مسلم والأربعة عن بريدة رضي الله عنه مرفوعا: "اغزوا باسم الله في سبيل الله ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدًا".
وما أخرجه أيضًا الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة».
وما أخرجه الإمام أحمد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه قال: «نهى رسول الله عن المثلة».
أما نشر مثل هذه الصور التي تظهر إهانة القتلى والتمثيل بهم حتى ولو كانوا ظالمين فهو أمر غير إنساني ولا من أخلاق الإسلام، ولا من الرحمة التي جاء بها الحبيب سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهي تقسي القلب وتقتل الرحمة فيه.
وقد كان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله قد منع ونهى عن أن يمر المجاهد بالأسرى من النساء على آبائهم وإخوانهم وأبنائهم القتلى، لأن ذلك يحزنهم ويؤذيهم في أهلهم، فما بالكم بعرض مثل هذه الصور في شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من المواقع فتصل إلى ملايين البشر في مختلف بقاع الأرض؟!!!
نعم علينا أن نكره الظلم والظالمين، ونعم لنا أن ندعوا الله أن يرينا فيهم انتقامه وعزيز قدرته، ولكن إهانة المقتول ولو كان ظالمًا أو التمثيل بجثه فليس من أخلاق المسلمين ولا من الإنسانية.
أما الظالم فحسابه عند رب العالمين، وعند الله تجتمع الخصوم.
فيديو قد يعجبك: