هل اقترب يوم القيامة ؟(3)
إعداد - أحمد هاشم:
إستكمالا لسلسة هل اقترب يوم القيامة؟، والذي يتحدث عن علامات السَّاعَة الصغرى فقد تطرقنا في الجزء الأول والثاني إلى العلامات التي ظهرت وانقضت.
أما في الأسطر القادمة سنسرد علامات السَّاعَة الصغرى التي مازالت مستمرة وتتبع وهي (ظهور الفتن وتَمنِّ الموت من كثرتها وتقارب الزمان وخروج أدعياء النبوة وأن تلد الأمة ربتها وتطاول الحفاة العراة رعاة الشاة في البنيان).
1- ظهور الفتن:
الفتنة هي الابتلاء والامتحان والاختبار ثم كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه ثم أطلقت على كل مكروه أو آيل إليه كالإثم والكفر والقتل والتحريق وغير ذلك من الأمور المكروهة.
وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من أشراط الساعة ظهور الفتن العظيمة التي يلتبس فيها الحق بالباطل فتزلزل الإيمان حتى يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا.
ففي الحديث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشي والماشي فيها خير من الساعي فكسروا قسيكم وقطعوا أوتاركم واضربوا سيوفكم الحجارة فإن دخل على أحدكم فليكن كخير ابني آدم)) رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه والحاكم في (المستدرك).
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة جامعة فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم. وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها. وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها. وتجيء الفتنة فيرقق بعضها بعضاً. وتجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه. فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر)) رواه مسلم.
2- تَمنِّ الموت:
وهذه العلامة بالتحديد هي ما يظهر أمامنا في عالمنا اليوم، فنرى كثيرًا من المسلمين يتمنون الموت يومًا بعد يوم للهروب من أزماتهم وللبعد عن متاعب الحياة .
ولابد أن نعلم أن الإنسان ما ينبغي له أن يتمنَّى الموت أو يدعو به، فإن ذلك منْهيٌّ عنه، وعمر المؤمن لا يزيده إلا خيراً، إن كان محسناً ازداد من الخير، وإن كان مسيئاً فإنه يُقلع عن الذنب ويتوب منه.
ويدل على هذا ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( لا يتمنَّينَّ [لا يتمنَّى] أحدُكُم الموت، إما مُحسناً فلعله أن يزداد خيراً، وإما مُسيئاً فلعله أن يُستعتب)) .
3- تقارب الزمان :
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من علامات قُرْب السَّاعة أن يتقارب الزمان فقد أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( لا تقوم الساعة حتى يُقْبَضَ العلمُ، وتكثُر الزلازلُ، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج: القتل القتل؛ حتى يكثر فيكم المال فيفيض)).
وفي هذا الزمان الذي يعم فيه العناء والبلاء وتكثر الشهوات، وتتكالب على الإنسان الشبهات التي تزعزعه، وتجعله لا يثبت على الإيمان، وربما يبيع دينه بعرضٍ من الدنيا، كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلف أهل العلم في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "يتقارب الزمان" على أقوال منها:-
1- نزع البركة من كل شيء حتى من الزمان، وذلك من علامات قرب قيام السَّاعة، فيصير الانتفاع باليوم كالانتفاع بالساعة الواحدة.
2- المراد بتقارب الزمان: استواء الليل والنهار.
3- قرب يوم القيامة، واستدلوا لذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ))
4- المراد: تقارب أهل ذلك الزمان في الشرِّ والفساد والجهل.
والراجح: أن المراد بـ"تقارب الزمان": هو قصر الزمان ويؤيد هذا ما أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمانُ، فتكون السَّنةُ كالشهرِ، ويكون الشَّهر كالجُمُعة، وتكون الجُمعة كاليوم، ويكون اليومُ كالساعةِ، وتكونَ السَّاعةُ كاحتراق السَّعْفَةِ )).. (صحيح الجامع: 7422).
4- خروج أدعياء النبوة:
أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أنه سيخرج في هذه الأمة دجَّالون يدَّعون النبوة، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن عددهم قريب من ثلاثين، وحددهم في بعض الأحاديث بسبعة وعشرين.
• ففي "صحيح البخاري ومسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تقوم الساعة حتى يُبعَث دجَّالون كذَّابون قريب من ثلاثين، كلٌّ يزعم أنه رسول الله" .
فادَّعَى النُّبُوة الكثير من الرجال أمثال (مسيلمة الكذَّاب و سجاح بنت الحارث التغلبية وطليحة بن خويلد الأسدي ) وثقة في حديث رسولنا الصادق صلى الله عليه وسلم أنه سيظهر من يدعي النبوة الكثير والكثير فنسمع أحياناً ان هناك رجلًا في مكان ما يدعي أنه نبي يوحى اليه وأخر من يدعي بأنه المهدي المنتظر وأخر من يدعي بأنه المخلص والشافي من أمراض الدنيا... ألخ.
5- أن تلد الأمة ربتها :
ومن علامات الساعة وأشراطها التي أخبر بها النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ستقع هو أن تلد الأمة ربتها، كما ورد ذلك في حديث جبريل المشهور الذي رواه مسلم في صحيحه عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:(( أن جبريل - عليه السلام - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: فأخبرني عن الساعة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما المسئول عنها بأعلم من السائل، قال: فأخبرني عن إماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاه يتطاولون في البنيان)).
وهذه العلامة هي دلالة على تغير الأحوال وانقلاب الموازين؛ حيث يصبح السيد عبدًا؛ والعبد سيدًا؛ والرفيع وضيعًا والوضيع رفيعًا.
قال الكثير من العلماء: هو إخبار عن كثرة السراري وأولادهن، فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها؛ لأن مال الإنسان صائر إلى ولده، وقد يتصرف فيه في الحال تصرف المالكين، إما بتصريح أبيه له بالإذن، وإما بما يعلمه بقرينة الحال، أو عرف الاستعمال.
6- تطاول الحفاة والتباهي بالبنيان :
من علامات الساعة التي ظهرت وأخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم تباهي الناس بالعمارات وزخرفة البيوت بعد أن كانوا حفاة عراة يرعون الغنم وذلك بعد فتوحات المسلمين وكثرة الخيرات والاموال وشيو التنافس على الدنيا.
فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث جبريل ومجيئه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤاله عن الإسلام والإيمان والإحسان وعن الساعة أخبره صلى الله عليه وسلم عن إماراتها وذكر:(( أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان))
ولا شك أن بناء البيوت والعمارات ورفعها ليس حرامًا اذا كان فيها منافع وليس للفخر والخيلاء والكبر.
يتبع .....
فيديو قد يعجبك: