خطف المدنيين في رأي الرسول الكريم
يروج بعض المغرضين الكثير من الافتراءات على الإسلام ورسوله، ومن هذه الافتراءات خطف المدنيين، في الحرب أو السلم.
هناك من الأدلة الكثير والكثير على نهي رسولنا الكريم أصحابة وأتباعه عن خطف المدنيين، سواء كان بينهم وبيننا حروب أو خلاف أوحتى نقض معاهدات.
نهى رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" عن قتل النساء والصبيان [متّفق عليه]، وقال: "لا تقتلوا وليداً" [رواه أبو داود] وأمر خالد بن الوليد فقال له: "لا تقتلنّ ذرية ولا عسيفاً" [صحيح سنن ابن ماجه]. والذرية بمعنى النساء والصغار، العسيف هو الأجير، وهويشمل كلّ من يستأجر لأداء خدمات لا تتّصل بالقتال كالعمّال في المصانع، والأطباء والعاملين في المستشفيات، وأمثالهم.
كما نهى النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" عن قتل الشيخ الفاني [سنن أبي داود]، وعن قتل الرهبان وأصحاب الصوامع الذين يحبسون أنفسهم لله [المدونة لمالك]، و[جامع الأصول] و[مصنّف ابن أبي شيبة].
وثبت منع قتل الرهبان عن أبي بكر، وذكر جابر بن عبد الله في مصنّف ابن أبي شيبة أنهم "كانوا لا يقتلون تجّار المشركين".
وقد قاس جمهور الفقهاء من الأحناف والمالكية والحنابلة على هذه النصوص أنواعاً أخرى من غير المقاتلين كالمقعد والأعمى والمعتوه، وقوم في دار أو كنيسة ترهبوا وطبق عليهم الباب [بدائع الصنائع للكاساني] [المغني لابن قدامة] والأُجَرَاءِ والحراثين وأرباب الصنائع [حاشية الدسوقي على الشرح الكبير].
ووضع الإمام الشوكاني ضابطاً واضحاً للقياس على النصوص في هذه المسألة، وهو عدم جواز قتل من لا يرجى نفعه للعدو، ولا ضرره على المسلمين" [نيل الأوطار للشوكاني].
لم يقرّ الرسول "صلى الله عليه وآله وسلّم" اختطاف سلمة بن الأكوع لأربعة من المشركين بعد صلح الحديبية، ظناً منه أنّ المشركين نقضوا الصلح، وقال "صلوات الله وسلامه عليه": "دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثُنَاه" صحيح مسلم، وقال "صلى الله عليه وآله وسلّم": "استوصوا بالأسارى خيراً" [رواه الطبراني وإسناده حسن].
وروي عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلم" قوله: "أحسنوا إلى أسراكم وقيِّلوهم واسقوهم" [إمتاع الأسماع للمقريزي]؛ وقوله "صلى الله عليه وآله وسلم": "لا تجمعوا عليهم حرّ هذا اليوم وحرّ السلاح"[فتح الباري].
وقد أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى "فكانوا يقدّمونهم على أنفسهم عند الغداء" تفسير ابن كثير.
أكّد رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" هذه القاعدة في كثير من أحاديثه، منها قوله: "لا يجني جان إلاّ على نفسه" [رواه ابن ماجه]، وقوله: "لا تجني نفس على أخرى" [رواه النسائي وابن ماجه].
وقد صرّحت بعض الأحاديث بمنع قتل المعاهدين من غير المسلمين، كقوله "صلى الله عليه وآله وسلّم": "من قتل نفساً معاهدة بغير حلّها حرَّم الله عليه الجنّة أن يشمّ ريحها" [رواه النسائي].
الخطف هو اعتداء على الغير، سواء كان مسلماً أم غير مسلم، وهو نوعٌ من أنواع البَغْي الذي نهى الله عنه، وحَّرمه بقوله: {إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي}..[النحل: 90] وقال تعالى: {..ولا يجرمنّكم (أي لا يحملنكم) شَنَآنُ (أي بغض) قوم أن صدّوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا}..[المائدة: 2].
أرشدنا القرآن إلى وسيلة أمثل لمنع تكرار الفجور، وبيّن لنا أنّ العفو والصفح هو الذي يدرأ السيئة أي يمنع تكرارها: {..اِدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه وليٌّ حميم..}..[فصّلت:34]، {واِدفع بالتي هي أحسن السيئة}..[المؤمنون:96] ووصف المسلمين بأنهم: {يدرأون بالحسنة السيئة}..[الرعد: 22] و [القصص: 54].
المصدر - البوابة الدينية للاهرام
فيديو قد يعجبك: