لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

بالصور.. تاريخ تطور الجيش في النظام الإسلامي

12:35 م الإثنين 08 ديسمبر 2014

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

الجيش لفظ يُطْلَقُ على الجند، كما يُطْلَق على جماعة الناس في الحرب، وقيل: الجيش جند يسيرون لحرب أَو غيرها، ومثل غيره من أجهزة الدولة الإسلامية بدأ الجيش بداية متواضعة، ثم سرعان ما نما حتى وصل إلى مرحلة متقدِّمَة، وصار له نظامه الخاص.

الجيش قبل الإسلام

والحقيقة أن العرب قبل الإسلام لم يكن لهم نظام خاصٌّ للجند لبداوتهم، وإنما كان كل رَجُلٍ يَقْدِر على حمل السلاح يخرج للقتال إذا ما دَعَا الداعي؛ دفاعًا عن العشيرة والقبيلة، وكانت أسلحتهم السيف، والرمح، والقوس، وكان يقودهم زعيم من زعمائهم أَلِفَ القتال، وعُرِفَ بالشجاعة، وكثيرًا ما يكون رئيس القبيلة.

الجيش في النظام الإسلامي

ولما جاء الإسلام، وأُذِنَ للمسلمين في القتال والجهاد في سبيل الله، كان كل مسلم جنديًّا، وله من حُبِّهِ لدينه ما يدفعه إلى المبادرة إلى الجهاد، والاستشهاد في سبيل الله.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم هو القائد الأعلى لجيش المسلمين، وبعد وفاته كانت الأحوال قد تطوَّرَتْ، وميادين القتال قد كثرت، وتعدَّدت الجيوش في الأماكن المختلفة؛ فأصبح من العسير على الخليفة أن يقوم بمهمَّة القيادة بنفسه، فأسندها إلى مَنْ يَصْلُح لها ممَّن عُرِفَ بالشجاعة، والنجدة، والإقدام، والحزم، وحُسن التدبير، وقد كانت الطاعة واجبة لهؤلاء القوَّاد، وكان القوَّاد يعرضون الجند قبل لقاء العدُوِّ؛ حتى يطمئنُّوا عليهم وعلى عُدَّتهم، كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم، ومتى انتهى القتال أصبحت مهمَّة القائد النظر في أمر الجند وتدريبهم، وتحسين معداتهم، والاستزادة منها.

وقد عني عمر بن الخطاب بأمر الجند، وأنشأ لهم ديوانًا خاصًّا للإشراف على شئونهم - ذكرناه من قبل - ومختَلَف أمورهم؛ من بيان أسمائهم، وأوصافهم، وأعمالهم، وأرزاقهم، وحينما اتَّسَعَتِ الفتوح الإسلامية، وكثرت الغنائم، وأقبلت الدنيا على المسلمين، واستقرَّ الكثير منهم في المدن؛ خشي عمر أن يَخْلُدَ بعضهم إلى الراحة والتقاعد عن الحرب، وأن ينصرفوا إلى الثروة، فتَقَدَّم إليهم بالانصراف إلى الجهاد، ورتَّب لهم ولأسرهم الأرزاق، وكان مَنْ يتأَخَّر منهم عن الجهاد بغير عذر يُعَيَّر، ويُلام لومًا يردعه، ويردع غيره.

وإلى عمر أيضًا يرجع الفضل في إقامة الحصون والمعسكرات الدائمة لإراحة الجنود في أثناء سيرهم إلى عَدُوِّهم؛ فبُنِيَتِ الأمصار؛ كالبصرة والكوفة والفسطاط؛ لإراحة الجند، وصدِّ هجمات الأعداء.

وقد أتمَّ الأمويون ما بدأه عمر من العناية بالجيش؛ فنظَّمُوا ديوان الجند، واعتنَوْا بالجيش، ولما استقرَّ لهم الأمر نهائيًّا حين تقاعد كثير من المسلمين عن الحرب والجهاد، أدخل عبد الملك بن مروان نظام التجنيد الإجباري.

دور المسلمين في تطوير الجيش

أرسى المسلمون تقاليد عسكرية، وابتكروا الكثير من فنون القتال، فلم يكن العرب في جاهليتهم يعرفون نظامًا في الحرب، وكانوا يعتمدون طريقة الكَرِّ والفَرِّ، ولما جاء الإسلام ونزل قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}.. [الصف : 4]، رتَّبَ المسلمون الجيوش ونَظَّمُوها، وخاصَّة حين اتَّسَعَتْ حركة الفتوح، والتقت جيوش المسلمين بجيوشٍ لها تاريخ في التخطيط والتنظيم؛ مثل: الفرس ، والروم.

فعَرَفَ المسلمون في تنظيم صفوفهم القتالية طريقة تُعْرَفُ بالكراديس، وتعني: الكتائب، أو الوحدات، وتقوم على تقسيم الجيش إلى خمس مجموعات رئيسية؛ هي: المقدِّمَة، ثم الميمنة، والميسرة، وقلب في الوسط، ثم كتيبة في الخلف تُعْرَفُ بالساقة أي المؤخِّرَة.

وتُعْتَبَرُ اليرموك، والقادسية، وأجنادين من المواقع الحربية التي تُعَدُّ مثالاً لغيرها في تعبئة الجيوش وحُسْنِ قيادتها، وقد تأسَّى الحلفاء الأوربيون في الحرب العالمية الأولى بما صنعه خالد بن الوليد في موقعة اليرموك من توحيد القيادة، واختيار الموقع المناسب للمعركة.

وكانت الدولة تتعهَّد الجند بكل ما يحتاجون إليه من سلاح ومؤن، وكان الجيش يتأَلَّف من الفرسان والرَّجَّالة، وكانت هناك أنواع عِدَّة من الأسلحة؛ فكان منها الأسلحة الفردية الخفيفة، مثل: السيوف، والرماح، والأقواس، والسهام بأنواعها. والأسلحة الجماعية الثقيلة؛ مثل: المجانيق والدبابات التي كان يحتمي المحاربون بداخلها. وأسلحة وقاية الجسم من ضربات العدُوِّ المختلفة؛ مثل: الخوذات، والدروع، والتروس. وكانت هناك كذلك الأسلحة الكيميائية؛ حيث برع المسلمون في استخدام النار الإغريقية وطوَّروها، واكتشفوا في ذلك موادَّ حارقة ومتفجِّرة، ولما كان الخيل سلاحًا مهمًّا من أسلحة الجيش الإسلامي؛ فقد اهتمَّ المسلمون بتربيتها وتدريبها، كما اهتمُّوا بوقاية خيولهم أثناء الحروب، فألبسوها دروعًا تسمَّى تجافيف تُغَطِّي أبدانها، وتصدُّ عنها إصابات الأعداء.

وقد استخدم المسلمون منذ النبي صلى الله عليه وسلم ما يُعرف بآلة "الدبابة" وهي آلة تُستخدم في ثقب حوائط الأماكن المحصَّنَة وتدميرها؛ فقد ذكر ابن كثير في (البداية والنهاية) أن "نفرًا من الصحابة دخلوا تحت دبابة، ثم زحفوا ليحرقوا جدار أهل الطائف..".

واهتم الأمويون بصناعة المجانيق، حتى استطاع الحجاج بن يوسف الثقفي صُنْعَ منجنيق أسماه (العروس)، يحتاج إلى خمسمائة رجل لخدمته والعمل عليه، وقد سلَّم عددًا من هذه المنجنيقات إلى ابن عمه المجاهد القائد محمد بن القاسم الثقفي، ففتح بها مدينة الدَّيبُل (كراتشي) عام 89هـ، وعدة مدن أخرى في وادي السند.

وقد استحدث الجيش الإسلامي فرقة تُسمى بالنفَّاطة، وهم الذين يستخدمون النفط في الحرب من على أظهر الخيل، أو تعبئته ورميه في قارورات على العدوِّ، وانتشرت هذه الفرقة منذ العصر العباسي، وكثر الاعتماد عليها في وقت الحروب الصليبية، وقد ذكر ابن كثير في حوادث عام 586هـ أن الخليفة العباسي الناصر لدين الله (ت 622هـ) أرسل للقائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله "أحمالاً من النفط والرماح ونفَّاطة ونقَّابين، كل منهم متقن في صنعته غاية الإتقان".

والعجيب أن الجيش الإسلامي أول من استخدم البارود، وقد عرفه المسلمون قبل الغربيين، وليس كما يزعم بعض المستشرقين، أن الأوربيين قد استخدموه في حروبهم وعرفوه قبل المسلمين، فقد تمَّ استعماله لأول مرة في مصر، وذلك لتوافر مادة النطرون بكثرة فيها، وقد ذكر المقريزي في حوادث عام 727هـ أن البارود قد استُعْمِل بجوار النفط في حفل زفاف ابنة سلطان مصر الناصر محمد بن قلاوون، فقال: "وعمل قجليس في القلعة برجًا من بارود ونفط".

والظاهر أن المسلمين قد عرفوه قبل ذلك التاريخ بمدة كافية، فقد ذكر ابن خلدون أن المرينيين في المغرب استخدموه في حروبهم، خاصة في فتحهم لمدينة سجلماسة، فذكر أن سلطانهم يعقوب بن عبد الحق قد نصب على المدينةِ "هندام النفط القاذف بحصى الحديد، ينبعث من خزانة أمام النار الموقدة في البارود بطبيعة غريبة ترد الأفعال إلى قدرة بارئها!". وكانت هذه الحادثة عام 672هـ، ومما يبدو أن المسلمين قد عرفوا "المدفع" في حروبهم-كما يذكر ابن خلدون هنا- منذ القرن السابع الهجري، فاستخدموا حصى الحديد (القنابل الصغيرة)، التي كانت تنطلق بقوة البارود المفزعة؛ ولذلك تعجَّب ابن خلدون من هذه القوة، وهو ما يبدو في وصفه السابق.

واستخدم المماليك المدافع بكثرة في حروبهم، وجعلوا منها أنواعًا متعددة؛ فمنها المدفع أو المكحل الكبير، ومنها المدفع الصغير، وقد وصف لنا القلقشندي في "صبح الأعشى" مكاحل البارود، فقال: "وهي المدافع التي يُرْمَى عنها بالنفط، وحالها مختلف، فبعضها يُرْمَى عنه بأسهم عظام، تكاد تخرق الحجر ببندق، وبعضها يَرْمِي عنه من حديد من زنة عشرة أرطال بالمصري إلى ما يزيد على مائة رطل، وقد رأيتُ بالإسكندرية في الدولة الأشرفية شعبان بن حسين في نيابة الأمير صلاح الدين بن عرام رحمه الله، بها مدفعًا قد صُنِعَ من نحاس ورصاص، وقُيِّد بأطراف الحديد، رمي عنه من الميدان ببندقة من حديد عظيمة محماة، فوقعت في بحر السلسلة خارج باب البحر وهي مسافة بعيدة".

وبناء على قول القلقشندي السابق، نرى أن هناك نوعين من المدافع؛ نوع تخرج منه السهام الكثيفة، غاية في السرعة والقوة، ونوع آخر تخرج منه البنادق، أو ما يُسمى بكريات الحديد الملتهبة، وكلا النوعين يُلقي قذيفته بسرعة بالغة، وعلى مسافات بعيدة، ومشاهدة القلقشندي هذه تمت في حدود عام 775هـ؛ مما يُدلل على أسبقية ابتكار المسلمين لآلات الحرب منذ فترة مبكرة جدًّا.

هذا، ولا يمكن لأحد أن يُنْكِر تاريخ انتصارات المسلمين في حضارتهم على قوى تَفُوقُهم عددًا وعُدَّة، في مواقع متعدِّدَة وفاصلة، وهو ما يعكس مكانة وطبيعة الجيش في الحضارة الإسلامية؛ من حيث التنظيم العلمي المدروس، والتخطيط الذكي، والاستعداد الدائم، والعُدَّة العسكرية المبتكرة والمتواكبة مع العصور المختلفة.

المصدر: موقع قصة الإسلام

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان