كتابات فى الفكر الاسلامى المعاصر.. الحلقة الخامسة: دلائل كونية
بقلم – أحمد حمدى:
سنشرح فى هذا الجزء بعض الايات التى وردت فى ذكر الخلق فقط دون الغوض فى سائر ايات الاعجاز العلمى فى القرآن. سنحاول فقط فهم ما يتعلق بهذه النقطة دون الاكثار فيها، فهذا ليس كتاب علوم ولا هو كتاب دين، هو كتاب فكر يجمع جزء من هذا وجزء من هذا.
يبدا وصف القرآن للخلق من اول لحظة فيقول تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ}.. [الانبياء : ٣٠].. نتكلم هنا عن شطر الايه الاول و هو {أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} ولكى نفهم دقة الوصف علينا ان نفهم معنى "الرتق" والذى يعنى بالشىء الصلب الجامد الملتصق الذى لا فجوة فيه [المعجم الوجيز - ص:٢٥٤].. اما الفتق فتعنى شده التفرقة او المباعده القوية وهى قريبة جدا تعبير"انفجار". فالاية تقرر لنا بان السماوات؛ "وجاءت هنا بصيغة الجمع لانها لا تعنى السماء الدنيا بل الكون وهذا اللفظ متكرر فى اكثر من موضع فى القرآن"، والارض كانتا شيئا واحدا متماسكا ثم تم الانفصال بينهما بقوة وهو ما يتفق مع نظرية الخلق المثبتة علميا.
ثانيا: من الاسئلة التى تطرأ كثيرا على بال الباحث عن الحق فى ما يتعلق بهذا الخصوص هى مسألة الخلق والتى اورد القرآن انها جاءت فى ستة ايام فقد ورود خلق السماوات والارض فى سبعة مواضع فى القرآن الكريم كلها اتفقت على الخلق فى ستة ايام {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ}.. [ق : 38]، فكيف اذا خلق الله السموات والارض فى ستة ايام وقد اثبت العلم ان عمر الكون 13.7 بليون سنة وان عمر الارض تقريبا 4.5 بليون سنة؟
لا يفهم كثير هذه الاية بسبب سوء فهم للغة، فكثير من الناس يظن بان اليوم المقصود بالاية هنا هو يومنا الارضى ذو الـ ٢٤ ساعة وهو الشىء الغير صحيح. فكلمة يوم باللغة العربية تعنى وقت من الزمن محدد بحدث معين او بحدوث تغير؛ فيوم الارض مقدر بدوران الارض دوره كامل حول محورها والتى ينتج عنها تعاقب الليل والنهار، هذا يوم. فالمراد هنا بستة ايام هو ستة فترات زمنية حدث فيها التكوين. ونجد ايضا فى قوله تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ}.. [فصلت : 9 -10].
ومما سبق نفهم بان خلق الارض وانفصالها ككوكب استغرق نصف المدة التى تهيئت فيها الارض للتكون فيها قشرتها وجبالها وبحارها لاستقبال الحياة.
اما بالنسبة لما ثبت من اتساع الكون وتمدده فقد ذكر الله ذلك مباشرة فقال: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}.. [الذاريات : 47] وهو ما اثبته العلم بما لا يدع مجالا للشك.
اتساع الكون هى من الحقائق التى اكدت نظرية الانفجار الكبير Big Bang. و لعل الاوضح من ذلك ما جاء من ايات بخوصوص الارض وشكلها فقد ورد قول الله تعالى: {وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}.. [النازعات : 30]، ودحية تعنى بيضة و"دحى" تعنى جعل كالبيضة وهو ما يصف شكل الارض بالضبط. كذلك ايضا نجد قوله تعالى: {يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ}.. [الزمر : 5]، وقد استخدم هنا لفظ يكور للدلالة على شكل الليل والنهار على الارض، فكيف "يكور" الليل والنهار ان لم تكن الارض كرة. كذلك ذكر القرآن ان الشمس والقمر كلا منهما "فى فلك يسبحون" اى فى فضاء مخصص او "مدار يسبح فيه جرم سماوى"[المعجم الوجيز، ص٤٨١].
وللحديث بقية في الحلقة القادمة بمشيئة الله تعالى..
أقرأ أيضاً :
كتابات فى الفكر الاسلامى المعاصر.. الحلقة الأولى - الإلحاد
كتابات فى الفكر الإسلامى المعاصر ...الحلقة الثانية - أسباب الإلحاد
كتابات فى الفكر الاسلامي المعاصر..الحلقة الثالثة - البحث عن الله
كتابات فى الفكر الاسلامى المعاصر.. الحلقة الرابعة: مشكلة الايمان
فيديو قد يعجبك: