تعلم كيف ترضى عن الله؟!
بقلم – هاني ضوَّه :
نائب مستشار مفتي الجمهورية
جميعنا يسعى لرضى الله حتى يكون من الفائزين في الدنيا والآخرة، وقد ذكر أن الإمام الشافعي رضي الله عنه وأرضاه كان ماشيًا فإذا برجل يسبقه يناجي ربه، ويقول: يا رب هل أنت راض عني؟، فقال الإمام الشافعي: يا رجل وهل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك؟ قال الرجل: كيف أرضى عن ربي وأنا أتمنى رضاه؟ قال: إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة، فقد رضيت عن الله، وإذا رضيت عن الله رضي الله عنك فهل ترى أنّ يد الله حكيمة عليمة عادلة، وهذا الأمر من فعل الله، واصبر لحكم ربِّك.
يبين لنا هذا الموقف أن الرضا جنة المؤمنين .. فيها يستريحون من هموم الدنيا ومشاغل النفس وضيقها .. ففي الرضا بقضاء الله وما قسمه لك غنًا في النفس وؤاحة للبال، على عكس من لا يرضى بما قسمه الله فإنه يكون على الدوام في شد وجذب مع نفسه وفي كدر وضيق.
والرضا هو سرور القلب بمر القضاء، وهو نعمة غالية وعبادة قلبية تغيب عن الكثير، من يفتقدها يشعر بالسخط والضجر ولا يتلذذ بما أعطاه الله من نعم.
وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ".
والرضا هو قبول حكم الله في السراء والضراء، والعلم أن ما قسمه الله هو الخير كله، لذا قال سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي - رضي الله عنهما -:"من اتكل على حسن اختيار الله تعالى، لم يتمن غير ما اختار الله له".
وليس الرضا هو الاستسلام لواقع يمكن تغييره بالسعي والأخذ بالأسباب كالتداوي من مرض أو السعي وراء الرزق أو دفع ضرر ما، لأن الاستسلام هو الانهزام وعدم بذل الجهد والأخذ بالأسباب لتحقيق الهدف.
أما الرضا فهو استفراغك الوسع وبذل الجهد والأسباب في تحقيق الهدف، لكن لم توفق إليه، فترضى بما قسم الله لك من غير جزع، أو ضجر، أو سخط، كالذي تزوج ولم يرزق الولد رغم سعيه للعلاج، والذي أصيب بمرض لم يستطع دفعه بالدواء، والذي ابتلاه الله بالفقر وضيق ذات اليد، فاجتهد في تحصيل الغنى فلم يوفق.. هنا يأتي التحلي بصفة الرضا بما كتبه الله وقدره، فتحيل القلب إلى سرور دائم، وتشعر النفس بنعيم مقيم.
موضوعات متعلقة:
- ذنب قد يدخلك الجنة وطاعة قد تدخلك النار
فيديو قد يعجبك: