"الدواعش ليسوا فقهاء".. الإفتاء تفند الرأي الشرعي في فتوى داعش عن "زواج البدل"
كـتب- عـلي شـبل:
أوضح الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، الرأي الشرعي في إحدى صور الزواج الموجودة وهو ما يعرف بـ"نكاح البدل"، وذلك ردًا على سؤال تلقته دار الإفتاء يقول: (نشرت فتوى صادرة عن دائرة الإفتاء التابعة لتنظيم داعش المتطرف تتعلق بحرمة ما يسميه البعض بـ"نكاح البدل"، وهو موجود في بعض البلدان العربية، وصورته: أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، أو يزوجه أخته على أن يزوجه الآخر أخته، ولا مهر بينهما، فهل هذه الفتوى صحيحة؟).
وأكد علام، في بيان فتواه، عبر بوابة الدار الرسمية، أن مجرد اتفاق الرجلين على أن يزوج أحدهما أخته أو ابنته من الآخر، على أن يزوج ذلك الآخر أخته أو ابنته من الأول، بلا مهر بينهما، لا يدخل تحت صورة الشغار المنهي عنه في الحديث، ما دام لم يجعل البُضع صداقًا، ويثبت في مثل هذه الحالة لكل واحدة من المرأتين مهر المثل. والفتوى المسؤول عنها ليست صحيحة؛ فالفقيه حقًّا هو من يصحح معاملات الناس ما أمكنه، أما أولئك الدواعش فليسوا بفقهاء ولا علماء ولا صلاحية عندهم للفتوى أو الإرشاد، ويحرم أخذ الأحكام الشرعية عن طريقهم.
وفي تفصيل الفتوى، أشار فضيلة المفتي إلى أنه انتشر عند العرب قديمًا في الجاهلية بعض الأنكحة التي حرمها الإسلام ولم يجزها، وكان من هذه الأنكحة: ما يعرف باسم: "نكاح الشغار".
وقد ورد النهي عن هذا النوع من النكاح فيما رواه الشيخان عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار، فقيل لنافع: ما الشغار؟ قال: "ينكح ابنة الرجل وينكحه ابنته بغير صداق، وينكح أخت الرجل وينكحه أخته بغير صداق".
واستشهد علام بما رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن الشغار، والشغار: أن يزوج الرجل ابنته، على أن يزوجه ابنته، وليس بينهما صداق.
وروى مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا شِغَارَ فِي الْإِسْلَامِ».
وأشار علام إلى أن أصل الشغر في اللغة: الرفع؛ يقال: شغر الكلب؛ إذا رفع رجليه ليبول، وذلك أنه لا يفعل ذلك إلا إذا كبر وبلغ حد الوثوب على الإناث. فسمي هذا النوع من النكاح شغارًا لما فيه من رفع للمهر، أو لبعض الشرائط.
وأورد فضيلة المفتي آراء الفقهاء والأئمة الأربعة، قائلًا:
المقرر في فقه السادة الشافعية أن المقتضي للبطلان: هو التشريك في البضع؛ فإنَّ بضع كل من المرأتين قد جعل موردًا للعقد، وصداقًا للأخرى، فجعله عوضًا ومعوضًا عنه، والمحل الواحد لا يكون فاعلًا وقابلًا؛ أي: لا يجعل علة ومعلولًا؛ واستنبطوا هذا من قوله: "وليس بينهما صداق"، ولم يجعلوا المقتضي للبطلان عدم الصداق؛ لأن تسمية الصداق عندهم غير واجبة، وإنما المقتضي للبطلان: جعل البضع صداقًا.
وقد ذهب فقهاء المالكية والحنابلة إلى أن الشغار هو أن يزوجه وليته على أن يزوجه الآخر وليته، ولا مهر بينهما، وهو باطل عندهما كذلك.. بينما يرى الحنفية وأحمد في رواية عنه صحة العقد مع فساد الشرط.
وأوضح مفتي الجمهورية أن المختار للفتوى من مذاهب العلماء أن مجرد اتفاق الرجلين على أن يزوج أحدهما أخته أو ابنته من الآخر على أن يزوج ذلك الآخر أخته أو ابنته من الأول، بلا مهر بينهما، لا يدخل تحت صورة الشغار المنهي عنه في الحديث، ويثبت لكل واحدة من المرأتين مهر المثل.
وفي خلاصة فتواه أكد أن الفتوى المسؤول عنها ليست صحيحة بناء على ما اخترناه، والفقيه يصحح معاملات الناس ما أمكنه، أما أولئك الدواعش فليسوا بفقهاء ولا علماء ولا صلاحية عندهم للفتوى أو الإرشاد، ويحرم أخذ الأحكام الشرعية عن طريقهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
فيديو قد يعجبك: