لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

هل يجوز التصدق بثمن الأضحية بدلًا من الذبح؟

09:00 ص السبت 26 سبتمبر 2015

يجبب الشيخ حسنين محمد مخلوف - شيخ الأزهر الأسبق-

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

سألت وزارة التجارة والصناعة شؤون التموين قالت: أتشرف بأن أنهي إلى فضيلتكم أن الاتحاد العام للقصَّابين بالقاهرة قد شكا للوزارة من أنه بسبب قفل الأسواق في الأقاليم الموبوءة بالكوليرا تعذر جلب الحيوانات المعدة للذبح بالعدد الكافي للوفاء بحاجة المستهلكين، وطالب بالعودة إلى حظر الذبح ثلاثة أيام في الأسبوع؛ للموازنة بين العرض والطلب، ولإزالة عوامل ارتفاع الأسعار؛ ونظرًا لما تعلقه هذه الوزارة من الأهمية على موازنة العرض والطلب بقدر الإمكان، فإنه قد يكون من المفيد أن يصرف الناس عن الإسراف في ذبح الأضحيات إذا كان يجوز شرعًا الاستعاضة عنها بما يساوي ثمنها من الصدقات الأخرى، وفي ذلك ما فيه من العمل على خفض الأسعار تيسيرًا على الطبقات الفقيرة؛ لذلك أكون شاكرًا لو تفضلتم بإفتاء الوزارة فيما إذا كان من الجائز استبدال الأضحية عينًا بالصدقة بما يوازي ثمنها في أقرب وقت؛ ليتسنى للوزارة إذاعتها على عامة المسلمين بكافة الوسائل الممكنة.

يجبب الشيخ حسنين محمد مخلوف - شيخ الأزهر الأسبق-:

اطلعنا على كتاب سعادتكم المؤرخ 15/ 10/ 1947 بشأن الاستفتاء عما إذا كان يجوز شرعًا الاستعاضة عن ذبح الأضاحي بالتصدق بما يساوي ثمنها؛ صرفًا للناس عن الإسراف في ذبحها؛ حتى يتسنى الموازنة بين العرض والطلب، وفي ذلك عمل على خفض أسعار اللحوم تيسيرًا على الفقراء.

ونفيد أن ذبح الأضحيات من القربات المشروعة في أيام النحر، ويندب التصدق منها على الفقراء عند مالك، وعند الحنفية ما لم يكن المضحي ذا عيال يحتاج للتوسعة عليهم، ويجب إطعام الفقراء والمساكين منها عند الشافعية، وقدره بعضهم بالثلثين، والأفضل عندهم إعطاؤها كلها لهم، فهي باب توسعة وبر ووسيلة تيسير غذاء الفقراء باللحوم في هذا العيد، إلا أنه ينبغي الآن؛ تحقيقًا لموازنة العرض والطلب، وعملًا على خفض الأسعار ألا يكثر الأغنياء من عدد الذبائح التي جرت عادتهم بالإسراف في ذبحها، وأن يقتصروا على القدر المطلوب شرعًا، ويطعموه أو يطعموا أكثره الفقراء والمساكين برًّا بهم وإحسانًا. أما التصدق بالثمن على الفقراء فمذهب الحنفية وظاهر مذهب الشافعية أنه لا يجزئ عن الأضحية؛ لأن المقصود من شرعها التعبد بإراقة الدم وإطعام الفقراء باللحم الذي حرموه أكثر أيام العام، والمشهور الراجح في مذهب مالك وهو المروي عن أحمد وجماعة من العلماء أن التضحية أفضل من التصدق بالثمن، وهناك رواية ضعيفة عن مالك أن التصدق بالثمن أفضل، كما في شرح الموطأ وغيره من كتب المذهب.

وأما التصدق بما يوازي الثمن من صدقات أخرى فلم يقل به أحد من الأئمة، والذي أراه الأخذ بقول الجمهور؛ لقوة دليله وضعف الرواية المذكورة عن مالك، ولأن فتح باب التصدق بأثمان الأضاحي سيؤدي حتمًا على توالي الأيام إلى ترك الناس هذه الشعيرة الدينية، والإخلال بالتعبد بها، وبالتأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في فعلها، والإخلال بحكمة تشريعها، كما سيؤدي في المستقبل وفي الظروف العادية إلى كساد أثمان الأضاحي كسادًا فاحشًا يضر المنتجين وكثيرًا منالتجار، على أنه إذا أبيح التصدق بأثمانها، وتزاحم الفقراء على أبواب القصَّابين؛ لشراء اللحوم بما أخذوه من الأثمان لم يتحقق الغرض الذي تهدف إليه الوزارة؛ لأن شراء الأضاحي وشراء الفقراء اللحوم سواء في النتيجة والأثر، وإن لم يشتروا بها اللحوم حرموا المتعة بها في هذا الموسم.

وقد قصد الشارع الحكيم بِرَّهُمْ فيه بما يتمتع به الأغنياء؛ لأغراض سامية تتعلق بنظام الجماعة وعلاقة الفقراء بالأغنياء، ومن هذا على إجماله يظهر رجحان قول الجمهور، وأن الأحق بالاعتبار إبقاء الأمة على إحياء هذه الشعيرة الدينية الاجتماعية، مع حث الأغنياء على عدم الإسراف في الذبائح فوق الحاجة للضرورة.

والله أعلم.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان