ما حكم النذر قبل مرض الموت حسب المذهب الشافعى؟
نَذَر رجلٌ - وهو بكامل قُوَاه العقلية - لأخويه جميعَ ما يملك من حصصٍ في شركةٍ تجارية، وعلَّق النذرَ بما قبل مَرَضَ موته بثلاثة أيام عملًا بمذهبه الشافعي، وقام بتحرير هذا النذر وتوثيقه أمام الجهات المختصة، فهل هذا النذر صحيحٌ عند الشافعية أم لا؟
يجيب الدكتور شوقي إبراهيم علام - مفتى الجمهورية- :
توقيت النذر بما قبل مرض الموت صحيحٌ؛ لأنه لا ينافي الالتزام –أي الوفاء بما نَذَره-، كما أن النذر يُعمل فيه بالشروط ما لم تخالف مقتضاه، والتأقيت بما قبل مرض الموت لا يخالف مقتضاه، وهذه المسألة بخصوصها منصوصٌ عليها في كتب السادة الشافعية، فنص عليها صراحةً العلامة ابن حجر الهيتمي، ونقلها في موضع آخر عن الإمام الزركشي، وذكرها الشيخ البكري الدمياطي أيضًا.
يقول العلامة ابن حجر: [لو قرن النذر بـ إلا أن يبدو لي ونحوه بطل؛ لمنافاته الالتزام من كل وجه، بخلاف: علي أن أتصدق بمالي إلا إن احتجته، فلا يلزمه ما دام حيًّا؛ لتوقع حاجته، فإذا مات تُصُدق بكل ما كان يملكه وقت النذر، إلا إن أراد كلَّ ما يكون بيده إلى الموت فيُتصدق بالكل. قال الزركشي: وهذا أحسن مما يفعل من توقيت النذر بما قبل مرض الموت. وأخذ من ذلك بعضهم صحة النذر بماله لفلان قبل مرض موته إلا أن يحدث لي ولد فهو له، أو: إلا أن يموت قبلي فهو لي, ولو نذر لبعض ورثته بماله قبل مرض موته بيوم ملكه كله من غير مشارك لزوال ملكه عنه إليه قبل مرضه, قال بعضهم: وفي نذرت أن أتصدق بهذا على فلان قبل موتي أو مرضي لا يلزمه تعجيله...، فيكون ذكره الموت مثلًا غايةً للحد الذي يؤخر إليه، لكن يمتنع تصرفه فيه وإن لم يخرج عن ملكه؛ لتعلق حق المنذور له اللازم به، ولا تصح الدعوى به كالدين المؤجل].
وفي "فتح المعين" للعلامة المليباري: [ولو نذر لغير أحد أصليه أو فروعه من ورثته بماله قبل مرض موته بيوم ملكه كله من غير مشارك؛ لزوال ملكه عنه، ولا يجوز للأصل الرجوع فيه].
قال الحافظ الدمياط: [وقوله (من ورثته) بيان لغير من ذكر، ودخل في الورثة جميع الحواشي كالإخوة والأعمام، ودخل أيضا النذر لجميع أصوله، أو لجميع فروعه، فإنه يصح بالاتفاق؛ وذلك لأن المنفي هو أحد الأصول أو أحد الفروع فقط، فغير هذا الأحد صادق بجميع ما ذكر... وقوله (قبل مرض موته) متعلق بنَذَر أيضا. وخرج به ما إذا كان النذر في مرض موته، فإنه لا يصح نذره في الزائد على الثلث، إلا إن أجاز بقية الورثة... (قوله: ملكه كله) أي ملك المنذور له المال كله. وقوله: من غير مشارك أي من غير أن أحدًا من الورثة الباقين يشاركه فيه، بل يختص به. (قوله: لزوال ملكه) أي الناذر من قبل مرض الموت. وقوله: (عنه) أي عن ماله كله الذي نذره].
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فهذا النذر صحيح شرعًا على مذهب السادة الشافعية، وإنفاذه واجبٌ؛ بناءً على ثبوت شرعيته.
والله سبحانه وتعالى أعلم
فيديو قد يعجبك: