ما حكم إقامة مشروعات تجارية بفوائد البنوك؟
لي أخ يريد أن يبدأ مشروعا تجاريًّا من مبلغ آل إليه عن طريق الفوائد من البنك ويريد أن يستثمر أو يبدأ مشروعا تجاريا بأموال هذه الفوائد. فما مدى صحة هذا من ناحية الشرع؟.
يجيب الدكتور على جمعة - مفتى الديار المصرية السابق -:
هذه مسألة خلافية بين العلماء ولكن أنا أرى أن هذا المال الذي قد ملكه الآن فلا صاحب له سواه. فهو الآن أصبح في حوزته وملكه ويجوز له ـــ والمسألة خلافية ـــ هل هذا فيه حلال أم حرام وهكذا واتسع الخلاف.
لذا أنا أرى أنه يجوز له أن يتصرف في هذا المال في تجارته ولا بأس عليه.
ربما يسأل البعض ويقول: كيف ذلك يا دكتور وما بني على باطل فهو باطل؟.
هو يعلم أنه قد أتى بهذا المال من حرام. فكيف له أن يستثمر هذا المال وهو يعلم يقينًا أنه حرام؟.
ونقول: هو لا يعلم يقينًا أنه حرام، ولكن هي فرضية وضعناها الآن.
الفوائد البنكية على ما يجرى عليه العمل الآن مُختلف فيها اختلاف واسع منذ أكثر من مائة عام والخلاف يجري فيها.
فجمهور العلماء على أنها حرام ولكن ليس جمهور العلماء حتى على أنها ربا؛ لأنهم اختلفوا هل هي ربا أم هي مضاربة فاسدة.
القاعدة تقول أن المذاهب إذا اختلفت في شيء ما فإنها تكتنف هذا المال شبهة وتسمى شبهة المذهب.
وشبهة المذهب يستحب الخروج منها ولا يجب الخروج منها.
الذي يجب الخروج منه هو شبهة المحل.
وشبهة المحل: عندما يأتيني طعام لا أعرف إن كان ذبح على الشريعة أم لم يذبح. يجب علَّي ألا آكل منه.
شبهة المحل عندما تأتيني امرأة لا أعرف إن كانت أختي من الرضاعة أو أنها ليست بأختي. يجب ألا أتزوجها؛ لأن الخروج من شبهة المحل واجبة.
والخروج من شبهة المذهب والطريق مستحبة. فعندما يأتيني شخص ويقول لي أن هذه الأموال فيها شبهة مذهب. هو يعلم أنه قد أتي بها من البنك وأنه تاب إلى الله. تورَّع بعد ذلك من ودع أمواله من ذلك المكان الذي فيه كلام وفيه شبهة ونزاع، ولكن هذا المال الآن أصبح تحت يده فماذا يفعل؟ هل عندما تاب المسلمون في مكة أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برد ما تحت أيديهم من أموال ربوية أم أنه لم يأمرهم. كان العباس رضي الله تعالى عنه يشتغل بالربا في مكة فلما فتح الله مكة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إن ربا الجاهلية موضوع تحت قدميَّ، وأول ما أضع ربا العباس عمي " ( أخرجه ابن ماجه) ولم يأمره بأن يرد ما تحت يديه من أموال دخله عن طريق الحرام؛ لأن التوبة تجبُّ ما قبلها كما أن الإسلام يجبُّ ما قبله. وهذا ينبغي علينا أن نستقر فيه على فتوى واحدة؛ لأن هذا فيه فتح لباب التوبة وليس فيه إغلاق لباب التوبة.
يأتيني الآن شخص عصى الله ومن هذه المعصية تكونت عنده أموال. ويقول: إنني أريد أن أتوب الآن هل لابد علىَّ من توبة؟.
وهل توبتي شرعًا أن أخرج من مالي الحرام الذي تكون لي في كل حياتي أو أن التوبة تجبُّ ما قبلها كالإسلام يجبّ ما قبله؟.
أنا أرى مع من يرى هذا أن التوبة تجبُّ ما قبلها كالإسلام يجبُّ ما قبله. وأن هذه الفوائد التي أتت من هذه الشبهات ومن هذا الذي يقوله كثير من جمهور العلماء عنه أنه حرام اصبح ملكًا له يجوز له أن يتصرف فيه كما يريد على ألا يفعل ذلك مرة أخرى. وألا يفعل الحرام مرة أخرى.
لذا ففي واقعة سؤالنا وهي من الناحية الشرعية ألا يجوز له أن يستثمر أو يبدأ بهذا المال مشروعًا. وهل يجوز له أن يتصدق به؟.
فأقول: يجوز له أن يتصدق به، ويمكن أن يخرج الإنسان من ماله ومن نصف ماله ومن ثلث ماله كما يريد.
الورع لا حدود له.
نحن عندما نتكلم نتكلم عن الحلال والحرام.
أما حدود الورع: فالورع لا حدود له.
فيديو قد يعجبك: