لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

"جزر سيميلان التايلاندية": جنة في أحضان الشعاب المرجانية

جزر سيميلان التايلاندية

"جزر سيميلان التايلاندية": جنة في أحضان الشعاب المرجانية

09:01 م الجمعة 08 مايو 2015

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تعتبر جزر سيميلان التايلاندية من أروع مواقع الغوص في العالم؛ حيث يقصدها الكثير من عشاق الحياة البحرية من جميع بقاع الأرض، لما تزخر به من كنوز الشعاب المرجانية والأنواع النادرة من الأسماك.

وعلى قارب الغوص «Genesis 1» وقفت مدربة الغوص «بام» في أحد أركانه تُُجري اتصالات هاتفية في حماس شديد، بينما كان السياح يتناولون طعام الإفطار، وهنا صاحت مدربة الغوص قائلة :"هل رأيتم سمكة المانتا - المعروفة باسم شيطان البحر - من قبل في منطقة «فيست أوف إيدن»، متى تكونون على استعداد للانطلاق؟".

وفي هذه اللحظة قام قبطان القارب بإدراة المحرك واتجه صوب المنطقة المقصودة، وبعد حوالي نصف ساعة من الإبحار قفزنا من القارب في بحر أندامان، وتحدقت عيوننا في المياه الزرقاء الصافية؛ حيث كان يحدونا الأمل في مشاهدة ظلال أسماك المانتا المجنحة، ولكن الدقائق كانت تمر ولا أثر يظهر لأية ظلال، وتوارت أسماك المانيا عن الأنظار كأنها بلورة ملح ذابت في قاع المحيط. ولكن المنطقة كانت زاخرة بالكثير من الأسماك الملونة والشعاب المرجانية الرائعة.

ويطلق الصيادون الماليزيون اسم «بولاو سيمبيلان» على هذا الأرخبيل الذي يمتد لمسافة حوالي 70 كيلومتراً قبالة الساحل الغربي لتايلاند، والذي يتكون من تسع جزر. وفي عام 1982 أصبحت جزيرة «مو كو سيميلان» محمية طبيعية للأحياء البحرية، ولا تزال بعض كتب ومجلات الغوص تشيد بهذه المنطقة باعتبارها واحداً من أفضل عشرة مواقع للغوص في العالم، لكنها فقدت حالياً بعض ملامح مجدها وشهرتها السابقة.

فقد شهد عام 2010 ارتفاع درجة حرارة الماء في بحر أندامان إلى 33 درجة مئوية بفعل أشعة الشمس الاستوائية، ولم تتحمل شعاب مرجانية كثيرة هذه الحرارة المرتفعة، حيث تلاشت ألوانها الجميلة وماتت في نهاية المطاف.

واستجابت السلطات المختصة لهذه الكارثة الطبيعية، حيث انتشر خبر قيام تايلاند بإغلاق 18 موقعاً للغوص خلال شهر كانون ثان/يناير 2011 في جميع أنحاء العالم كالنار في الهشيم. وذكرت وسائل الإعلام أنه تم إغلاق جزر سيميلان بالكامل، وهو الأمر الذي سبب إزعاجاً كبيراً للسياح  في مراكز تعليم الغوص في بوكيت وخاو لاك. ومع ذلك فإن الوضع هناك ليس بهذا السوء، لكن الأمر يُأخذ على محمل الجد بدرجة كافية.

أجمل مواقع الغوص

وتقول مدربة الغوص، التي ترافق الغواصين تحت الماء في جزر سيميلان منذ خمس سنوات، :"تم التقاط معظم صور الشعاب المرجانية، التي تزين صفحات المجلات السياحية، في منطقة «إيست أوف إيدن»"، موضحة أن موقع الغوص قبالة الجزيرة رقم 7 مغلق الآن، مثل مواقع «بيكون ريف» و «فانتازي ريف» الموجودة قبالة الجزيرة رقم 8، حيث تؤكد على أن الموقع الأخير كان يعتبر من أجمل مواقع الغوص؛ لأنه يزخر بالعديد من الشعاب المرجانية الفريدة من نوعها.

وقد تم إغلاق هذه المنطقة أمام عشاق الغوص منذ عدة سنوات، حتى تستعيد عافيتها ورونقها الخلاب، لكن يبدو أن الوضع سيستمر طويلاً، حيث لم يُسمح بالغوص في هذه المنطقة منذ إغلاقها. وبالرغم من ذلك توجد هناك مجموعة من مواقع الغوص الأخرى، التي تستحق الإبحار من مدينة خاو لاك أو جزيرة بوكيت عن متن قارب للاستمتاع بالمناظر الرائعة التي تزخر بها الحياة البحرية في هذا الأرخبيل المكون من تسع جزر.

ومع اقتراب عقارب الساعة من السادسة والنصف صباحاً انطلق صوت المنبه مدوياً، ليستيقظ السياح السبعة من نومهم العميق، ويجلسون حول المنضدة الخشبية في حالة ما بين اليقظة والنوم، حيث يغالبهم النعاس، ويرتشفون القهوة، وفي تلك الأثناء يظهر أمامهم مشهد طبيعي يحوي بين جنباته شواطئ ناصعة البياض بين صخور الجرانيت وأشجار النخيل والغابات المطيرة. ويتوجه قارب الغوص صوب منطقة «إيليفانت هيد روك»، والتي تبعد 5ر1 كيلومتر جنوب الجزيرة رقم 8.

ويبدو أن الأسماك هي الأخرى استيقظت لتوها من النوم لتتناول هي الأخرى قهوتها الصباحية، وتلهو أسماك الجراح ذات اللون الأزرق الزاهي على الجدران الصخرية صعوداً ونزولاً، كما يضم المشهد أيضاً مجموعة رائعة من الأسماك الأخرى مثل أسماك الشراع التي تزهو بألوانها المخططة الرائعة مثل الأبيض والأسود والأصفر.

أحجار الجرانيت تحت الماء

ومع كل هذه المناظر البديعة تظل الأحجار هي الأكثر إثارة وروعة؛ حيث تتكدس كتل الجرانيت الضخمة في قاع المحيط فوق بعضها البعض، وتبرز فوق سطح الماء مثل الأبراج الشاهقة. وبين هذه الكتل العملاقة تظهر الأخاديد والأودية الضيقة، التي تنمو على جدرانها الشعاب المرجانية اللينة، مثل نبات البروكلي المتحور. وأمام الشعاب المرجانية الضخمة المعروفة باسم مراوح البحر يلتصق أحد الثآليل الحلزونية على الأحجار بشكل رقيق.

ومن الملاحظ أن بعض هذه الصخور قد تعرضت لعمليات النحر البحري، التي أدت إلى فتح نفق في هذه الصخور بارتفاع يتيح للسياح إمكانية السباحة داخل هذا النفق. وتشبه هذه الأجواء رحلات التجول بين دروب الجبال؛ حيث يمتد خلف كل ركن من الأركان صورة بانورامية جديدة.

ومع ذلك فإن هذه الجولة تعتبر مجهدة جداً للمبتدئين، حيث ينحرف بنا المسار في كل اتجاه، كما يتعين على المرء توخي مزيداً من الحرص والحذر، حتى لا تتسبب زعانف السباحة في قطع الشعاب المرجانية أو أن يعرض نفسه للإصابة.

الغوص في ثلاث فئات

وعندما كان السياح يجلسون على سطح القارب ويتناولون بعض الأناناس كطبق حلو بعد الطعام، أوضحت مدربة الغوص لهم "بأنه يمكن تقسيم مواقع الغوص بجزر سيميلان إلى ثلاث فئات، حيث توجد الصخور على الجانب الشمالي والجنوبي من هذا الأرخبيل، في حين يزخر الجانب الغربي بالصخور الشعاب المرجانية، أما في الشرق فتوجد شعاب مرجانية فقط".

وقد جاءت مدربة الغوص، التي تبلغ من العمر 28 ربيعاً، من مدينة مانشستر البريطانية قبل خمسة أعوام إلى تايلاند في رحلة تستغرق شهراً واحداً، إلا أنها ظلت في هذا البلد الرائع لشهر ثان وثالث، وعندئذٍ اتصلت بمديرها في العمل وأبلغته باستقالتها. ومَن يقف على صخرة «سيال روك» في الصباح الباكر بعد أول جولة غوص له في هذه المياه الدافئة، عندها سيدرك السبب وراء اقدامها على هذه الخطوة.

وتجدر الإشارة إلى أنه لا يُسمح للزوارق السريعة أن تأتي من اليابسة إلى هذه المنطقة الرائعة، كما لا توجد بيننا مجموعات كبيرة من السياح، الذين يخرجون في رحلات اليوم الواحد إلى الشاطئ للاستمتاع بأشعة الشمس الذهبية. ولا تزدحم هذه المنطقة بالسياح فوق الصخور الضخمة، التي تشبه في واقع الأمر أشرعة المراكب المنتفخة، والتي تعتبر شعار جزر سيميلان.

ويخيم على المكان صمتٌ رهيب لا يكسره سوى الأصوات الصادرة عن كاميرات التصوير الفوتوغرافي، التي يتم توجيهها صوب هذه المناظر الطبيعية الخلابة التي يغلب عليها اللون الفيروزي والأخضر والأبيض.

وفي عام 1973 ذهبت أول مجموعة من الغواصين على متن قوارب الصيد إلى جزر سيميلان، وأقامت خيامها على هذه الجزر وقاموا بشواء الطعام الذي أحضروه معهم على نار المخيم. أما في الوقت الحالي تبحر عشرات السفن السياحية المخصصة للغوص في هذا الأرخبيل.

ويصدر عن محركات هذه السفن ضجيج عالي، ونحن نتجول في منطقة «روكي بوينت» عبر متاهة من الصخور والأخاديد تحت الماء. فجأة ضربت مدربة الغوص «بام» على ذراعي، وفتحت عيناها جداً، ثم أشارت إلى سجادة من الشعاب المرجانية النارية. وفي تلك اللحظة كانت هناك سلحفاة تتحرك فوق هذه السجادة.

وهنا وقفنا لمدة عشر دقائق نحدق النظر في هذا المشهد البديع، لنرى كيف تزحف السلحفاة على الشعاب المرجانية. كما ظهرت في الصورة أسماك الأنجل، المعروف باسم الملاك والتي تتميز بألوانها الأزرق والأصفر بالإضافة إلى قناع أسود. وبمجرد أن انخفض مؤشر الضغط بتجهيزات الغوص إلى قيمة 40 بار، أسرعنا في الصعود لنطفو على سطح الماء. وكانت هذه الجولة من الغوص ليست سيئة، بالرغم من أننا لم نر أسماك المانيا أو شيطان البحر.

يمكنك متابعة أهم وأحدث المقالات على الفيس بوك عبر صفحة مصراوى - هو وهي

إعلان