إعلان

بعد 10 سنوات من البحث.. فك لغز حالة مرضية غامضة لطفلة أمريكية

01:58 م الثلاثاء 19 ديسمبر 2017

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- ريم فؤاد:

عندما وُلدت «أفيري ريلي» ظن والديها أنها الطفلة المثالية، حيث كانت تحب الالتفاف في حضن والدتها «هيلينا» والنوم بعمق، ولكن بعد بضعة أشهر لم تستجب الطفلة لتشجيع والدتها لتحريك يديها، وكانت دائمة الجلوس دون حركة.

وخلال فحص الطفلة في الشهر الرابع لم تحرك رأسها كأي طفل طبيعي، وهنا نصح الطبيب الوالدين بأخذ «أفيري» لقسم الأمراض العصبية لفهم سبب عدم تطورها مثل أخوتها والأطفال الطبيعيين.

وجد الدكتور، تيموثي لوتزي طبيب الأعصاب بمستشفى هوستن بأمريكا، أن الطفلة تعاني من ضعف بالعضلات، ولذا تتأخر مهارات النمو والتطور لديها، حيث لم تستطع الجلوس حتى عامها الثالث، والزحف حتى عامها الخامس، والآن تمت عامها العاشر، ومازالت لا تستطيع المشي أو التكلم، على الرغم من تفاعلها مع ما حولها.

حتى وقت أخير، كانت حالة «أفيري» يغلفها الغموض بالنسبة لجميع الأطباء الذين قصدهم والدا الطفلة، فأحد الأطباء، أخبر عائلة «أفيري» أن البحث العلمي لم يتوصل لنتائج حول حالتها بعد، الأمر الذي شجع عائلتها على استخدام «أفيري» في دراسات وأبحاث علمية لمساعدة ابنتهم والحالات المثيلة في المستقبل.

حل لغز غامض

بدأت «أفيري» بأخذ جلسات علاج طبيعي في عامها الخامس، واستمرت عليها وصولًا لعامها العاشر، حتى استطاعت تحريك جسمها قليلًا، وخاضت العديد من الاختبارات، كاختبار الدم، وتصوير الرنين المغناطيسي، وعملية البزل القطني (إدخال إبرة في الجزء السفلي من العمود الفقري للتحري عن سائل الدماغي الشوكي)، ودراسات توصيل الأعصاب.

وأجرى الأطباء ومتخصصو الأمراض العصبية كافة الفحوصات والاختبارات المعروفة على مدى العامين الماضيين، ما ساعدهم على استبعاد بعض التشخيصات كالشلل الدماغي، والتصلب المتعدد، والاضطرابات الوراثية الأخرى التي تؤدي إلى تدهور العمود الفقري أو انخفاض قوة العضلات.

لم يُكتشف ما بـ«أفيري» إلا بعد عرض حالتها على دراسة بحثية تسمى بـ«شبكة الأمراض غير المشخصة» المدعومة من المعهد الوطني للصحة، حيث درس الأطباء والباحثون حالة الطفلة ونتائج الدراسات والاختبارات السابقة، بما في ذلك تحليل تسلسل الحمض النووي لها، وحينها وجدوا تغييرا في الجين CACNA1A، وهو الجين المسؤول عن حظر تراكم الكالسيوم في الجسم والذي يؤثر على وظائف المخ والأعصاب.

درس الأطباء هذه الطفرة الجينية على ذبابة الفاكهة، ليروا كيف تتأثر الجينات بهذه التغيرات، وكشفت النتائج وجود تغير طفيف في وظائف الجينات Gain-of-function mutation، وأن الكالسيوم يتراكم في قنواته مؤديًا لضرر أعصابها على المدى البعيد.

ونصح الأطباء عائلة « أفيري» بإعطاءها مجموعة أدوية تعمل على غلق قنوات الكالسيوم وبالتالي منع الكالسيوم من الدخول إلى الخلايا، ما يمنع موت الخلية وفقدانها لنشاطها نتيجة ارتفاع نسبة الكالسيوم داخل الخلية، في محاولة لمعالجة الضرر الذي أصابها ومنع حدوث أي تعقيدات.

وقال مايكل وانجلر، الباحث في معهد أبحاث الأمراض العصبية بمستشفى الأطفال بتكساس: «نحن نأمل فهم كيف غيرت طفرتها الجينية وظائف قنوات الكالسيوم، فذلك قد يساعدنا على استخدام أدوية محصرات قنوات الكالسيوم بشكل أكثر فعالية، ومعرفة نتائج هذه الأدوية في الحد من أضرار الأعصاب، وندرس ذلك بالفعل على ذبابات تجارب».

أصبحت «أفيري» تملك تشخيصًا لحالتها أخيرًا، وأتاح هذا الاكتشاف تحديد المرضى الحاملين لهذه الطفرة من أمثالها وإيجاد الحل المناسب لهم، بالإضافة إلى إتاحة هذا التشخيص من الاستعانة والاستفادة منه في الأبحاث المستقبلية على جينات قنوات الكالسيوم، ومع أنها فقط البداية، إلا أنه لا يمكن إنكار جهد البحث العلمي في فك رموز لغز حالة «أفيري» .

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان