لوسواس القهري: جحيم من التفاصيل الصغيرة

كتب محمد الصفتي:هل تتصوّر حياتك عندما تضطرّ إلى غسيل يديك بالمطهّر كلّما لمست زجاج مكتبك أو صافحك أحدهم في مكان عملك؟ أو عندما تجد نفسك مدفوعاً للمشي بصورة منتظمة بعبور بلاطتي رصيف في الخطوة الواحدة وكيف ستبدو امام الناس؟ أو عندما تدور بالسيارة حول مقرّ عملك عشر مرات للتأكّد من أنّك لم تصدم أحداً بسيارتك أثناء رجوعك بها للخلف؟ أو عندما تتسلّط عليك شكوك لا منطقيّة بشأن شريكة حياتك ولا تستطيع أن تطردها رغم إفراطها في الخيال؟ كلّ ما سبق وأكثر قد يكون أعراض للوسواس القهري وهو اضطّراب نفسي شائع يعاني منه الكثير من الناس وإن كان بأعراض مخفّفة عن ذلك ولكن تتفاقم المشكلة عندما تتعدّد الأعراض وتخرج عن طور المألوف. ووفقاً لإحصائيات حديثة يكون الرجال عرضة بمقدار الضعف عن النساء لتسلّط الوسواس القهري عليهم كما أنّ المراهقين أكثر عرضة للتعرّض لذلك من البالغين. نحن أيضاً قد نتعرّض لمصابين بهذا الاضطراب الشائع ونكيل لهم الاتهامات ظلماً بالبخل الشديد على سبيل المثال إلّا أنّ الحقيقة قد تكمن في وسواس التخزين. فهؤلاء يصبح تخزين المال والمقتنيات بالنسبة لهم دافع قهري لا يمكنهم مقاومته وإن لم يتمتعوا بما يملكون هم وأسرهم بل الغاية تتحقّق لديهم بالاقتناء والتخزين استجابة للدافع المِلحّ لكي يقتنون ويخزّنون. وقد يساعدنا هذا في اتّخاذ موقف أكثر إيجابية تجاه هؤلاء إذا توافرت القرابة أو الحميمية الكافية في العلاقة للتدخّل فقد نساعدهم باللجوء للمشورة الطبية والسلوكية للتخلّص جزئيّاً من هذا الدافع المزعج. كما أنّ ما يبدو في الحياة الزوجية سعياً للكمال والنظام الشديد من جانب المصاب بالوسواس – كوجوب ترتيب مقاعد السفرة بزاوية واحدة ووجوب انتظام كافّة مقتنيات المنزل في اتّجاه واحد- قد يحيل حياة شريك الحياة جحيماً لايطاق ولكن تفهّم الزوج للسبب الحقيقي لتوجيهات الزوجة وشجارها احياناً  لتحقيق ما سبق مثلاً قد يحلّ جزءاً لا بأس به من المشكلة. ولكي تتعايش مع شريكة حياتك القهريّة دون شجار بل وتحقّق لها مزيداً من السلام النفسي حاول أن:1-     تدرك حقيقة تقديسها للنظام والترتيب الذي تريده على حقيقته كاضطراب نفسي بسيط لا إرادي لا كرغبة منها في التحكّم وهنا سيحدث نوع من التعايش والتقبّل للطقوس المعتادة كوضع غير مزعج.2-     تعرف المزيدعن طريق البحث في الإنترنت واستشارة المتخصّصين عن طبيعة وكيفية التعامل مع هذا الاضطراب بحيث تصبح عوناً لها لا عبئاً عليها.3-     تهيئتها نفسيّاً لطلب العون الطبي في حالة تفاقم هذا الاضطراب وإعاقته لسير حياتكما الطبيعية بشكل سلبي وهنا يكون تقبّل الزوج لفكرة الاستشارة الطبية معيناً للزوجة على عدم التردّد وقد يفيد مستشارو الحياة الزوجية في هذا الصدد كثيراً لشعور الزوجة أنّ معاناتها مشتركة مع شريك حياتها.