تحويل ملجأ من الحرب العالمية الثانية إلى محطة للطاقة
تم مؤخراً في حي (فيلهلمسبورغ) بهامبورغ الافتتاح الرسمي لمحطة للطاقة كان تمثل في السابق ملجأ مضاد للغارات الجوية من الحرب العالمية الثانية، وذلك في إطار المعرض الدولي للبناء 2013 (آي بي إيه هامبورغ).ويعتبر هذا الملجأ، الذي لم يُستخدم منذ عقود ويعود إلى بقايا الحرب العالمية الثانية، جزءاً من مخطط حماية المناخ "فيلهلمسبورغ المتجددة"، الذي يهدف إلى إمداد هذا الحي الهامبورغي، الذي يبلغ تعداد سكانه 50 ألف نسمة، بطاقة كهربائية محايدة لثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2025 وأيضاً بتدفئة محايدة لثاني أكسيد الكربون حتى عام 2050.
من ملجأ مضاد للغارات الجوية إلى ملجأ للطاقة
خلال الإفتتاح الرسمي، قال أولي هيلفيغ، الرئيس الإداري للمعرض الدولي للبناء: "بعد أكثر من 60 عاماً على هذا المكان المهجور تبعها مشروع تطويري ومرحلة بناء استمرت لمدة 7 سنوات، تحول هذا النصب التذكاري للحرب إلى رمز لرحلتنا إلى مستقبل صديق للمناخ. لا يقوم ملجأ الطاقة هذا بتوليد الطاقة النظيفة للحي السكني المحيط به فقط، بل يبرهن أيضاً على إمكانية استخدام المصادر المحلية لإنتاخ وتخزين الحرارة. كما يدعوكم ملجأ الطاقة لزيارة منصة العرض، ومعرضه الدائم والمقهى الخاص به، فقد شهد ملجأ الطاقة زيارة أكثر من 100 ألف زائر حتى الآن".
يتم توليد الطاقة المنزلية للمنطقة المحيطة من خلال مجموعة فعالة من مصادر الطاقة: إلى جانب الطاقة الشمسية والغاز الحيوي، يستخدم المجأ أيضاً رقائق الخشب والحرارة الضائعة من المنشآت الصناعية القريبة، ليوفر طاقة التدفئة للأسر المحلية. أما ميزة المشروع الأكثر ابتكاراً فتتمثل في منشأة التخزين العازلة الضخمة مع سعتها التي تبلغ 2 مليون لتر، إذ تدمج منشأة التخزين العازلة حرارة مختلفة صديقة للبيئة ووحدات الطاقة التي هي جزء من ملجأ الطاقة. كما يُغذي ملجأ الطاقة أيضاً شبكة الكهرباء في مدينة هامبورغ بالطاقة المتجددة التي يتم توليدها من ألواح الطاقة الشمسية الخاصة به.
وبهذه الطريقة، فقد أمد ملجأ الطاقة الأسر المحلية بالكهرباء والحرارة لأكثر من سنة حتى الآن. وبمجرد الإنتهاء من المشروع بشكل كامل، سوف يولد الملجأ ما يقرب من 22,500 ميغاواط ساعي من الحرارة و3 آلاف ميغاواط ساعي تقريباً من الكهرباء، وهو ما يلبي احتياجات التدفئة لحوالي 3 آلاف أسرة واحتياجات الكهرباء لحوالي 1000 أسرة. وسيؤدي هذا إلى تحقيق وفورات من ثاني أكسيد الكربون بنسبة 95 في المئة، أي ما يعادل حوالي 6,600 طن في السنة.
لقد تم إنشاء الملجأ في عام 1943 كملجأ مضاد للغارات الجوية، حيث حمى المبنى الأصلي آلاف الأشخاص من الغارات الجوية للحلفاء. وبعد ذلك بأربع سنوات، دمر الجيش البريطاني الملجأ من الداخل عن طريق تفجير محكم. وكان الغلاف الخارجي هو كل ما بقي مع ما يقرب من 3 أمتار من الجدران السميكة وسقوفه التي يبلغ ارتفاعها حوالي 4 أمتار. وظل المبنى لما يقرب من 60 عاماً كمخلفات للحرب وأي استخدامات أخرى له كانت مقتصرة على بعض المساحات الجانبية. وفي إطار المعرض الدولي للبناء تم أخيراً إفراغ الملجأ من الداخل، وجرى تركيب محطة للطاقة المتجددة مع خزان حرارة ضخم. وفي الوقت نفسه، اعتمدت عملية البناء على مفهوم الكشف عن واجهة المبنى الأصلية والحرص على محافظة الملجأ على جودته كنصب تذكاري للحرب.
منطقة خالية من ثاني أكسيد الكربون كجزء من مخطط حماية المناخ "فيلهلمسبورغ المتجددة"
يعتبر ملجأ الطاقة جزءاً لا يتجزء من مخطط حماية المناخ "فيلهلمسبورغ المتجددة"، حيث تمثل منطقة (فيلهلمسبورغ) في هامبورغ، التي تعتبر أيضاً أكبر جزيرة نهرية في أوروبا، موطناً لمشروع فريد من نوعه اليوم. فبحلول عام 2050 ستتحول منطقة (فيلهلمسبورغ) مع ما يقرب من 50 ألف نسمة إلى منطقة محايدة مناخياً. وقد تم توفير الأساس لذلك في إطار المعرض الدولي للبناء (آي بي إيه) الذي يقام حالياً في هامبورغ. ومع مشاريعه المكرسة للطاقة، يضع المعرض الدولي للبناء في نهاية المطاف أسس العمل لتلبية الاحتياجات الإجمالية من الطاقة والتدفئة لمنطقة (فيلهلمسبورغ) بطريقة محايدة مناخياً بحلول عام 2025 وعام 2050 على التوالي. ويتمثل الهدف على المدى الطويل بتزويد تام لكافة جزر النهر في هامبورغ بطاقة محايدة لثاني أكسيد الكربون.
وخلافاً لمشاريع تطويرية مماثلة في مدن أخرى، تركز هامبورغ بدرجة أقل على المباني الجديدة، فبدلاً من ذلك تركز إلى حد كبير على إعادة تطوير المناطق المبنية. ومن خلال هذا، يقوم معرض (آي بي إيه هامبورغ) بتطوير حلول لمواجهة التحديات الرئيسية في المستقبل: تعداد سكان العالم يستمر في النمو، وحتى اليوم، تتسبب المدن بنسبة 75 في المئة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم. ومع مخطط "فيلهلمسبورغ المتجددة"، تضع هامبورغ نموذجاً يحتذى به في مجال حماية المناخ. وفي المستقبل سوف يستمد حي (فيلهلمسبورغ) طاقته في المقام الأول من مصادر محلية مع زيادة كفاءتها أيضاً. كما ستساهم معايير البناء عالية التقنية في خفض احتياجات الطاقة.
ملجأ الطاقة، جبل الطاقة، شبكة الطاقة وبيت الطحالب
تشتمل المشاريع المتميزة لمخطط حماية المناخ على "ملجأ الطاقة" الذي تم إطلاقه رسمياً، وكذلك "جبل الطاقة"، وهو موقع سابق لطمر النفايات السامة الذي تم تحويله إلى جبل للطاقة المتجددة باستخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حيث يمد 4 آلاف أسرة بالكهرباء. كما يوفر "جبل الطاقة" للسياح منظراً رائعاً لمدينة هامبورغ ونهر الإلبه.
وتشمل المشاريع الرائدة الأخرى "شبكة فيلهلمسبورغ المركزية للطاقة"، التي تجمع مرافق توليد الطاقة من مبان مختلفة في محطة واحدة "افتراضية" كبيرة للطاقة. وشبكة الحرارة مفتوحة أمام جميع السكان الذين يرغبون في الاستفادة من الحرارة المتجددة لهذه الشبكة. وهناك مشروع رائد آخر يتمثل في مشروع "فيلهلمسبورغ للطاقة الحرارية الأرضية": يقدر الجيولوجيون أن لدى الحجر الرملي الذي يتواجد في العمق تحت الجزر النهرية بهامبورغ درجة حرارة تبلغ 266 فهرنهايت. ومن خلال الحفر إلى عمق 3 آلاف إلى 4 آلاف متر يمكن استغلال إمكانات هذه الطاقة الحرارية الأرضية. ويستند المشروع على رؤية تتمثل في أنه يمكن لمحطة الطاقة الحرارية الأرضية قريباً تزويد عدة آلاف من المنازل والمباني الأخرى في حي "فيلهلمسبورغ" بالتدفئة، وفي أحسن الأحوال بالكهرباء أيضاً.
ويقدم أيضاً معرض "آي بي إيه" مع مشروعه "معرض البناء ضمن معرض البناء" قطع معمارية فريدة تعطي فكرة عن المفاهيم المستقبلية للعيش الصديق للبيئة. ويتضمن المشروع على سبيل المثال بيت "بي آي كيو" (بي آي كيو هاوس)، الذي وضع معايير جديدة كأول مبنى في العالم لديه واجهة مفاعل حيوي، حيث تم زراعة الطحالب في عناصر الزجاج التي تُشكل "الجلد الحيوي" لـبيت "بي آي كيو". ولا يتم استخدامها فقط لإنتاج الطاقة، بل أيضاً لتساعد على التحكم بالضوء وتوفير الظل. وفي الداخل، يضمن مفهوم المعيشة المبتكر أقصى قدر من براعة التصميم للحياة اليومية ويعطينا لمحة عن الحياة الحضرية في المستقبل.
فيديو قد يعجبك: