وكان المقوم الوحيد للحياة في تلك البقعة من الأرض هو وفرة آبار المياه الجوفية، "على مدار 6 أشهر لم يكن هناك مطحن أو موقد للخبز أو مولد كهرباء، وكنا نصنع أسرة من البراميل وقطع الأخشاب حتى نتجنب لدغات العقارب". يحكي منصور.

بدأ المزارعون في استصلاح الأراضي الزراعية في هذه الظروف، وبعد عام كامل خصصت شركة الكهرباء المصرية ماكينتي ديزل لتوليد كهرباء للواحة بأكملها، كانت تعمل كل منهما لمدة 6 ساعات فقط في اليوم، وخصصت وزارة الصحة سيارة إسعاف واحدة، وانتدبت اثنين من المسعفين "لنقل حالات الإصابة بلدغات العقارب للعلاج بواحة الداخلة.. الكثير يموتون وهم في الطريق إلى هناك"، يتذكر منصور بوجه واهن، وملامح نالت منها عوامل الزمن.

تسللت الحياة رويدًا رويدًا إلى أبو منقار بعد ذلك، أسس أحدهم مطحنا للدقيق، لكن المخابز دخلت الواحة، بعد 10 سنوات من إنشائها؛ ما جعل السيدات يخبزن بشكل يومي تقريبًا.

يطبخن على نيران الحطب، ويرسلن أبناءهن للتعليم في واحة الداخلة بسبب عدم وجود مدارس، وبعد العودة يستذكرون دروسهم على مصابيح الغاز ليلًا.

بعد ثورة 2011، أصبحت الكهرباء تعمل في الواحة من الساعة السادسة مع غروب الشمس، وحتى السادسة صباحًا. تذمر الأهالي، وطالبوا بزيادة ساعات تشغيل الكهرباء.

ومع دخول الطاقة الشمسية إلى الواحة، تحسن الوضع إلى حد ما، وأصبحت الكهرباء تعمل لمدة 20 ساعة في اليوم، من دون أعطال.

كان أول جهاز كهرباء يدخل منزل عائلة منصور المهدي عبارة عن ثلاجة صغيرة، أما الآن فمنزله يحتوي على جميع الأجهزة الكهربائية الأساسية.

Made with Flourish

بعد أن تأسست قرية أبو منقار في ثمانينيات القرن الماضي، ضمن مشروعات الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك لتنمية وتعمير الصحراء، تعهدت الدولة بتوفير مولدات الكهرباء عبر الوقود الأحفوري لسحب المياه من 101 بئر مياه جوفية، بهدف تشجيع المزارعين على استصلاح الأراضي وتعمير الصحراء.

وهنا بدأت تنتشر فكرة توليد الكهرباء لسحب مياه الآبار عبر ألواح الطاقة الشمسية مثل النار في الهشيم، يقول بدر "رغم التكلفة الكبيرة لتركيب محطة طاقة شمسية داخل الأرض الزراعية في البداية، إلا أنها تعد أوفر بكثير من الاستنزاف الدائم لتوفير وقود وصيانة ماكينات الديزل.. وسهلت علينا الأمر كثيرًا، ليس علينا سوى الضغط على زر التشغيل في بداية اليوم، ليتم سحب مياه الآبار وكأنها تخرج ذاتيًا، أما الديزل فكان يحتاج إلى مجهود كبير ومتابعة على مدار اليوم".

أما عن التكلفة الكبيرة لإنشاء المحطة، فأصبح المزارعون يتغلبون عليها بالاشتراك مع بعضهم، وإنشاء محطات مشتركة في الأراضي المتجاورة، وتناوب الري.

تأثير محطة الطاقة الشمسية على أبو منقار كان يتناسب مع حجمها الذي لا يتعدى نصف ميجاوات، لكنها في المقابل منحت الواحة البعيدة التي تقع على أطراف بحر الرمال الأعظم، حياة تشبه الحياة.

من خلال أنظمة الطاقة الشمسية، تستطيع مصر التكيف مع التغيرات المناخية عن طريق إنتاج الطاقة الكهربائية بواسطة المحطات الشمسية الحرارية والتي يمكن من خلالها خفض استخدام الوقود الأحفوري والانبعاثات الضارة وهو ما يؤدى إلى تقليل الانبعاثات الضارة بالغلاف الجوي؛ ما يؤدي إلى تقليل الاحتباس الحراري وخفض درجات الحرارة العالية.

الدكتور محمد الخياط

رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة

0
مليون كيلو وات/ كل سنة
0
مليون طن
خفضا في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
المصدر: التقرير السنوي لهيئة الطاقة الجديدة والمتجددة عام 2020

كيف تغير شكل أبو منقار على مر السنين؟

الفرافرة.. خبز وماء واستثمار