لمواجهة أوبر.. على "التاكسي الأبيض" أن يتعلم من "التاكسي الأسود"
كتب - أيمن صبري:
لم يكن سائق التاكسي المصري، المعارض الأول للخدمات الذكية التي تقدمها شركة "أوبر" الأمريكية وغيرها من الشركات المتخصصة في مجال النقل، فقد سبقه إلى معارضتها الآلاف إن لم يكن الملايين من سائقي التاكسي حول العالم.
فقد شهدت عدة مدن وعواصم أوروبية وآسيوية احتجاجات وصلت في بعض منها إلى حد التخريب واستيقاف حركة المرور والصدام العنيف مع الشرطة التي نفذت بدورها عشرات الاعتقالات في صفوف المحتجين.
ولم يقتصر رد فعل الرافضين لهذه الخدمات المقدمة عند حد الاحتجاج في الشوارع، فالأمر وصل إلى ساحات القضاء، حيث قام المتضررين برفع دعاوى قضائية ضد "أوبر" ومثيلاتها، وبالفعل أنصف القضاء في بعض الدول سائقي التاكسي وأوقف عمل أوبر، فيما وقف القضاء في دول أخرى إلى جانب "أوبر".
الشاهد إذًا أن سائقي "التاكسي الأبيض" في مصر إذا ما أرادوا أن يحصلوا على حقوقهم فعليهم بعد أن نظموا وقفات احتجاجية أن يُصعِّدوا للخطوة الثانية ويتوجهوا إلى المحاكم لرفع دعاوى قضائية يحصلوا من خلالها على حقوقهم من "أوبر وكريم" وغيرهما.
ولكن، القاصي والداني في مصر وأولهم سائقي التاكسي يعلم أن مثل هكذا قضايا قد تستغرق سنوات طويلة لحين الفصل النهائي فيها، وهذا لا ينفي أبدًا حق أي مواطن مصري في أن يرفع دعوى للمطالبة بحقه مهما طال بها الزمن في أروقة المحاكم.. فما الحل؟
الطرق السريعة
عادة ما تكون الطرق السريعة هي الحل الأمثل للوصول للهدف، ولمعرفة كيفية الوصول يجب أولاً رصد ثم معالجة السلبيات التي على وشك أن تقتل مشروع التاكسي الأبيض، خاصة في ظل اتساع رقعة مستخدمي "أوبر وكريم" وغيرهما من الشركات التي حتمًا ستعلن عن خدماتها في المستقبل القريب.
ولا يخفى على أحد أن سلبيات "التاكسي الأبيض" التي جعلت زبائنه يلقون بأنفسهم في أحضان أوبر وغيره معروفة وواضحة كنور الشمس وتصدح بها مواقع التواصل الاجتماعي ليل نهار وكذا البرامج الحوارية التي ترصد وتجس نبض الشارع والمواطن، الذي يعد الفائز الأول في هذه القضية.
وبما أن التعميم لا يجب أن يشمل الجميع، وانطلاقًا من أن لكل قاعدة شواذ، فالشاذ على قاعدة التاكسي الأبيض في مصر أصبح السائق الذي يتبع قواعد المرور وقوانينه ويحاسب الزبون بالكيلو متر وفقًا لما يسجله العداد وليس بالمقاولة، ولا يمتنع أو يختار الأماكن التي يذهب إليها.
وتفاقم الحالة المصرية أساسه إنكار السائق المستمر أن المشكلة تكمن بالأساس فيه وليس فيمن اقتحموا نطاق عمله بشكل أكثر احترافية واستطاعوا في أقل من عامين أن يسحبوا البساط من تحت أقدامه ويتركوه يشكوا همه للقاصي والداني.
بالطبع هذا كله لا يجيز أو يبيح لشركات مثل أوبر أو كريم أو أي شركة ستسير على خطاهما أن تعمل دون غطاء قانوني، وإلا فإنها ستظل طوال الوقت مطاردة حتى لو كان المواطن "الزبون" راضٍ عن الخدمات التي تقدم له.
"الانجليزي يكسب"
ولتلمس طريق الحل كان لزامًا التعرف على حالات مشابهة للحالة المصرية، وكانت الحالة الانجليزية ربما هي الأقرب، فقد حرص الآلاف من سائقي التاكسي الأسود (London Cab) اللندني العتيق على تنظيم التظاهرات ضد تطبيق أوبر إلى أن وصل بهم الأمر للمحكمة.
في نهاية المطاف أنصفت المحكمة العليا بالعاصمة لندن وتحديدًا يوم السادس عشر من أكتوبر 2015، أنصفت تطبيق "أوبر" الإلكتروني وأعلنت أنه يعمل في إطار قانوني باستثناء بعض البنود التي أوصت بوجوب معالجتها حتى لا يقع ضرر على سائقي "التاكسي الأسود".
قام سائقي "التاكسي الأسود" بعد صدور الحكم بالبحث عن السلبيات التي جعلت المواطن الانجليزي يفضل "أوبر" عليهم، وللعلم فالسلبيات لا تكاد تذكر، حيث أن ما يقرب من 80 إلى 82% من الراغبين في العمل كسائقي تاكسي يحصلون على دورات تدريبية تستمر نحو عام لكيفية التعامل مع الزبائن واستخدام الطرقات وما إلى ذلك قبل النزول للشارع والاحتكاك بالمواطنين.
وبعد الانتهاء من البحث توصل الممثلون عن سائقي التاكسي أن لغة التواصل الحديثة هي العائق الأبرز أمامهم، فقرروا الاعتماد على تطبيقات مماثلة للتي يتعامل عن طريقها الزبائن مع "أوبر" وغيره من التطبيقات وتنظيم دورات تدريبية جديدة للسائقين.
ومذ ذلك الحين قلت حدة الاحتكاكات بين الجانبين وأصبح الكل قادر على العمل في جو غير مشحون، فقط التنافسية التي تصب نهاية في صالح متلقي الخدمة الذي يدفع المقابل بعد رضاه عنها.
إخراج رؤوسنا من الرمل
الحالة المصرية ليست بالمعضلة التي لا يمكن إيجاد حل لها، هذا إذا ما رغب الطرف المتضرر بالفعل التوصل لحل وعدم الاكتفاء بالضغط والترهيب والوعيد لإبقاء الحال كما هو عليه، كذلك دون إغفال ضرورة تقنين الدولة عمل المشتركين في تطبيق "أوبر" وغيره.
ورابطة التاكسي الأبيض أو نقابة السائقين قد تكونان هما الطاقة التي ينبثق منها نور الأمل والمشرف على حل القضية الذي يمكن اختصاره في خطوتين لا ثالث لهما
أولًا:
تنظيم دورات مكثفة للسائقين يتم خلالها تدريبهم على مهارات التعامل مع العملاء واستخدام شبكات الطرق المختلفة والاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة (GPS)، وتلافي كافة السلبيات التي يشكو منها المواطنين حتى يتسنى للمجتمع الوثوق مجددًا في التاكسي.
ثانيًا:
العمل وبسرعة على إنشاء شركة متخصصة لتنظيم ومتابعة وتقويم عمل سيارات التاكسي الأبيض، وتكون تحركات السيارات فيها بناءً على تعليمات يتلقاها عن طريق تطبيق إلكتروني مماثل لـ"أوبر" أو أكثر حداثة وتطور إن أمكن ذلك.
نهاية.. فإن هذه العملية التنافسية التي يشهدها الشارع المصري ما بين طرفي النزاع الآنف ذكره أصبحت هي القطعة المفقودة التي أكملت الصورة الذهنية التي لطالما تمناها المواطن المصري، فهو الآن يسعى بكل جهد لخدمته كابتن أوبر ويتهافت عليه سائق التاكسي. "وهو المطلوب إثباته" إن صح القول
فيديو قد يعجبك: