أسعار البنزين تكتب نهاية قصة الحب بين الأمريكي والسيارة
على مدى سنوات طويلة مضت ارتبطت حياة الأمريكيين في مدينة لوس أنجليس وغيرها من المدن الأمريكية الكبرى بالسيارة إلى الدرجة التي أصبح فيها عشق بعض الأمريكيين للسيارة يفوق عشق الحبيب لمحبوبته.
ولكن الارتفاع الرهيب لأسعار النفط الخام ومعه بالتبعية الارتفاع في أسعار الوقود حتى اقترب سعر الجالون من 4 دولارات بما يعادل (05ر1 دولار للتر) جعل الكثيرين من سكان تلك المدينة الشهيرة يعيدون التفكير في تلك العلاقة "العاطفية" باهظة التكلفة مع السيارة.
وظهر التغيير في علاقة بين ساكن لوس أنجليس وسيارته في صور عديدة حيث ازداد الإقبال على وسائل النقل العام بصورة غير مسبوقة وتزاحم الناس من أجل شراء الدرجات البخارية والاسكوتر كبدائل أقل تكلفة للسيارات الخاصة.
وقد يبدو أن سعر أربعة دولارات للجالون الواحد من البنزين غير مرتفع للكثيرين في أنحاء العالم حيث أن أسعار النفط في دول عديدة ضعف أسعارها في الولايات المتحدة. ولكن بالنسبة لصاحب السيارة الأمريكية الذي اعتاد على شراء بنزين رخيص وسيارة ذات محرك كبير يستهلك كميات كبيرة من الوقود مثل السيارة متعددة الاستخدام ذات التجهيز الرياضي إس يو في فالأمر يصبح مثيرا للقلق.
تقول ديبرا ليتل "اشتريت سيارة طراز لينكولن نافيجيتور مقابل 45 ألف دولار منذ عامين.. لكن هذه السيارة تقطع 13 ميلا فقط لكل جالون (5ر5 كيلومتر لكل لتر) وتكلفني 110 دولارات في كل مرة أملأ فيها خزن الوقود. وأنا احتاج بشدة إلى سيارة أصغر لكنني لا استطيع التخلص من هذه السيارة الكبيرة لأنه لا أحد يريد شراءها".
يقول موزعو السيارات في الولايات المتحدة إن السيارات فئة إس يو في التي كانت تنفد فور وصولها إلى صالات العرض تظل حاليا داخل الصالات شهورا طويلة قبل أن يفكر أحد في شرائها. كما أن شهر نيسان/إبريل الماضي شهد تفوق مبيعات سيارات الركوب الخاصة على مبيعات سيارات إس يو في والشاحنات الخفيفة لأول مرة منذ 20 عاما في الولايات المتحدة.
يقول مايك جاكسون الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة أوتو نيشن أكبر توكيل سيارات في الولايات المتحدة إن السيارات الكبيرة "ماتت ولن تعود مرة أخرى" إلى الحياة في السوق الأمريكية.
وقد تغيرت خريطة السيارات في السوق الأمريكية بالفعل لصالح السيارات الاقتصادية في استهلاك الوقود مثل تويوتا بريوس التي باعت مليون سيارة في الوسق الأمريكية وسيارات مثل هوندا فيت وفورد فوكوس بل والسيارة المدمجة متعددة الاستخدام التي تعرف باسم سي يو في مثل هوندا سي.آرفي وفورد إيدج ومازد سي.زد7. وقد بلغت مبيعات السيارات إس يو في منذ بداية العام وحتى الآن في السوق الأمريكية حوالي 500 ألف سيارة وهو تقريبا أقل من نصف مبيعاتها خلال الفترة نفسها من عام 2003 وفقا لتقديرات صحيفة وول ستريت جورنال.
بل إن بعض أصحاب السيارات كثيفة استهلاك الوقود توقفوا تماما عن استخدام السيارة الخاصة وأصبحوا يعتمدون على الدراجات البخارية أو النقل العام أو الدراجة العادية وأحيانا يختارون المشي.
وقد زاد عدد مستخدمي شبكة النقل العام في لوس أنجليس خلال نيسان/إبريل الماضي بنسبة 15% عن الشهر نفسه من العام الماضي. كما ازداد معدل الاستخدام الجماعي للسيارات الخاصة.
ويقول ستيفن شوفيلر من موقع إي رايد شير دوت كوم على الإنترنت وهو موقع متخصص في التوفيق بين راغبي الاشتراك في استخدام سيارة واحدة إنه تظهر أكثر من 100 قائمة جديدة للمشتركين في استخدام سيارة واحدة كل 24 ساعة على الموقع مقابل ما بين 30 و40 قائمة جديدة يوميا قبل آذار/مارس الماضي.
وأضاف "أسعار البنزين ارتفعت في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الغذاء وهذا ألحق ضررا كبيرا بأغلب الناس".
وقد بدأت الشركات أيضا اتخاذ الخطوات الممكنة من أجل الحد من استهلاك الوقود خاصة وأنها تدفع حوالي 1300 دولار لملأ خزان الشاحنة بالوقود. لذلك بدأت الشركات تبحث عن السيارات الأقل مقاومة للهواء وبالتالي يقل استهلاكها للوقود مع استخدام برامج كمبيوتر تحقق أفضل مستوى لاستهلاك الوقود على الطرق .
ويشير مسئولو شركات النقل بالسكك الحديدية في الولايات المتحدة إلى تزايد الإقبال عليها حيث أنها أقل استهلاكا للوقود بمقدار 75% تقريبا عن النقل البري بالسيارات.
الخلاص هي أنه أمريكا تعيد الآن رسم علاقتها "بالسيارة".
فيديو قد يعجبك: