البك الذي مُنع بأمر ملكي من تجسيد النبي.. محطات في حياة يوسف وهبي

كتب - بهاء حجازي:

تحل اليوم ذكرى ميلاد المجدد والرائد الكوميديان وفنان التراجيديا الأول، صاحب الألف وجه، يوسف وهبي، واحد من رواد فن التمثيل في مصر، وأحد اثنين أعطا الفن قيمته الحالية، فكان هو وسليمان بك نجيب، الوحيدان من أبناء الذوات اللذان قررا العمل في الوسط، بينما كانت مهنة التمثيل قبلهما محرمة على أبناء الطبقات الراقية.

يوسف بك وهي الذي ولد في مثل هذا اليوم 14 يوليو من من عام 1898، لأب من أعيان محافظة الفيوم، نرصد حياته لكم في التقرير التالي:

البداية الفنية

ولد بالقرب من شاطئ ترعة "بحر يوسف" ولهذا سُمي يوسف، وقد بدأ تعليمه في كتاب العسيلي بمدينة الفيوم، قم التحق بالمدرسة السعيدية، فالمدرسة الزراعية، قبل أن يلتهب شغفًا بالتمثيل لأول مرة في حياته عندما شاهد فرقة الفنان اللبناني "سليم القرداحي" في سوهاج، وفق ما سرد في مذكراته.

انطلق يوسف وهبي بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات في النادي الأهلي والمدرسة، وعمل مصارعًا لفترة، حيث تدرب على يد بطل الشرق في المصارعة آنذاك عبد الحليم المصري، وسافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى لدراسة التمثيل وتتلمذ على الممثل الإيطالي كيانتوني، ليعود إلى مصر ويعمل بمسرح حسن فايق، قبل أن يؤسس مسرح وشركة رمسيس للإنتاج السينمائي.

شارك في تأسيس ستوديو نحاس وتولى إدارة فرقة المسرح العربي عندما كان يطلق عليها اسم الفرقة المصرية للتمثيل والموسيقى.

قدم يوسف وهبي العديد للمسرح المصري (كرسى الاعتراف، أولاد الفقراء)، وفي السينما كتب سيناريوهات أفلامه وأخرجها وحصل على العديد من الجوائز التقديرية منها جائزة الدولة والعديد من الأوسمة مثل وسام "الجراند اوف سيسيه" من ملك المغرب، كما حصل على الدكتوراة الفخرية من أكاديمية الفنون.

تزوج يوسف وهبي ولم يرزق بالأطفال، ومن أبرز أعماله (البؤساء، إشاعة حب، حبيب الروح)، وأطلقت عليه الصحافة لقب "فنان الشعب".

يوسف وهبي يحكي بدايته الفنية في سينما القاهرة

أرقام في حياة يوسف وهبي

قدم يوسف وهبي طوال حياته الفنية 128 عملاً، كان أولها فيلم "أولاد الذوات" في عام 1932، وآخرها فيلم السلخانة عام 1982.

- أخرج يوسف وهبي 40 عملاً، كان آخرها مسرحية "بيومي أفندي" في عام 1972، وأولها "الدفاع" عام 1935.

- أنتج يوسف وهبي ثلاثة أفلام فقط، هي "الدفاع والاستعباد وأيام زمان"، ووضع الديكور لفيلم وحيد هو فيلم "زينب".

- انتخب نقيبًا للممثلين عام ١٩٥٠.

- منحه بابا الفاتيكان وسام "الدفاع عن الحقوق الكاثوليكية"، وهو أول مسلم يحصل على هذه الجائزة.

- منحه الملك فاروق لقب (بك) بعد فيلم "غرام وانتقام" عام 1944.

قصة فيلم النبي محمد

واحدة من أهم المشاكل الفنية التي شهدتها الصحافة المصرية هي أزمة فيلم "النبي محمد" الذي كان بطله الفنان يوسف وهبي.

تبدأ القصة بما نشرته مجلة "المسرح" في عددها الصادر 26 مايو 1926، أن شركة سينماتوغرافية تركية أتت لمصر واتفقت مع يوسف وهبي للسفر إلى باريس لتجسيد رواية عن النبي محمد، يكون هو بطلها مجسدًا شخصية النبي محمد.

ويقول محرر مجلة "المسرح": "أخذ يوسف وهبي يستعد لأداء دوره وصنع لنفسه صورًا فوتوغرافية للشكل الذي ابتدعه للنبي، وهى صورة لا تختلف عن صورة راسبوتين".

ما نشرته المجلة أشعل ثورة ضد يوسف وهبي في الصحف والمجلات، حتى أن شيخ الأزهر أرسل خطابًا إلى وزارة الداخلية في اليوم التالى مباشرة يطالبها فيه بالتحقيق في الأمر، ومنع يوسف وهبى من القيام بالدور حتى لو اقتضى الأمر منعه من السفر.

أحضر يوسف وهبي إلى وزارة الداخلية وحققت معه وأرسلت ردًا للمشيخة تقول فيه إن يوسف وهبى سيعتذر في الصحف عن قبوله الدور، وسيعدل عنه، وأرسل الملك فؤاد تحذيرًا شديدًا للفنان يمنعه من تجسيد الدور الذي فيه إهانة للمسلمين.

كتب يوسف وهبي رسالة نشرتها الصحف جاء بها "اطلعت في عدد الأمس على مقال كتبه مسلم غيور وبه يشكو لولاة الأمور ما قرأه فى مجلة المسرح عن عزمى على تمثيل رواية النبي محمد بشكل وهيئة لا تليق بكرامة النبوة ولا تتفق مع عظمة الدين، وقد ذكر حضرته أننى صورت شخصية النبى كشخصية الراهب الدنىء راسبوتين، وهذا الخبر كاذب، وحقيقة لا أصل لها إلا التشويه والطعن من مجلة أخذت على عاتقها تقبيح كل حسن والنيل من كرامة كل عامل على خدمة وطنه".

وأضاف يوسف وهبي: "إننى إذا كنت قد رضيت أن ألعب هذا الدور فليس إلا لرفعة شأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتصويره أمام العالم الغربي بشكله اللائق به وحقيقته النبيلة، وليس الغرض من هذا الفيلم سوى الدعوة والإرشاد للدين الإسلامي، وليثق سيدي الغيور أنني أول من يعمل على رفعة شأن ديننا الحنيف، ولكن رجائي إليه ألا يصغى لأقوال الإفك وترهات قوم عُرفوا بالخديعة والملق".

وتابع وهبي: "بناءً على قرار أصحاب الفضيلة العلماء واحترامًا لرأيهم السديد، أعلن أننى عدلت عن تمثيل الدور وسأخطر الشركة بعزمي هذا".

وفاته

توفي الفنان الكبير يوسف وهبي في 17 أكتوبر 1982، بسكتة قلبية مفاجئة، في مستشفى "المقاولون العرب" بمحافظة القاهرة. وكان يوسف وهبي في المستشفى إثر إصابته بكسر في عظام الحوض نتيجة سقوطه في الحمام.

وتخليدًا لذكراه تكونت في مسقط رأسه الفيوم جمعية تحمل اسمه هي "جمعية أصدقاء يوسف وهبي"، وأقيم له تمثال أمام مقر هذه الجمعية بحي الجامعة بالفيوم على رأس الشارع الذي يحمل اسمه.