طارق الشناوي لمصراوي: محمود المليجي آدم السينما المصرية والألفة بين الأشرار
كتبت- منال الجيوشي:
هو نجم "استثنائي" وموهبة لن تتكرر، صاحب صوت ونظرة معبرة، يعتبر قامة وقيمة ومن علامات السينما المصرية، هو النجم الكبير محمود المليجي، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده.
وقال الناقد الكبير طارق الشناوي، في تصريح لمصراوي، إن محمود المليجي صاحب الوجه الأكثر عمقا في السينما المصرية، فعلى سبيل المثال قدم 700 فيلماً روائياً وهو ما يتجاوز 20% مما أنتجته السينما المصرية طوال تاريخها وهو رقم غير مسبوق إلا أن قيمة "المليجي" تجاوزت الكم إلى الكيف فلا شك أنه ترك بصمات لا تمحى في تاريخنا السينمائي.
وتابع: "أعتبره آدم السينما المصرية، فعلى الرغم من التصاق لقب شرير السينما المصرية به، إلا أنه يتجاوز التعبير عن وجه واحد فقط من الإبداع فمن الممكن أن يصبح زعيماً في عالم الخير، دولته الإبداعية امتدت إلى كل الأطياف الدرامية لتجده وقد استقر رمزاً لها فحينما نقول السينما المصرية يقفز أمامنا على الفور اسم محمود المليجي".
واستكمل: "المليجي كان هدفا للمقلدين، لما يتمتع به من ملامح صوتية وشكلية وأدائية مميزة، وهذا ما شاهدناه مثلا حينما قام أحمد زكي بتقليده في مسرحية (هالو شلبي) ومن هنا عرفه الناس".
وعن بداياته الفنية قال "الشناوي": "كان حلمه أن يصبح مطرباً في المدرسة الخديوية الثانوية، فغنى وطرده أستاذ الموسيقى في تلك السنوات – نهاية العشرينيات – الموسيقار محمد عبد الوهاب، لأن صوته نشاز".
وأضاف: "لكن حب الفن بداخله جعله يستكمل مشواره، وكان أول من تبناه فنياً هي الفنانة الرائدة فاطمة رشدي، حيث التحق بفرقتها المسرحية منذ نهاية العشرينيات وشاركها أول أفلامها (الزواج) عام 1933 هذا الفيلم بعد أن شاهدته فاطمة رشدي لم يعجبها أدائها وقامت بحرق نسخة الفيلم الوحيدة ولكنه ظل محتفظاً بقيمته التاريخية وهي أول ظهور للمليجي سينمائياً".
وتابع: "قال عنه يوسف وهبي، محمود المليجي هو الممثل الوحيد الذي أستطيع أن أقول أنه أفضل من يوسف وهبي".
أما عن تميزه في أداء أدوار الشر، قال: "عندما انتعشت السينما المصرية وبدأ الإنتاج السينمائي يزدهر في الأربعينيات كان الاتجاه المبدئي هو أن يتم تقسيم الممثلين إلى طيبين وأشرار، الطيبون ملامحهم هادئة ونظرتهم مستكينة بينما الأشرار ملامحهم حادة ونظراتهم أكثر حدة وعلى هذا أصبح المليجي تبعاً لهذه القسمة من الفريق الثاني ويقف في مقدمة الصف، واستطاع أن يحتل مقدمة الطابور ويصبح الألفة بين الأشرار الذين بمجرد أن ترى ملامحهم تتأكد أنهم سوف يدبرون الجريمة فكان هو الشرير الأول والمجرم الدائم على شاشة السينما رغم أن كل من عرفوه أكدوا أنه كان يخاف من خياله".
وأضاف: "المليجي كذلك كان يملك فيضا من الجاذبية التي تتيح له أن يمتلك ويؤثر في مشاعر الناس، وكان من فرط تسامحه حينما يرفض أحد الأدوار، يسارع بالاتصال بفريد شوقي ويؤكد له اعتذاره حتى يتمكن (فريد) من رفع أجره لأنه لا بديل للبديل، إذ كان يعتبر المنتجون فريد شوقي في الأربعينات بديلا للمليجي".
أما عن أبرز ما مميز "المليجي" عن غيره، قال الناقد الكبير: "أحياناً تصبح قوة تأثير الفنان أكبر من الدرجة المطلوبة وربما أدى ذلك إلى قدر من التعاطف مع الشخصية الدرامية التي يؤديها الفنان تخصم من التأثير العام المطلوب من العمل الفني، لقد حدث ذلك مرة مع المليجي في فيلم (غروب وشروق) وكادت نظراته من فرط الصدق أن تؤدي إلى انقلاب في المعنى السياسي للفيلم من الرفض للبوليس السياسي إلى التعاطف الإنساني مع رجل البوليس السياسي".
وأشار إلى أنه تم تشكيل لجنة متخصصة من مخرج الفيلم كمال الشيخ، والمونتير سعيد الشيخ، وكاتب السيناريو والحوار رأفت الميهي، وكان السؤال لماذا انقلب الإحساس من الرفض إلى التعاطف، فاكتشفوا أنها نظرات المليجي لسعاد حسني في المشهد الأخير وهكذا قرر الثلاثة اختصار زمن اللقطة.
فيديو قد يعجبك: