فاتن حمامة.. ''سيدة القصر'' التي تحولت من طفلة ''غلباوية'' لـ''سيدة الشاشة العربية''

كتبت- منى الموجي:

طفلة لم يتجاوز عمرها الست سنوات، عرفها الجمهور شقية ترسم الابتسامة على وجه جارها محمد عبد الوهاب في فيلم ''يوم سعيد''، وتنبأ لها الجميع بمستقبل فني قوي، ولكنها ابهرتهم وفاقت كل التوقعات واصبحت أحد أساطير السينما العربية، فكانت ''أنيسة'' بداية مشوار سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة.

براءة الطفولة

جاءت البداية لابنة السنبلاوين عندما قررت والدتها أن تشارك ابنتها في مسابقة مجلة المصور، ثم مسابقة أجمل زي، والتي فيها ارتدت ملابس ممرضة تترقرق الدموع في عينيها وكان عمرها آنذاك خمس سنوات، فأسرت قلب المخرج محمد كريم ليختارها لتجسيد دور الطفلة الغلباوية ''أنيسة'' أمام المطرب محمد عبد الوهاب في فيلم ''يوم سعيد''.

مواقف أنيسة لم تكن لتنتهي أمام الكاميرا بل امتدت إلى أبعد من ذلك، فبعد أن اقنعها المخرج بأنها إذا نظرت للكاميرا أثناء الكلام ستظهر ''بربرية''، وجدت الطفلة آن عبد الوهاب ينظر إلى الكاميرا، وببراءة الطفولة ذهبت إلى المخرج لتخبره بخطأ عبد الوهاب، الأمر الذي جعل عبد الوهاب لا يتمالك نفسه كلما وقف أمام الكاميرا فيضحك من براءة هذه الطفلة الذكية، فطالبت فاتن باستبعاده من الدور، وأن يأتي المخرج بممثل آخر.

شاركتهما فاتن في ثاني أفلامها ''رصاصة في القلب''، ثم قدمت فيلم ''دنيا'' وكانت قد اصبحت فتاة وبدأت تلتفت الانظار إلى ذلك الوجه الملائكي، الذي يصلح لتقديم أشهر موضوعات هذه المرحلة في السينما المصرية، وهو دور الفتاة الرقيقة التي تصارع ظروفها القاسية.

قررت فاتن أن تصقل موهبتها بالدراسة فانضمت عام 1946 إلى معهد التمثيل، ونجحت في أن تحتل أفلامها مكانة متميزة في قلوب جمهورها العربي، وليراها الجميع فنانة ناصرت قضايا المرأة فيمنحها لقب ''سيدة الشاشة العربية''، ويتم اختيار 18 فيلم من بين أفلامها ليكونوا ضمن قائمة أفضل150 فيلم انتجتهم السينما المصرية.

الميلودراما

دارت أدوارها الأولى في إطار من الميلودراما فهي ''ملاك الرحمة'' وإحدى ''اليتيمتين''، و''ست البيت'' التي تعاني من قسوة حماتها، وحصرتها ملامحها البريئة وجسدها الضئيل في بداية مشوارها في أدوار الفتاة البرئية، الرقيقة المغلوبة على أمرها، ولكنها سرعان ما حاولت تغيير جلدها، وكسرت كل القيود لنراها ''نادية'' في رائعة إحسان عبد القدوس ''لا أنام''، تلك الفتاة الشريرة التي تفرق بين والدها وزوجته، وتتسبب في قطيعة بينه وبين عمها لتنال في النهاية عقاب إلهي ويُحرق جسدها في نهاية الفيلم ليلة زفافها.

وعبر ''لك يوم يا ظالم'' عرفت فاتن طريقها إلى المهرجانات العالمية، حيث شارك الفيلم في مهرجان ''كان''، بعدها شاركت المخرج يوسف شاهين أولى أفلامه فطهرت معه في فيلم ''بابا أمين'' في بداية الخمسينيات، ثم قدمت فيلم ''المنزل رقم 13'' اول أفلام المخرج كمال الشيخ، والذي تعاونت معه في عدد من الأفلام كان من بينها فيلم ''الليلة الأخيرة''.

الزواج

أحبها المخرج عز الدين ذو الفقار وسعى للارتباط منها رغم فارق السن بينهما، وبالفعل ارتبطا عام 1947، ولكنه زواج لم يدم سوى سبع سنوات، حيث انفصلا عام 1954 بعد أن انجبت ابنتها نادية، لتلتقي فيما بعد بالفنان الناشئ آنذاك عمر الشريف، وتربطهما قصة حب قوية فيقرر الزواج الذي استمر ما يزيد عن العشرين عاما واسفر عن ابنهما الوحيد طارق، ورغم تصريحات الشريف التي تؤكد حبه لفاتن إلا انهما انفصلا بعدما اصبح لعمر حياة أخرى لم تستطع فاتن التعايش معها، خاصة بعد أن اصبح نجما عالميا وتطلب منه ذلك البقاء لفترات طويلة خارج مصر.

الابتعاد

ابتعدت فاتن عن مصر خمس ستوات تقريبا منذ 1966 وحتى عام 1971، وعللت ذلك الابتعاد بالضغوط السياسية التي عاشتها في مصر، وبتضييق المخابرات عليها لتجنيدها لخدمة أهدافهم وهو ما رفضته فاتن، وقررت الابتعاد ورغم محاولات عبد الناصر لاقناعها بالعودة عبر كتاب ونقاد، خاصة وأنه يراها ثروة قومية، إلا أنها عادت لمصر بعد رحيله عام 1971.

تغيير

كان الابتعاد ثم العودة احد اهم الاسباب في تقديم فاتن لطبيعة أدوار مختلفة، فالفتاة الرقيقة عادت سيدة ناضجة تبحث عن قضايا اجتماعية يجب ان تناقشها، فقدمت ''إمبراطورية ميم''، وتناولت ولأول مرة موضوع الخلع في السينما المصرية من خلال فيلم ''أريد حلا''.

رصيد فاتن عامر بالأعمال السينمائية والتي بلغت 94 فيلم، من أشهرها ''صراع في الوادي''، ''صراع في المينا''، ''دعاء الكروان''، ''الخيط الرفيع''، ''الحرام''، ''أفواه وأرانب''، ''ليلة القبض على فاطمة''، ''بين الأطلال''، ''الباب المفتوح''، وكان أخرها فيلم ''أرض الأحلام'' مع الفنان يحيي الفخراني، كما قدمت للتليفزيون ''ضمير أبلة حكمت'' و''وجه القمر''.

الرحيل

توفيت فاتن حمامة عن عمر ناهز 84 عام، مساء يوم السبت، إثر هبوط حاد في الدورة الدموية.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا