ناقد فني: "الجماعة2" يعبر عن رأي مؤلفه في التاريخ.. وهذه مشكلة المسلسل الأساسية

كتبت- منى الموجي:

أثارت الحلقات التي تم عرضها من الجزء الثاني من مسلسل "الجماعة"، في الأسبوع الأول من السباق الرمضاني، جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، واختلفت الأراء حوله بين من يرى أن صنّاع العمل يستعرضون حقائق تاريخية عاشتها مصر في فترة من أهم فتراتها في التاريخ الحديث، وبين من يؤكد أن العمل يحوي الكثير من المغالطات التاريخية.

"مصراوي" تحدث إلى الناقد محمود عبدالشكور، ليكشف لنا عن رأيه فيما تم عرضه من حلقات في الأسبوع الأول، وتقييمه للعمل على المستوى الفني.

أكد عبدالشكور أن هناك مشكلة فنية في الحلقات الأولى، فهناك فيض من المعلومات المتتالية والأفكار التي تتحدث مع نفسها، أكثر منها شخصيات ورسم لملامح درامية، على عكس ما جاء في الجزء الأول من العمل، الذي تم عرضه قبل سنوات، وتابع "وبالنسبة لمسألة التاريخ والاختلافات التاريخية، فهذا أمر متوقع، ولا استغربه، فما يتم عرضه قد يرضي سين ولا يرضي صاد، في النهاية الدراما التاريخية لا تعبر عن التاريخ، بل تعبر عن رأي مؤلفها في التاريخ، ولابد من التركيز على هذا الفرق لأهميته، صحيح أننا نصنف العمل على أنه تاريخي درامي، لكنه ليس التاريخ، فهناك فرق بين العمل الدرامي التاريخي والدراسة التاريخية".

"الفن وجهة نظر في التاريخ وليس تاريخا حتى لو وصفناه بأنه دراما تاريخية، الفن ليس تاريخا ولا يستخدم المنهج التاريخي ولكن يعتمد على رؤية المؤلف وحيد حامد وهو ليس مؤرخا، وما يكتبه من حقنا أن نختلف معه"، وأشار إلى أن الكاتب وحيد حامد استقى معلوماته من عدة مصادر، اعتمد عليها واطمأن لها، ولم يأخذ من مصادر أخرى لم يراها متسقة مع وجهة نظره، موضحا "التاريخ والفن الحقيقي على طرفي نقيض، فالتاريخ يعتبر دراسة موضوعية حسب ما يُقال، لكن الفن رؤية ذاتية، لذلك أرى أن الاختلاف أمر متوقع وطبيعي، فالجزء الأول لم يرض الإخوان، والجزء الثاني لا يرض الناصريين".

وعلى المستوى الفني، عاد عبدالشكور ليؤكد أن المشكلة الأساسية في "الجماعة 2"، أنه يخلو من المشاعر والأحاسيس، فقط يعرض أحداثا مليئة بالتفاصيل زيادة عن المطلوب وما نحتاجه لصنع دراما، الأمر الذي أثقل الدراما، وأضعف مستواها، رغم أن المخرج شريف البنداري مخرج متميز جدا، ويحاول بقدر الإمكان التقليل من الحوارات الطويلة والتفاصيل الكثيرة بصريا، أي أنه يتحايل عليها، وفقا لقوله.

وأوضح أن الفرق الواضح بين الجزئين، هو الاهتمام بالتفاصيل الإنسانية والعلاقات الاجتماعية، التي شاهدناها في الجزء الأول، فوجدنا بناء للشخصيات، مثلما حدث مع شخصية "حسن البنا"، الذي لم نراه فجأة أمامنا يقرر، بل رأينا مراحل نموه، والتغيرات والتحولات التي مر بها، متابعا "أما الجزء الثاني، فالشخصيات ظهرت كاملة التفاصيل والهيئة، نراها تُلقي الحوار وردود أفعالها متوقعة، الأمر الذي يصيب العمل بجفاف السرد، الوحيدة التي خرجت من هذا الإطار شخصية زينب الغزالي، ففي أفضل مشهد بالعمل رأينا بعض التفاصيل الإنسانية عنها، وكيف تعرضت لحريق شوه جسدها، وكذلك كيف انضمت للإخوان".

وعن أداء أبطال العمل، قال "أداء الممثلين هايل، وأفضلهم الثنائي رمزي لينر ونضال الشافعي أحسن اتنين في المسلسل، وهناك اجتهاد كبير من صابرين، طبعا عبدالعزيز مخيون مميز جدا، محمد فهيم مجتهد، لكن الشخصية آحادية ترتدي وجها واحد، والدراما بتشتغل على الرمادي لا الأسود أو الأبيض، فلا يمكن أن يرتدي إنسان قناع لا يغيره طوال الـ24 ساعة، وهذا أيضا مأخذ فني".

وأشاد عبدالشكور بأداء الفنان الأردني ياسر المصري، والذي يؤدي دور الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، مضيفا "رأيته جيد جدا، ومن أوائل الناس الذين بحثت عن اسمائهم، فهو ممثل ممتاز، وأدى الدور بشكل رائع"، بينما أخذ على المخرج اختيار الفنان محمود الجندي في أداء شخصية مصطفى النحاس، ورآه غير مناسب للشخصية، "لكن في النهاية دي وجهات نظر فنية".

وأكد عبدالشكور أن الممثل محمد البياع، الذي يقدم دور الملك فاروق، أدى الدور بشكل جيد، "لكن الهيئة التي ظهر عليها لم تكن هيئة فاروق في هذه الفترة، ففاروق تعرض لحادث سيارة في الأربعينيات عُرف باسم حادث القصاصين، إذ اصطدمت سيارته بعربة تابعة للجيش الإنجليزي، وأثرت على الغدد، وتسببت بزيادة وزنه، وهي واقعة معروفة، كان لابد من مراعاة هذه الجزئية في شكل من يقدم الدور".

وأوضح عبدالشكور أن ملاحظاته الفنية على "الجماعة 2"، ليس الهدف منها أن يكون هناك مطابقة، ولكن أن يحدث إيهام بالتاريخ، وهذا ما يقوم به الفن، مختتما بالتأكيد على أن "الجماعة 2" سيبقى من أهم المسلسلات المعروضة في السباق الرمضاني لعام 2017، ومتمنيا أن تكون الحلقات المُقبلة أفضل، ومشددا على أن ما قاله ليس تقييما وحكما نهائيا على العمل بقدر ما هي ملاحظات على ما تم عرضه.

"الجماعة 2" تأليف وحيد حامد، بطولة صابرين، عبدالعزيز مخيون، نضال الشافعي، محمد فهيم، ياسر المصري، أحمد عزمي، رمزي لينر، وإخراج شريف البنداري.