الأغنية.. من ''الجرامافون'' حتى ''الفيديو كليب''
تقرير- منى الموجي:
شهدت الأغنية العديد من المراحل والتطورات المختلفة فبعدما كانت الاسطوانات التي يتم سماعها عبر الجرامافون، هي الوسيط الأشهر بين الأغنية والمستمعين، جاءت الإذاعة ومحطاتها لتحتل هذه المكانة، وأصبحت الإذاعة هي المتحكم الرئيسي في اختيار الأصوات التي سيسمعها الجمهور، فقبل أن يحصل المطرب على هذا اللقب كان لابد من مروره أولا على لجان الإذاعة لتعترف به وتعتمده مطربا.
ومع مرور الوقت أصبح للأغنية معنى وشكل جديد بعد ظهور الأغنية المصورة عبر شاشة السينما فأصبحت محملة بحدوتة الفيلم، فظهرت أغاني الأفلام والأفلام الاستعراضية التي كان الهدف منها الغناء والاستعراض وجذبت السينما كبار المطربين والمطربات ليقدموا من خلالها أشهر وأجمل أغانيهم، حتى ظهرت الأغنية الفيديو كليب وهي أقرب لشكل أغاني الأفلام ولكن بصورة منفصلة، فامتلأت الشاشات بهذه الأغاني وتبارى المطربين والمطربات في تقديم أفضل ما لديهم، وحرصوا على تجديد شكل هذه الأعمال لتظهر بصورة مبتكرة ولتجذب أبصار الجمهور قبل أسماعهم، وأصبحت هناك قنوات فضائية مُخصصة فقط لبث هذه الأعمال الفنية.
قطعة فنية
ويعتبر الفيديو كليب قطعة فنية قد تختلف جودتها على المستوى الفني، لكنها في معظمها لا علاقة لها بالمجتمع الشرقي وبعاداته وتقاليده، فتظهر هذه القطعة الفنية كنغمة نشاز، وتعددت أشكال الفيديو كليب فتغير عن الصورة الأولى التي ظهر بها على المستوى التقني وكذلك على المستوى الفني، فلم يعد مهما أن يمتلك المغني صوتا قويا وأصبح الأهم هو الشكل.
ويرى كثيرون من النقاد أن الفيديو كليب مازال حتى الآن ورغم مرور عشرات السنوات على ظهوره قطعة فنية غربية تستمد شكلها وأحيانا مضمونها من الغرب، كما يرى البعض أن الفيديو كليب أصبح رمزا للعري وخدش الحياء وتقليدا أعمى للغرب، فتتنافسن فيه المغنيات على إبراز مفاتنهن.
إسفاف
يؤكد الباحث والناقد الموسيقي الدكتور أشرف عبد الرحمن أن الفيديو كليب عرفه الجمهور في السنوات الأولى لظهور السينما، فقدم الموسيقار محمد عبد الوهاب عدد من الأفلام كان أولها ''الوردة البيضاء'' عام 1933، وشدى خلال هذه الأفلام العديد من الأغاني، وكذلك أم كلثوم وغيرهما من المطربين والمطربات الذين قاموا ببطولة أعمال سينمائية غنائية، فلعبت الصورة دور في تعميق المعنى والاحساس بالكلمة بالإضافة إلى الإبهار البصري.
ويصف عبد الرحمن الفيديو كليب الذي يُقدم حاليا بأنه إسفاف، حيث تحول من الهدف الرئيسي الذي ظهر من أجله وهو أن تخدم الصورة الكلمة واللحن وتحاكي كلمات الأغنية، ليصبح استعراضات ليس لها علاقة بمضمون الأغنية، ومجرد مشاهد لإثارة المتفرج ولفت النظر، وفقا لقوله، موضحا أن الفيديو كليب الذي يمثل إسفاف هو السبب في ظهور مطربات التعري والإغراء.
ويضيف عبد الرحمن قائلا ''هذا التحول والتغير في شكل الفيديو كليب أدى إلى ظهور أشخاص لا علاقة لهم بالغناء إلى هذا المجال لمجرد امتلاكهم ملكة الاستعراض والإغراء حتى وأن افتقدوا للصوت الجيد، ولم يعد صناع الأغنية يلقون بالا إلى جودة الكلمات والألحان والصوت''، مشيرا إلى أن صناع الفيديو كليب تأثروا بالغرب فقاموا بتقليدهم تقليد أعمى يؤثر على هويتنا، فالتقليد لم يقتصر فقط على الصورة، ولكن هناك كليبات منقولة باللقطة من كليبات أجنبية، لافتا إلى أنه لا يقصد وصف كليبات الغرب بالإسفاف ولكنه قصد أن طبيعة الكلمات لديهم تستدعي هذه الصورة التي تناسب حياتهم، بحسب رأيه.
وشدد عبد الرحمن على أهمية دور وزارة الثقافة من خلال جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، في منع مثل هذه الأعمال، مطالبا بحدوث ثورة فنية حقيقية، فقبل طرح أي أغنية أو فيديو كليب لابد أن يمروا أولا على جهاز الرقابة، وتكون هناك معايير يتم الالتزام بها ليخرج إلى النور فقط الفن الجيد، وحتى لا تعتاد أذن المستمع على مثل هذه الأعمال الغير جيدة.
الإنتاج متوقف
ويشير الملحن الكبير هاني شنودة إلى أنه كان من أوائل من قدموا أغاني على طريقة الفيديو كليب من خلال فرقته ''المصريون''، ذاكرا منها ''متحسبوش يا بنات إن الجواز راحة''، وتابع ''إنتاج الأغاني بات متوقفا الآن، فما بالنا بالفيديو كليب، خاصة بعدما أصبحت كل الأعمال الفنية على الانترنت، في ظل تقصير الدولة في وضع قانون يحمي صناعة الأغنية والأعمال الفنية ويحارب القرصنة''.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: