دراما رمضان في عيون النقاد – (تقرير)
كتب- أحمد عبد المجيد:
طالب عدد من متابعي دراما رمضان هذا العام، بإجراء تحقيق مع رئيس جهاز الرقابة، ومع رقباء المصنفات، متهمينهم بتقديم دراما بها إسفاف وابتذال بجانب الإيحاءات، ووصل الأمر للمطالبة بمحاكمة جهاز الرقابة على المصنفات باعتبارة المسئول عن دخول كل كبيرة وصغيرة إلى البيوت المصرية.
وفي نفس الشأن اعتبر بعض المتابعين أن توجيه هذا الاتهام لجهاز الرقابة يعتبر تعدي على حريته وتكبيل لدوره الفني.
عبد الستار فتحي، رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية، يرفض ما ينشر عن مطالب تقديم الرقابة للمحاكمة، قائلًا: ''لدي قوانين رقابية أعمل على تطبيقها، كما أنه لدي مجموعة من المتخصصين من الرقباء يعملون منذ قرابة 33 سنة فى مجال الرقابة، وأثق فى رأيهم الذى يمتاز بمنتهى الحيادية والمهنية، فلا يعنيني ما يردده بعض الأشخاص عبر الانترنت، وأنا واثق أنهم يقومون بذلك الفعل، من أجل تعبئة بعض المواقع الإلكترونية بمواضيع بها إثارة، علما بأن هذه الأفعال تتكرر كل عام دون فائدة''.
ويتابع عبد الستار: ''أنا مع الجرأة فى الفن دون اسفاف أو ابتذال، و هناك فرق بين الجرأة وبين التجاوز، والشارع المصري سبقنا بكثير فى هذا الشأن، والفن بطبيعته يحاول دومًا ملاحقة الشارع، ومحاكاته فى ظل هذة الظروف الصعبة التى تمر بها مصر الآن''.
وعن دراما رمضان هذا العام يقول رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية : ''أنا فى موقف لا يسمح لي بإبداء رأيي حتى لا يتهمني البعض بأني منحاز لعمل دون آخر، لكن بوجه عام تقدم لنا 27 مسلسل تم إنتاج 22 منهم فقط، ويتم عرضهم الآن فى ظل ظروف إنتاجية قاسية، و كل الأعمال الدرامية، إذا لم تكن أعمالًا جادة وهادفة، تجدها تتمسح فى الحالة الثورية الموجودة بالمجتمع المصري على حساب الدراما نفسها، وفي حقيقة الأمر فإن الثورة لم تكتمل حتى يتم عرضها في أعمال درامية، وأي عمل يتطرق إلى الثورة نراه مشوها، ولذلك كانت النتيجة أنه هناك 7 أعمال جيدة، و7 أعمال متوسطة، والباقى ضعيف جدا''.
من جانبها تؤكد الناقدة ماجدة خير الله، أنه لا يوجد معنى لما يعرف بـ ''الإسفاف الدرامي''، ولكن هناك موضوعات يتم تقييمها إما بأنها جيدة أو أنها دون المستوى، لأن فى النهاية يكون الجمهور أمام حالة فنية ويقيمها بنفسه، مؤكدة أنها ترى موضوعات تطرح لأول مرة في دراما رمضان الحالي، وتمس قضايا جديدة.
وتستطرد الناقدة الفنية: ''من يرى أن هناك محتوى معين داخل العمل الدرامي يزعجه فمن السهل الابتعاد عن هذا المحتوى، وبوجه عام الحياة كلها اختيارات فمن حق المشاهد اختيار ما يشاء، بدون أن يفرض رأيه على الآخرين، وبالنسبة لمستوى الدراما فى رمضان الحالي فأنا أرى أن هناك مستويات عالية الجودة فى الأداء سواء فى الصورة والموضوع والأداء، وهناك مسلسلات تفوقت مثل مسلسل ''موجة حارة'' وغيرها من المسلسلات''.
ويتفق الناقد طارق الشناوى مع سابقته، فى فكرة عدم جواز وضع المزيد من القيود على الفن، مؤكدًا أن الفن يمر الآن بظروف قاسية، ومصر تعيش و بها الكثير من القيود ولا تتحمل قيودًا أكثر مما فيها.
وعن تناول الأعمال الدرامية للموضوعات الخاصة بالشارع المصري بشكل جريء يقول الشناوي: ''إذا كانت هناك جرأة لفظية وحركية فى بعض المسلسلات، فالشارع المصري يعيش حالة ضياع، وأصبح به جرأة لم يسبق لها مثيل، وبالنظر إلى مواقع التواصل الاجتماعي سنجد الألفاظ المستخدمة أكثر جرأة، وتنتشر بين المستخدمين والمتابعين بطريقة عادية دون خجل، فأرى أنه من الطبيعي أن نختلف على بعض الأعمال التى بها الفاظ مبالغ في جرأتها، ولكن هذا لا يعطينا الحق بأن نطالب بالتحقيق صناع العمل أو المسئولين عن الرقابة و''اللى ميعجبوش مسلسل من حقه تغييره بالريموت كنترول''، وليس بالمصادرة والهجوم على الرقابة.
وعن أفضل المسلسلات في دراما رمضان هذا العام يقول الشناوى: ''هناك مسلسلات جيدة هذا العام من حيث الصورة وأداء الممثلين والموسيقى التصويرية، وعلى رأسهم مسلسل ''ذات''، ''موجه حارة''، ''آسيا''، ''بدون ذكر أسماء''، و''فرعون''، أما المسلسلات التى سقطت فى بداية عرضها في رمضان كان مسلسل ''حكاية حياة'' والذي خرج تمامًا من الحسابات، على الرغم من أننا كنا نعتقد نجاح غادة عبد الرازق هذا العام، خاصة بعد نجاحها رمضان الماضي بمسلسل ''مع سبق الإصرار''، وشاركها في السقوط الفنان خالد الصاوي متراجعًا بمسلسله ''على كف عفريت'' عن مستواه المعهود''.
وتضيف الناقدة الفنية عزة هيكل، أن الفن انعكاس للواقع، وبحسب تعبيرها فإننا نحن نعيش فى واقع فوضوي، وسمته الرئيسية اختلاف المظهر عن الجوهر، وبه الكثير من الرياء والنفاق.
وتؤكد عزة هيكل أن ما نراه على الشاشة فى رمضان يدل على أن هناك الكثير الفوضى فى الأعمال الدرامية، فقد قامت الأعمال الدرامية بالخلط بين الواقع والابداع، حتى اصبحت الدراما مجرد تسجيل لرؤى وأفكار وانطباعات لكثير من شباب المبدعين، دون رؤى مستقبلية، ودون احساس بالجمال، وتقدير لمفهوم التخيل والأبداع ورسالة العمل الفنى والأدبى.
وتضرب الناقدة الفنية مثال على ما ذكرته سابقًا بما حدث بمسلسل''حكاية حياة'' فعلى حد قولها إن هذا المسلسل من المفترض أنه يجمع كثير من عناصر النجاح، ولكن الذي حدث هو احتمال وجود خلاف ما بين الكاتب والمخرج، جعلهما مختلفين في فهم مضمون ومفهوم العمل، فمن المفترض أن العمل يتناول طبقة راقية ثرية مشوهة بكل الفساد والأخطاء، لكن لغة الحوار لا تعبر تمامًا عن هذه الطبقة، بالإضافة إلى السباب وجرح المشاعر والأحاسيس قام بخلق حاجز بين المشاهد وجميع شخصيات العمل، حتى لو كان العمل به فكرة جيدة، ''علاوة على أن المخرج جعل مشاهد العمل يشعر أننا نعيش بداخل كبسولة فضائية، كما حاول إبراز مظاهر الثراء كأننا نعيش فى مدينة ثلجية كوكبية غير موجودة أرض الواقع''.
وتشير هيكل إلى باقي الأعمال الفنية مثل ''الداعية '' و''العراف'' و''فرح ليلى'' مؤكدة انها تتناول فكرة التعبير عن الدين بالمظاهر والتفكير والسلوك، وتوجيه بعض الذين يدعون إنهم دعاة باسم الدين، ويستخدمون ذلك في نشر أفكار متطرفة، تسعى لإفراز أجيال رافضة للفن والحياة بوجه عام، كما يستخدم هؤلاء ''الدعاة الجدد'' الدين؛ بغرض المتاجرة به والسعي لمكاسب دنيوية.
فيديو قد يعجبك: