لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

شيخ جاكسون.. كيف تُقدم فيلمًا يحبه الجمهور؟

12:31 م الأربعاء 25 أكتوبر 2017

شيخ جاكسون

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

نحو 5 ملايين جنيه حققها فيلم "شيخ جاكسون" خلال أربعة أسابيع من عرضه التجاري داخل مصر، يُعرض الفيلم الذي أخرجه عمرو سلامة في غير موسم تجاري، لا موسم عيد أو صيفي، هنا تُشير الأرقام إلى نجاح ما يحدث.
ما السبب في ذلك؟



لنبدأ بـ"تريلر" الفيلم، الذي يُقدّم لنا شخص يدعونه "دودو، دودة، جاكسون، شيخ"، هذه هي أزمة الفيلم، كما قال سلامة بإحدى تصريحاته "شيخ جاكسون يتحدث ويناقش أزمة الهوية، كيف تكون متناقضة داخل الإنسان"، ويبدأ الفيلم بمقولة الشيخ(أحمد الفيشاوي) للطبيبة النفسية(بسمة) "أنا مش عارف أعيّط"، البكاء هنا هو الدليل الذي ارتكز عليه الشيخ في عرض مُشكلته.

لم يُقدّم لنا كاتبا السيناريو- عمرو سلامة وعمر خالد- تمهيدات لأجواء الفيلم، سوى من خلال كابوس يستيقظ عليه البطل، الذي ينام أسفل السرير كإشارة للقبر، دون ملل يدخل المشاهد مباشرة في الأزمة النفسية التي تتمحور حولها الحكاية، نسعى لإدراك أبعاد المشكلة جيدًا، فالشيخ سلفيّ بغير غلظة، ينتظم في صلاته، يؤم الناس في صلاة الفجر بدلًا من الإمام، يتلو الأدعية حين الدخول والخروج والملبس، يصون بيته، ويُعلّم زوجته وابنته دون تعنيف بل بالابتسامة.

لذا نُدرك حينما يقول الشيخ للطبيبة النفسية إنه لا يتمكن من البكاء، فهذا يعني أن قلبه لم يعد يخشع، وهو ما يُمثل أزمة بالنسبة له، من خلال استفسارات الطبيبة نفهم ما هو الحدث الفاصل بالنسبة للشيخ؛ سماعه لخبر وفاة مايكل جاكسون عام 2009 هي اللحظة التي جعلت عينا الشيخ لا تدمع بعدها.

هنا تبدأ خاصية "الباك والفورورد"، بين الماضي والحاضر نعيش حياة الشيخ، طفولته ومراهقته بالإسكندرية، حبه لفتاة بمدرسته ومن ثمّ تعلّقه بجاكسون المغني المفضل لديها، الأمر لا ينتهي عند ذلك، بل يُقلدّه في المظهر حتى يُطلق عليه اسم جاكسون، بينما الحاضر ينبؤنا أن هذا المراهق (أحمد مالك) اختلف تمامًا، خلع ثوب جاكسون وارتدى الجلباب.

برُع المصور أحمد البشاري في صنع الحاجز بين الماضي والحاضر، تميز الماضي بسلاسة ونعومة يغلب عليه الألوان الدافئة، أما الحاضر فألوانه باردة تحديدًا في استخدام اللون الأزرق، كذلك كانت ملابس الستايليست ريم العدل بمحلّها، ففترة التسعينيات التي عاش خلالها المراهق الذي اشتهر باسم دودة ثم جاكسون تُشبه العصر تمامًا، من قمصان مشجّرة للرجال والـ"توربون" للسيدات.

التفرقة بين الزمنين عبر التصوير واستخدام الألوان، نفت وجود حيرة لدى المُشاهد لمعرفتهما، كما كانت المشاهد بين الزمنين غير مخلوطة، فيما تسير الأحداث على هذا النحو بسلاسة مقبولة.

التحدّث عن أزمة هوية لدى شخص وتحولاته الجذرية، هو أمر ليس سهل، تمكّن سلامة من قول ما لديه داخل فيلم، جلس أمام شاشته بإحدى سينمات وسط البلد، حفلة التاسعة والنصف، مجموعة مراهقين ورجل وزوجته كبار السن، واثنان آخران في عمر ثلاثيني، وثلاثة شباب آخرين في عمر العشرين، هذا التنوّع في المشاهدين يُشير إلى جذب الفيلم فئات عمرية مُختلفة، الضحكات التي انتزعها الفيلم منهم تُدلل على خفّته، الصمت المُصاحب وحبس الأنفاس لمشاهد هلاوس الشيخ الذي يتعرض لضغط نفسي تأكيد على جذب الانتباه.


هناك "خلطة" قام بها سلامة، ارتكزت على ثلاث نقاط؛ أولًا التحدّث عن قضية هامة لدى مجتمع لا يُدرك أزماته جيدًا، ثانيًا التحدث عن تحوّلات قامت مع متغير اجتماعي وسياسي دون التكلم عنه، ثالثًا حُب العديدين لمايكل جاكسون، كل ذلك ضَمن أن هذا الفيلم سيشاهده الناس، لكن نجاحه أمر غير مؤكد، إلا أن الأرقام الأولى تُشير إلى نجاحه حتى الآن.

"الخلطة" هي ما تريد قوله بطريقة بسيطة جذابة دون غموض، لذا لم يدع صناع الفيلم فرصة لنا منذ بداية الأحداث، حيث عرض الأزمة مُباشرة، الكوميديا التي تحلّت بها شخصية الأب (ماجد الكدواني) أعطت انطباع ظريف، أما الهلاوس التي صاحبت شخصية الشيخ أضفت عُنصر الإثارة، الذي تجلّى مع رقص بديل جاكسون (الممثل كارلو رايلي) داخل المسجد بُصحبة المصلين خلف الشيخ، وهوس مراهق بمغني تلمس وترًا خفيًا داخل النفوس.

ورغم عدم تمكّن صناع الفيلم من شراء حقوق أغاني جاكسون، إلا إنه بنسبة ما استطاع تعويض ذلك بحرفية، "الهلاوس" التي يسمعها الشيخ تعتمد على موسيقى ملك البوب، طوّع الصناع الأدوات المحيطة ببيئة الشيخ لذلك، نجد مشهد يجلس فيه الشيخ داخل سيارته عند السمكري، فيما تجذب أذنيه أدوات العُمال، التي تصنع معزوفة تُشبه موسيقى جاكسون.
أكبر الأخطاء المُحيطة بموسيقى جاكسون هي استخدام موسيقى هاني عادل، كخلفية كاملة للفيلم، فموسيقاه الشرقية التي وُضعت خلفية عند تقليد المراهق لرقص جاكسون لم تكن موفقة.

هناك أيضًا بعض الأخطاء المصحوبة للكتابة، منها كيف يُمكن للأب الذي أقام علاقة مع امرأة متزوجة، أن يأتي زوجها ليضربه، فيجده ابنه المراهق بكامل ملابسه عندها، كذلك بعدما أوضح لنا الفيلم كيف تعلّق الابن بجاكسون، رغم عنف والده له وتأكيده على أنه ليس رجلًا، لا يُخبرنا أحد كيف حدث هذا التغيير التام، فالمراهق لديه خال سلفي، قرر أن يُسافر إليه والعيش معه، لكن لا نرى عملية التحوّل نفسها، فالنصف الثاني من الفيلم يكون مساره سريعًا.

ساعة ونصف هي مدة الفيلم الذي يحكي لنا قصة هاني خالد عبد الحي، لا نعرف اسمه كمشاهدين سوى عبر مشاهد النهاية، ورغم العثرات داخل سيناريو الفيلم، ومشهد كامل ردئ من الجرافيك، إلا أن الفيلم كمجمل يستحق المشاهدة، ويحقق عنصر المتعة والجذب الضروريين لدى أي متفرج، والتماهي مع الشخصيات الأساسية؛ وهم أحمد الفيشاوي وماجد الكدواني وأحمد مالك، كما أن مشهد النهاية يأخذ القلب معه.

فيديو قد يعجبك: