ابنة حسين رياض: والدي أصيب بشلل بعد هذا الفيلم.. وشقيقه فنان معروف (حوار)
حوار- منى الموجي:
صوت حنون تعرفه جيدا بمجرد سماعه، يُذكرك بصوت الأب أو الجد، هادئ الطباع مغلوب على أمره في كثير من الأفلام، عشق الفن ومنحه سنوات طويلة من عمره، بقي في معظمها راهب في محرابه، لم يكن بطل أول بالمعنى الدارج ولكن أدواره لا يمكن الاستغناء عنها ومن الصعب أن تتخيل فنان أخر يؤديها، ورغم رحيله الذي يمتد لأكثر من 50 عام، ظل اسمه علامة مميزة في تاريخ الفن، هو " أبو السينما المصرية " الفنان الراحل حسين رياض .
سعى بإصرار لتحقيق حلمه بداية من تغيير الاسم حتى لا تعرف أسرته انشغاله عن دراسته بالتمثيل، وتكوين فرقة مسرحية مع أصدقائه " يوسف وهبي ، حسن فايق ، أحمد علام ، عباس فارس " ممن أصبحوا نجوما أثروا المسرح والسينما بتحف فنية، أطلقوا عليها فرقة " هواة التمثيل المسرحية "، كان يكلفهم الأمر توفير نفقات الفرقة من جيوبهم الخاصة في ظل عدم تحقيقها لأية أرباح تُذكر، شغله الفن عن تكوين أسرته الصغيرة حتى تجاوز عمره الأربعين، والتقى بشريكة حياته وانجب منها 3 ابناء.
حالة من السعادة تعيشها فاطمة حسين رياض مع كل تكريم جديد لجيل المبدعين من زمن الفن الجميل، وخاصة عندما يتعلق التكريم بوالدها، وعمها الفنان فؤاد شفيق، تراها لمسة وفاء لأناس يستحقوا التكريم، وتنادي المسؤولين عن الإعلام بالتعاون مع وزارة الثقافة بتخصيص مساحة زمنية لتعريف الجمهور بالمبدعين الأوائل في كل المجالات لا الممثلين فقط، حتى يتعرف جيل الشباب على مشوارهم ويتخذونهم قدوة، لافتة إلى أن هناك عدد كبير من الجمهور لا يعرف حتى الآن أن فؤاد شفيق شقيق حسين رياض .
تقول فاطمة لــ"مصراوي": "زمان حسب ذاكرتي كان فيه برنامج اسمه مع النجوم كان يقدمه الناقد والمؤرخ الفني حسن إمام عمر ، كل أسبوع يتكلم عن فنان يُعرف الجمهور على الجوانب الأخرى في حياته يركز على أعماله وبعدين أسرته وملامح شخصيته، وكذلك برنامج قمم تقديم ليلى رستم، وهذا البرنامج كانت بداية إصابة والدي بالذبحة الصدرية، وهو ما شعرت به أثناء مشاهدة الحلقة".
رغم أنها عاشت معه فترة لا بأس بها حتى تزوجت وأنجبت إلا أن فاطمة لا تعتبر الفترة التي قضتها مع والدها كافية لتنهل من نهر حنانه، "بعد وفاته قرأت وسمعت أشياء كثيرة لم أكن أعرفها، معشتش مع بابا كتير تزوج متأخرا وأنجبنا في سن كبير، إلى جانب انشغاله الدائم بالتصوير أو بالوقوف على خشبة المسرح ".
أفلام عديدة لم نراها ليس لحسين رياض فقط ولكن لكل نجومنا تقريبا، ربما ما يُعرض على الشاشات الآن هو ربع إنتاج السينما المصرية في عصرها الذهبي، للدرجة التي جعلت فاطمة تفاجئ بأفلام لم تراها من قبل لوالدها على قنوات فضائية اشترت تراثنا –وفقا لتعبيرها-، "ببقى سعيدة جدا اني بشوفه في عمل جديد".
يبدو كتلميذ يذهب للامتحان في كل يوم ينزل فيه إلى المسرح ، متوتر، عصبي، غير مسموح لأي فرد من أفراد أسرته الاقتراب منه في هذا التوقيت، رغم أنها مسرحية يقدمها كل ليلة، وتُرجع فاطمة سبب هذا التوتر إلى احترامه الشديد للجمهور.
قليلون هم من يعيشون شخوص أعمالهم إلى حد الاندماج التام فينسون لوهلة أو أكثر من هم، الأمر تطور مع حسين رياض أثناء تصويره فيلم " الأسطى حسن "، مع الفنان فريد شوقي والفنانة زوزو ماضي ، حيث كان يؤدي دور رجل قعيد، يجلس على كرسي متحرك، وعند عودته للبيت أصيب فعلا بشلل، وعن الساعات التي فقد فيها القدرة على الحركة تحكي فاطمة "كنت صغيرة جدا لكن أتذكر ما حدث، حيث وجدت والدتي تتصل بطبيب العائلة، وبالفعل جاء إلى البيت وعاد والدي للحركة".
" كاهن في المحراب " هكذا تصف فاطمة والدها، "كان عايش لفنه عشان كدا الفترات اللي عشتها معاه والاسرة قليلة، ولو الشباب عرفوا نجوم زمان تعبوا اد ايه عشان يكونوا نجوم مفاهيمهم هتتغير".
إجادته لدور الأب لم تكن فقط للنجوم على شاشة السينما والتليفزيون أو على خشبة المسرح، وإنما أجاده في الحياة فكان حنان الأبوة موزعا بين ابناءه وبين نجوم تبناهم واعتبرهم ابناءه، من بينهم صلاح قابيل ، زبيدة ثروت ، فاتن حمامة ، وحسن يوسف "كان تقريبا متبني الأستاذ حسن يوسف ، وماما كانت بتقولنا إن كان فيه خلاف مع الاستاذ حسن وإدارة المسرح القومي وبابا هددهم بأنه هيستقيل لو متحلش الموقف مع حسن يوسف ، وكنا نعتبره أخ لنا"، ويُرجع حسين في أحد حواراته الصحفية السبب في إجادته دور الأب إلى فقدانه لوالده وعمره 11 عام، "أعيش هذا الدور بكل جوارحي لأعوض به صباي".
مشاغل الحياة تلهي الجميع.. في السنوات الأولى بعد رحيل حسين كان السؤال عن أسرة الأستاذ والفنان والأب الحنون لا يتوقف، من جانب الجيل الجديد ومن قامات فنية كبيرة عاصرت مشواره الفني، ومنهم: الفنانة أمينة رزق ، الفنانة علوية جميل ، الفنانة دولت أبيض .
كل أفلامه تحمل مذاق خاص، تحب أن تشاهدها فاطمة، وترى في كل منها شيء يؤكد عبقرية والدها في التمثيل والاختيار، وعندما تريد الابتعاد عن الأخبار والصراعات تشاهد الأفلام القديمة "الأبيض والأسود"، وتختار في النهاية فيلم "أغلى من حياتي" ليأتي في مقدمة الأفلام التي تحب مشاهدتها لوالدها.
لا تنكر فاطمة أن الفرصة كانت متاحة أمامها للدخول إلى عالم التمثيل في حياة والدها، خاصة وأن "مخرج الروائع" حسن الإمام عرض عليها فعلا التمثيل، لكن تفكيرها وقتها مُنصبّا على استكمال دراستها والالتحاق بالعمل الأكاديمي، فقد كانت الأولى على قسم الصحافة، لكنها لا تخفي –الآن- ندمها بضياع فرصة الانضمام لهذا العالم "ندمانة دلوقتي اني مسمعتش كلامه ولم أدخل المجال الفني ووالدي على قيد الحياة".
فيديو قد يعجبك: