"زنقة الستات".. توليفة سينمائية أول مقاديرها "الذكاء"
كتبت- هدى الشيمي:
تصدر فيلم "زنقة الستات" الذي عٌرض في السينمات بالتزامن مع أعياد الربيع، أخبار الصحف والمجلات، مؤكدين أنه نوع جديد من السينما المصرية، ويشيدون به بعد تحقيقه لأكثر من تسعة مليون جنيه، وقد يرجع ذلك إلى العديد من الأسباب.
إذا رغبت في مشاهدة الفيلم في دور العرض، في أي وقت حتى حفلة العاشرة، أو حفلة الواحدة ظهرا، في أي يوم حتى منتصف الأسبوع، ستجد في أغلب الأحوال تزاحم أمام شباك التذاكر، واستياء يصيب الكثير إذا لم يجدوا أماكن في القاعات، وبعد الدخول ستكون القاعة ممتلئة، بجمهور من كل الأعمار.
كان "الذكاء" السمة الأساسية والمسيطرة للعاملين في الفيلم، فكل منهم يتصف به على طريقته، بداية من كتّابه، كريم فهمي، وهشام ماجد، اللذان استطاعا خلق عمل درامي، مليء بالسخرية المبررة، وهذه عادتهما الدائمة، واللعبة التي استطاع كل منهما ممارستها بحرفية، وهي كتابة عمل فني يسخر من كل شيء، فكريم فهمي كتب العام الماضي فيلم "هاتولي راجل" والذي حقق إيرادات عالية جدا، ازاحت الكثير من أفلام العشوائيات، والأفلام التي يعتبرها البعض أفلام "هابطة" عن تصدرها لعرش الإيرادات، ووضع في أذهان الجميع فكرة قدرة صنّاع السينما المصريين على خلق فيلم به فكرة، ويصنع الابتسامة.
أما هشام ماجد، فكتب الكثير من الأفلام التي أضحكت الكثير، وفي نفس الوقت شعروا أن فكرتها جديدة غير مبتذلة، كان من بينها "ورقة شفرة"، "سمير وشهير وبهير" والذي تربع أيضا على عرش إيرادات السينما عام 2010، على الرغم لمنافسته لعدد من الأفلام كـ"الراجل الغامض بسلامته"، و"عائلة ميكي" وغيرهم.
بالتعاون الذي حدث بين ماجد، وفهمي والذي لا يعد الأول، حيث سبق لهما كتابة سيناريو وحوار فيلم "بيبو وبشير"، تمكن كل منهما من خلق فيلم ساخر كوميدي ملي بالأفيهات التي ستعلق في أذهان الشباب والأطفال والكبار، إذا لم تكن علقت بالفعل، يدور حول علي "حسن الرداد" الشاب المستهتر، الذي يستغل كل شيء لكي يوقع الفتيات في حبه، ولا يراعي أي شيء، مما يورطه في مشكلة مع والده الدكتور "الجحش" "سامي مغاوري"، فيدخل معه في رهان اذا فاز به يسمح له بتحقيق حلمه. وبذلك، يستطيع المشاهدون عند مشاهدة عمل فني، بدون معرفة كاتبه أو مؤلفه، اكتشاف أن فهمي، أو ماجد، أصحابه، فكلاهما نجح في هذه الفترة القصيرة ترك بصمة، في ساحة أفلام "اللايت كوميدي" المشابهة للأفلام الأمريكية.
وبجانب ذكاء كل من ماجد وفهمي، في كتابة السيناريو الذي انتهي بنهاية أثارت الموجودين في دور العرض، كان هناك "حسن الرداد" الذي أظهر في هذا الدور قدرات تمثيلية كثيرة لم تظهر من قبل، فقدم الرومانسية، والكوميديا، وأبهر الجمهور، ونسى الجميع للحظة أنه النجم الوسيم أو "الدنجوان"، ولاحظوا اخلاصه المتناهي في تجسيده لدور "علي الجحش"، وتقمصه لأكثر من شخصية بجانب شخصيته الاصلية، من حيث تغييره لصوته، وطريقة سيره، واسلوبه.
أما إيمي سمير غانم، التي تعد البطلة الأولى للفيلم، فقد استطاعت أيضا اظهار زكائها في قدرتها على الحفاظ على مقدار حب الناس لها، ومعرفة ما يضحكهم، ففور ظهورها على شاشة العرض صرخ أحد الأطفال "هبة رجل الغراب"، لعبت الدور بحرفية شديدة، وحافظت على طلّتها " الشعنونة"، واثبتت أنها ورثت جينات الكوميديا والضحك من والدها "سمير غانم". ونسرين أمين أو "سميحة العو"، فكانت إحدى أفضل الشخصيات في الفيلم، وأظهرت مهارات فنية جديدة، تضيف لما أحرزته في الموسم الرمضاني السابق، بعد مشاركتها في مسلسل "سجن الناس" ولعبها دور "زينات اللي بتزوق البنات"، ومسلسل "السبع وصايا"، و"عد تنازلي".
وكان لبيومي فؤاد "الدكتور جلال الجحش" تأثيرا قويا في الفيلم، على الرغم من قلة مساحة دوره، إلا أنه اثبت أنه ممثل كوميدي من العيار الثقيل، يستطيع استخراج الضحكة من قلب المشاهد، وهذا ما فعله سامي مغاوري "دكتور منير الجحش" أيضا.
أما أيتن عامر "سهام بدر"، ومي سليم "شكرية تورتة" فإن دوريهما كانا جيدان، إلا أنه لم يكن في نفس قوة وبراعة الأبطال الآخرين. ووصل هذا الذكاء لمنتج الفيلم، أحمد السبكي، والذي وافق على صناعة فيلم، به عدد كبير من الأبطال الشباب، ويخرجه مخرج "خالد الحلفاوي" لم يقم بعمل أفلام روائية طويلة من قبل، بل عمل كمساعد مخرج في عدد من الأعمال، ليعرض في فترة يوجد بها عدد كبير من الأفلام مثل "كابتن مصر"، و"كرم الكينج"، و"فزاع"، والذي أحرز كل منهما نجاحا أيضا.
قد لا يكون الفيلم، أحد أفضل الانتاجات السينمائية، وقد يراه البعض لا يرقى للانضمام إلى قوائم أفضل الأفلام السينمائية على مدار السنوات الماضية، إلا أن هذه "التوليفة" استطاعت اجبار المشاهد على التواجد في قاعة العرض حتى انطفاء الشاشة، وإضاءة النور، وهذا لا يحدث عادة في دور العرض المصرية، والتي يخرج الجمهور ويغادر القاعة، بعد ظهور أول كلمة توضح انتهاء العمل، وأقنعهم على حضور الفيلم، واصطحاب أطفالهم على رغم من وجود جملة "للكبار فقط" الموجودة على أفيش الفيلم، لتسمع صوت "قرقعة" الجمهور وأنت واقفا على باب القاعة.
فيديو قد يعجبك: