شادية.. الدلوعة المتمردة - "بروفايل"
كتبت- هدى الشيمي:
سألها وجدي الحكيم في حوار، هل انت متشائمة، فأجبته قائلة "لا مش بتشاءم دايما، حتى في عز أزمتي، بتفاءل"، وهذا ما تفعله شادية في جمهورها، حيث ترتسم البسمة على شفاههم وتعلو البهجة وجوههم حال طالتها عيونهم أو سمعتها أذانهم.
حاول النقاد والسينمائيين حصرها في أدوار الفتاة "الدلوعة"، مستغلين ملامحها الجميلة، وعيونها الشقية، ورقة صوتها، ورشاقة قوامها، إلا أنها حاولت التملص من تلك الأدوار، والخروج من ذلك الصندوق، فكانت تشبه العصفور المأسور داخل أحد الأقفاص، ويسعى جاهدا بكل ما أوتي من قوة للخروج إلى الحرية.
ظلت فاطمة محمد شاكر، بنت الشرقية، بلد عبد الحليم حافظ، الفتاة المقربة من قلب أبيها المهندس الزراعي، سنوات طويلة لا تلعب في السينما إلا أدوار الفتاة الشقية، التي تجرى بالوردة خلف حبيبها تغني لها، وتشاغله، وتنجح في إيقاعه بشباكها في نهاية المطاف، ليجد نفسه هائما بتلك الفتاة البرئية.
قدمت شادية على مدار عشرة أعوام، أدوارا غنائية خفيفة، منذ ظهورها لأول مرة في فيلم "أزهار وأشواك" لمكتشفها أحمد بدرخان، وتعددت الأعمال فكان من بينها بشرة خيرة، بين قلبين، الحقوني بالمأذون، لسانك حصانك، أنا وحبيبي، قليل البخت، الهوا مالوش دوا.
كانت شادية في تلك الفترة وكأنها عملة بوجهيين، ممثلة جميلة موهوبة، ومغنية ذات صوت عذب، وهذا كان "عز الطلب" لصنّاع الأفلام في هذه الفترة.
استمرت شادية في لعب تلك الأدوار، حتى سأمت منها، وكانت ترغب في الخروج من هذا الحصار، إلا أن المنتجين والمخرجين لم يوافقوا، فكانوا يروها كالعصفورة المغردة، التي لن تتمكن من لعب الأدوار الدسمة، ولكنها لم تفقد الأمل وظلت تبحث عن الدور الذي ينقلها، ويغير حياتها، حتى وجدت رواية تحمل اسم "ليلة من عمري"، فتمسكت بها بأيديها واسنانها، وقررت المشاركة في هذا الفيلم، مهما كانت الظروف.
تقول شادية عن "ليلة من عمري" في أحد حواراتها مع الإعلامي وجدي الحكيم، "صحيح الفيلم ده خرب بيتي، ولكنه فتح لي مجال جديد"، وهذا بالفعل ما حدث، فعن طريق ذلك الفيلم، الذي لعبت فيه دور "سلمى" الفتاة القروية البسيطة التي تقع في حب أحمد مهندس الزراعة "عماد حمدي"، وتتورط معه في علاقة غير شرعية، اقتنع المنتجون وصناع الأفلام بأن هذا الوجه الملائكي البشوش، يخفي تحته بركان خامد من المواهب، يرغب في الانفجار، فبدأت العروض الجديدة والأدوار الجديدة. تنهال عليها.
تألقت "معبودة الجماهير" في عدد كبير من الأعمال الجديدة، فقدمت دور "نعمت" الفتاة المتمردة الكارهة لحياتها برفقة والدتها الخادمة والمربية، وتقرر الهروب من المنزل في "التلميذة"، ثم لعبت دور "حميدة" في زقاق المدق، الفتاة الجميلة الثائرة التي تركت حبيبها وحارتها وخالتها، من أجل الشهرة والثراء، ولكن في النهاية "سكة حميدة كانت أخرتها تأبيدة"، تقمصت شادية دور "نور" في "اللص والكلاب" ببراعة، واعتبره النقاد من أفضل وأروع أدوراها، الذي مثل بداية مرحلة النضج الفني لها.
على الرغم من كونها في أوج نجاحها ونشاطها الفني، لم تخشَ شادية من لعب دور والدة شكري سرحان في فيلم " المرأة المجهولة"، ثم في "الطريق" الذي كانت فيه "كريمة" المرأة المتزوجة من رجل يكبرها في السن، والتي نجحت في إيقاع صابر "رشدي أباظة" في شباكها، وخلعت شادية عباءة المرأة التي تبحث عن الشهوة، لتلعب دور "سيدة" التي تحلم بالحب الحقيقي والاطمئنان في "نحن لا نزرع الشوك" إلا أن الحظ يوقعها في غرام حمدي "محمود ياسين" في الوقت الخاطئ .
استمرت مواهب شادية في الظهور فترة بعد أخرى، لتفاجئ الجمهور والنقاد، فقدمت دور فؤادة في فيلم "شيء من الخوف"، وعلقت شادية على هذا الدور قائلة "لم أكن أرغب في لعب دور الصعيدية فقط، حتى اتحدث باللهجة الصعيدية، ولكن رغبت في تقديم شخصية حلوة، وتقول شيء مفيد، وهادف".
سألها وجدي الحكيم عن استعدادها لهذا الدور، فقال لها "كنتي بتروحي لكوافير عشان فؤادة"، فأجبته بالنفي قائلة "كنت بغسل شعري وأضفره".
لم يستطع أي شخص تحديد هوية شادية الفنية، هل هي مطربة، أم ممثلة، حتى هي، كانت تقول دائما، أحب الأثنين، التمثيل والغناء، ولا استطيع أن احصر نفسي في أحدهما.
إلا أنها أكدت دائما على ضرورة التركيز في عمل واحد حتى تبدع وتقدم كل ما لديها فيه، فقالت "لازم اركز في حاجة واحدة بس عشان اكون كويسة جدا فيها، ساعات ببقي ممثلة، وساعات ببقي مغنية، بس أنا بحب السينما جدا، وبشوفها دايما المنفذ".
طارد المسرحيون شادية لسنوات طويلة لكي تقدم عملا مسرحيا، ولكنها لم تقبل، واستمرت في الرفض لسنوات طويلة، وعندما سئلت عن السبب قالت "أما مش قد الحكاية دي، مسئولية كبيرة جدا، وبالنسبة لي صعبة شوية"، إلا أنها بعد فترة قصيرة لعبت بطولة مسرحية "ريا وسكينة"، المسرحية الوحيدة التي قدمتها الدلوعة، وحققت نجاحا منقطع النظير.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: