بالفيديو..سعيد صالح : ''مرسي الزناتي'' الذي سجن بسبب خروجه عن النص
كتبت- منى الموجي:
لم تكن تهمه الألقاب ولم يبحث يوما عنها، فانشغل طوال حياته بتقديم أعمال فنية جعلته متربعا على عرش الكوميديا لسنوات وستجعله كذلك رغم الرحيل، منحه الجمهور لقب ''ملك المسرح السياسي'' بعدما قدم العديد من المسرحيات التي تندرج تحت مسمى ''المسرح السياسي''، والتي يخشى كثيرون الاقتراب منه خوفا من عواقبه وهي العواقب التي لم يسلم منها، واقتحمها بقلبه الجريء، هو نجم الكوميديا ''مرسي الزناتي''، ''سلطان السكري''، ''بركات'' أو سعيد صالح.
الخروج عن النص
تسبب خروج صالح عن النص في واحدة من مسرحياته إلى الزج به في السجن، حيث كان ناقما على النظام، فعبر عن ذلك بجملة انتقد فيها رؤساء مصر الثلاثة قال فيها ''أمي تزوجت ثلاث مرات، واحد أكلنا المش والتاني علمنا الغش والتالث ولا بيهش ولا بينش''.
سُجن صالح مرتين المرة الأولى أربع شهور والمرة الثانية سنة، ووصف تجربة سجنه بالجميلة جدا، مؤكدا أنها أجمل أيام عمره حيث قابل خلالها أشخاص علموه الكثير، فلم يندم سعيد يوما على دخوله السجن ولم يخجل من التصريح بذلك والحديث عن التجربة التي غيرته كثيرا، والتي يرى البعض أنها عطلت مشواره الفني، بينما نظر هو للتجربة بطريقة مختلفة.
وقال عن خروجه عن النص في حوار أجراه مع ''مصراوي'' بعد أزمة حريق شقته '' لم أندم على الإطلاق، فأنا لم أقل سوى الحقيقة، وعندما كنت ارتجل كنت أقول ما أشعر به ويشعر به الجمهور، الذي كان يستقبل كلامي بشكل جيد، بل على العكس سعدت جدا بما قلت''.
وفي مسرحية ''كعبلون'' أكد صالح أن سجنه كان بسبب خروجه عن النص، بصورة أزعجت النظام آنذاك، فقال أثناء المسرحية موجها حديثه لواحد من الجمهور مازحا ''انت مالك انت، انت بتتكلم ليه، انت تتكلم وأنا أرد عليك واخرج عن النص واتحبس تاني ولا ايه''.
لمشاهدة مقطع من مسرحية ''كعبلون'' يداعب فيها صالح احد جمهوره بموضوع خروجه عن النص.. اضغط هنا
عاشق للغناء
كان صالح عاشقا للموسيقى والغناء فلا تخلو مسرحية له من أغاني، مازال الجمهور يستعيدها، واتسمت كثير من أغانيه بالطابع الثوري، كما قام بتلحين الكثير من الأغاني التي قدمها في مسرحياته، ومن أشهر ما تغنى به صالح أغنية ''ممنوع من السفر''، والتي يسرد فيها من خلال كلمات الشاعر أحمد فؤاد نجم قائمة الممنوعات التي فرضها النظام على المصريين، وتقول كلمات الأغنية ''ممنوع من السفر، ممنوع من الغنا، ممنوع من الكلام، ممنوع من الاشتياق، ممنوع من الاستياء، ممنوع من الابتسام، وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات، وكل يوم بحبك أكثر من اللي فات، حبيبتي يا سفينة متشوقة وسجينة مخبر في كل عقدة عسكر في كل مينا، يمنعني لو أغير عليكي أو أطير اليكي واستجير في حضنك أو أنام في حجرك الوسيع وفي قلبك الربيع، أعود كما الرضيع بحرقة الفطام، حبيبتي يا مدينة متزوقة وحزينة في كل حارة حسرة وفي كل قصر زينة''.
لمشاهدة أغنية ''ممنوع من السفر'' بصوت سعيد صالح.. اضغط هنا
الثورة
''لما يبقى القلب صادق وابن ثورة، وجراح القلب زي الشمس حمرا، كل نور الدنيا يتجمع في نظرة، راح تعيشوا وراح تغنووا يا عيالي''، هكذا تحدث صالح عن الثورة قبل أن يفكر فيها الشعب بسنوات.
لمشاهدة اغنية مميزة عن الثورة.. اضغط هنا
رفيق الدرب
ارتبط سعيد صالح بالزعيم عادل إمام، فكان رفيق دربه وقدما معا واحدة من أشهر المسرحيات التي يحفظها الجمهور عن ظهر قلب حتى الأجيال الجديدة من الشباب والأطفال الذين لم يعاصروها، وهي مسرحية ''مدرسة المشاغبين''، كما شاركا معا في أكثر من عمل سينمائي من بينهم ''سلام يا صاحبي''، ''رجب فوق صفيح ساخن''، ''على باب الوزير''، وكان أخر لقاء بينهما في فيلم ''زهايمر'' والذي أدى فيه صالح مشهد من أروع ما قدم بشهادة النقاد، وحاز فيه على إعجاب الجمهور، حيث قدم دور رجل طاعن في السن تغلبه أمراض الشيخوخة ومرض الزهايمر، وينساه عالمه ليصبح وحيدا في عالم لا يعرفه ولا يبقى في ذاكرته.
مشواره
لسعيد صالح رصيد فني كبير، حيث شارك في 500 فيلم، و300 مسرحية تقريبا، وهو رقم لم يصل إليه واحدا من أبناء جيله، ومن أشهر أعماله المسرحية ''هاللو شلبي، العيال كبرت، مدرسة المشاغبين، البعبع، كعبلون، قاعدين ليه''، ومن أعماله السينمائية ''الرصاصة لا تزال في جيبي، رجب فوق صفيح ساخن، مولد يا دنيا، المشبوه، الصبر في الملاحات''، كما قدم عدد من المسلسلات أشهرها مسلسل ''السقوط في بئر سبع''، و''أحلام الفتى الطائر''.
عانى صالح منذ عام 2005 من تدهور حالته الصحية، واضطر لإجراء عملية جراحية بسببب ضيق شرايين القلب، ومع بداية 2014 تعرض صالح لأزمة أخرى حيث فقد منزله في المهندسين وكل محتوياته بعدما تعرضت شقته لحريق، وانتقل وزوجته شيماء للعيش في شقة أخرى، ولكن من وقتها ظل يتردد على مستشفى القوات المسلحة في المعادي لأكثر من مرة بسبب عدم استقرار حالته الصحية، حتى رحل عن عالمنا صباح يوم الجمعة 1 أغسطس وهو اليوم التالي لاحتفاله بيوم ميلاده حيث ولد صالح في 31 يوليو عام 1938، ليلقى ربه عن عمر ناهز 76 عام، فرحل تاركا ابتسامة على وجوه وشفاه المشاهدين في العالم العربي، الذين تجمعهم مسرحياته كل عام لتكون أحد مظاهر احتفالاتهم بالأعياد.
فيديو قد يعجبك: