سليمان نجيب.. "أمير العزاب" الذي ورثته الأوبرا وخدمه الثلاثة(صور)
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت- منى الموجي:
لم يكن خفيف الظل طيب القلب فقط على شاشة السينما، وإنما ارتبطت طيبة القلب وخفة الظل بحياته الشخصية وكانتا أبرز صفتين يتمتع بهما الارستقراطي الدبلوماسي، المثقف والفنان سليمان بك نجيب.
عزف سليمان عن الزواج لاقتناعه أن كل النساء مناكفات، وبالتالي فإن زواجه سيكون سببا في "عكننة" حياته وسيؤثر على فنه، وفقا لرأيه، ولقد وصفته الكاتبة سناء البيسي بأنه "أمير العزاب".
وعندما حان موعد الرحيل وشعر سليمان بدنو أجله قرر أن يوزع ثروته بين ثلاثة، وهم ليس أقارب لسليمان ولكن طيبة قلبه جعلته يوزع ثروته على خادمه وسائقه وطباخه، كما منح قبل وفاته كل تحف المنزل وصوره إلى دار الأوبرا المصرية.
مواقف
مواقف نجيب مع الثلاثة لا تنتهي فقد كان يعوض مشاعر الأبوة تجاههم وتجاه ابناءهم، فكان يتكفل بكل مصاريف أبناء خادمه الشاذلي، والذين ولدوا في بيته وحرص على إدخالهم المدارس.
وحكى الثلاثة الكثير من المواقف عن كرمه وكيف كان يمنح قمصانه الحريرية إلى سائقه، والأكثر من ذلك هو أنه كان يستقبل بنفسه أقارب خدمه القادمين من البلد ويرحب بهم، ويطلب منهم أن يكرموهم حتى لا يعودون إلى البلد ويقولون عن سليمان بك نجيب "شحات".
وروى خادمه موقفا ذات يوم انه جهز الطعام ووضعه في "الفريجيدير"، وعندما عاد سليمان طلب العشاء ليكتشف الخادم أن ابناءه الثلاثة أتوا على الطعام كله، فخاف الخادم أن يخبر سليمان، ولكن كان سليمان أدرك ما حدث وصاح بصوت مرتفع "بالهنا والشفا يا ولاد الشاذلي".
وفي يوم عاد سليمان متأخرا إلى بيته ليجد محمود ابن خادمه ممدا على "الفوتيل" الخاص به وممسكا بإحدى المجلات ويستمع إلى الراديو، وغلبه النوم فأيقظه سليمان قائلا "والله ابن عز وباين عليك ابن اصل".
لم يغضب يوما سليمان من خادمه أو ابناءه الثلاثة ويسمعهم كلمات قاسية، بل كان عندما يشعر بالغضب يترك لهم البيت، قائلا "انا سايبلكم البيت عشان تستريحوا"، ليعود ليلا إلى البيت وعلى وجهه ابتسامته المعتادة "أنا رجعت تاني أدخل ولا أمشي".
أما يوسف ابن البواب ذلك الطفل الأسمر فكان يحظى دائما بالهدايا والمنح التي يمنحها له سليمان أثناء صعوده وهبوطه إلى منزله، فظل يوسف يبكيه بصدق في جنازته وعزاءه، لتبقى ذكرى سليمان نجيب الذي توفي عام 1955، باقية بين أصدقاءه وورثته الثلاثة، تؤكد على طيبة قلبه وسماحة أخلاقة وعفة لسانه.
مقلب أنيس منصور
خفة الظل لم تنفصل عن حياة سليمان الشخصية، حيث روى الكاتب الكبير أنيس منصور كيف فعل فيه سليمان نجيب وقتما كان يشغل منصب مدير دار الأوبرا المصرية مقلب لم ينساه حتى أخر يوم في حياته، حيث اعتاد منصور ومعه آخرون على الذهاب إلى سليمان ليحصلوا منه على تذاكر مجانية لحضور حفلات الأوبرا، وفي كل مرة يثور سليمان ولكنه في النهاية يوافق على طلباتهم التي لا تنتهي.
وفي يوم كان الملك فاروق سيحضر إحدى حفلات الأوبرا، لذلك كان لابد أن يكون الحضور من صفوة المجتمع، ووافق سليمان على منح أنيس تذكرة ولكن طلب منه أن يرتدي بدلة الردنجوت، والتي كان لا يمتلكها أنيس، فطلب سليمان منه الحضور مبكرا حتى يمنحه بدلة لأحد العازفين يستطيع حضور الحفل بها ويدخل إلى القاعة قبل وصول الملك، فالبروتوكول يمنع دخول أي شخص بعد الملك، وبالفعل ارتدى أنيس البدلة وترك بدلته في مخزن الملابس، ودخل إلى القاعة ليبدأ العرض ويبدأ المقلب أيضا.
اكتشف أنيس أن البدلة مليئة بالحشرات، فأخذ يتلوى طوال فترة العرض غير قادر على الخروج، ليطير بعد العرض إلى المخازن بحثا عن بدلته، فيجد المخزن مغلق، وكان هذا بالاتفاق مع سليمان، واتجه أنيس لأحد الفنادق القريبة من الأوبرا ليصادف هناك زميل لم يستطع أن يوفر له سوى قفطان سفرجي، ليرتديه أنيس ويعود به إلى منزله لتراه والدته وتظن أن ابنها طُرد من الصحافة ويعمل سفرجي، حتى أقنعها أنه يؤدي دور في مسرحية وعاد سريعا قبل أن يستبدل ملابسه.
مخلص لفنه
لم يخطئ المخرجون حينما أسندوا له أدوار الباشا، والرجل المثقف الأرستقراطي، فهكذا عاش طوال حياته ينتمي لعائلة ارستقراطية مثقفة تضم بين أفرادها ساسة كبار، ليصبح هو أيضا دبلوماسي مثقف لكنه عاشق مخلص للفن.
تخرج سليمان من كلية الحقوق والتحق بالسلك الدبلوماسي ليُعين قنصلا في السفارة المصرية باستانبول، لكنه لم يستطع الابتعاد طويلا عن مصر وظلت عيناه على العمل الفني، الذي لم يستطع أن يبدأ مشواره خلاله إلا بعد وفاة والدته الرافضة أن يصبح ابنها ممثل.
وجرت العادة في السينما المصرية أن يكون دور الرجل الارستقراطي شرير قاسي القلب، يتباهى بنفوذه وماله، ويجعل منهما وسيلة للتكبر على كل من هم أقل منه، لكن مع سليمان نجيب اختلف الأمر فملامحه التي تشع طيبة فرضت على المخرجين أن يظهر دائما الارستقراطي والباشا الطيب ذو الدم الخفيف.
رصيد سليمان الفني كبير فقد قدم على مدار مشواره حوالي 40 مسرحية وما يزيد عن الخمسين فيلم، كما كان أول مصري يتولى رئاسة دار الأوبرا المصرية.
ومن أشهر أفلامه "غزل البنات، الآنسة ماما، لعبة الست".
فيديو قد يعجبك: