لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

The Revenant: ملحمة بصرية البقاء فيها للأعند

07:58 م الأحد 28 فبراير 2016

The Revenant: ملحمة بصرية البقاء فيها للأعند

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- هدى الشيمي:

هناك العديد من الأعمال السينمائية، التي دارت حول نفس الفكرة، "الرغبة في البقاء"، مثل الفيلم الأمريكي "Cast away"، فخاض تشاك نولاند رحلة قاسية في الغابات من أجل النجاة، والعودة إلى وطنه بعد حادث طيارة كان الناجي الوحيد منها، وفي فيلم "The Pianist"، اضطر فيه عازف بيانو يهودي في بولندا إلى التكيف مع أوضاع لا تحتمل خلال الحرب العالمية الثانية، من أجل الخروج من دوامة الحرب سالما، أما في فيلم "The Revenant" المرشح لاثنتي عشرة جائزة أوسكار، تمكن المخرج المكسيكي إليخاندرو اناريتو من خلق رحلة ملحمية، مليئة بالصور، والمناظر الطبيعية، النابضة بالحياة.

بأصوات أنفاس متلاحقة يبدأ اناريتو ملحمته البصرية، ونرى جلاس "ليوناردو دي كابريو" يحاول الصيد برفقه والده، بينما يتابع مجموعة من زملائه عملهم في سلخ الحيوانات، وتجهيز فروهم لبيعه، وفقا للعقد الموقع بينهم وبين شركة أمريكية كبرى، متخصصة في هذه التجارة، في القرن الثامن عشر، ثم يتعرضون فجأة لهجوم مجموعة من السكان المحليين، الهنود الحمر، فيتركون كل شيء حولهم، ويقررون النجاة بأنفسهم، من هؤلاء الأشخاص "المتوحشين" على حد وصفهم.

86a7f8e8-0a9b-4215-9473-8e20c0efc230

تبدأ رحلة جديدة، تجمع جلاس وزملائه، بعد مقتل أكثر من نصفهم على أيدي الهنود، يكون جلاس هو الدليل لهم، حيث يثق فيه قائدهم، ويقدره كثيرا، مما يزيد من غيرة زميله فيتزجرلد "توم هاردي"، والذي يكرهه منذ البداية، بعد الاستقرار في أحد المناطق، يتعرض جلاس لهجوم قاسي من قبل دبة ضخمة، فيصاب بجروح بالغة، تتركه عاجزا عن الكلام والحركة، فيضع القائد مكافأة كبيرة للرجال الذين يمكثون برفقته، يرعوه، ويدفنوه بطريقة لائقة، عندما تحين لحظة وفاته، إلا أن فيتزجرلد، يحاول التخلص منه مبكرا، من أجل العودة إلى الحصن، والنجاة بنفسه، من الطقس قارس البرودة، ومن هجمات الهنود المفاجئة، والحصول على الجائزة المنشودة، وعندما يتدخل الأبن في الخطة يتخلص منه دون رفة جفن، ثم يقنع زميله الاخر بترك، المستكشف العاجز بمفرده.

الوحدة، والرغبة في الانتقام، دفعا جلاس للخروج من قبره، وبدء معركة واجه فيها الطبيعة، أكل دهن حيوان ميت، وكبد نيئ لحيوان أخر، وسمكة أخرجها من البحر، وقام بكي جراحه بنفسه، وصارع البرد الشديد، بالنوم داخل جثة حصان ميت، أخرج احشائه بيديه المصابتين، وخاطر بسرقة حصان من الفرنسيين على الرغم من قتلهم للهندي الذي ساعده على الشفاء من جروحه، وضغطه على نفسه وزحفه على الأرض لأسابيع طويلة، بساقه شبه المقطوعة، وسباحته في المياه المثلجة من أجل الهروب من الهنود، واستكمال طريقه، والوصول إلى عدوه، حتى نجح في ذلك.

maxresdefault (1)

على الرغم من كون هيو جلاس الشخصية الرئيسية التي تتمحور حولها الأحداث، إلا أن فكرة الفيلم، الصراع من أجل البقاء، كانت واضحة في أكثر من جهة، فمثلا الفرنسيين والأمريكان بذلوا كل ما لديهم من قوة من أجل السيطرة على الهنود، والاستحواذ على الأراضي والفرو، والاستقرار بداخلها، ومثلهم كان السكان المحليين، الذين قتلوا وحرقوا وسلخوا رؤوس أعدائهم، من أجل الحفاظ على أنفسهم، وعلى أراضيهم، وعلى الرغم من وحشية فيتزجرلد "هاردي"، إلا أنها أيضا كانت مبررة، وتعود إلى الحادث الذي تعرض له منذ سنوات على أيدي الهنود، فجعل هدفه الأول والأخير هو الاستقرار، والبقاء سالما، وكذلك الدبة التي هاجمت جلاس، والتي رغبت في حماية نفسها، وأشبالها من الهجوم، ليؤكد المخرج المكسيكي إن الجميع لديه وحش بداخله، يخرج عندما يشعر باقتراب الاذى، أو الضرر.

على مدار ساعتين ونصف الساعة، تمكن المخرج المكسيكي من صنع فيلم سينمائي مليئ بالحياة، لا يخلو من التفاصيل، تمكنت فيه الصورة الفائقة التميز، والمشاهد الطبيعية، للغابات، والأشجار، والزهور، وقطرات المياه، والأمواج ، والنملة التي تحمل اخرى كي تساعدها على صعود إحدى الصخور، بالإضافة إلى استغنائه شبه الكلي عن الموسيقي التصويرية، والتي لم تتواجد سوى في بعض المشاهد، وعوضا عنها كانت الأصوات الطبيعية، مثل صوت الحيوانات البرية، والطيور، وحفيف الأشجار، وهدير الماء، وأصوات الرياح.

a-scene-from-THE-REVENANT

تمكن اناريتو من عرض فكرته بهذه الطريقة مدير التصوير المكسيكي إيمانويل لوبزكي، والذي عمل معه من قبل في فيلمه الحاصل على جائزة الأوسكار العام الماضي "Birdman"، والذي اكسبهما جائزتين، واستطاعا الاثنان تكوين فريق قادرا على تحقيق التناغم والتوازن البصري، في أعمالهما السينمائية.

يقول لوبزكي في إحدى حواراته الصحفية إن تصوير الفيلم كان معتمدا على الضوء الطبيعي، باستثناء مشهد واحد فقط، اعتمدوا فيه على مجموعة من المصابيح الصغيرة، لعمل الاضاءة المناسبة، حيث رفض اناريتو الاستعانة بأي مشهد معدل الكترونيا، وقرر أن تكون كافة مشاهد الفيلم طبيعية، ومصورة حديثا، وخاصة بفيلمه فقط.

maxresdefault (1)

أما ليوناردو دي كابريو، فيرى أن هذا الدور هو الأكثر صعوبة خلال مسيرته الفنية، حيث تعلم لغتين للسكان المحليين، هم "باوني وأريكارا"، وفضل تناول كبد حيوان البيسون، على الرغم من كونه نباتي، بعد رؤيته أن الطعام الآخر الذي كان سيأكله أثناء تصوير المشهد يبدو غير حقيقي أمام الكاميرا، وتعلم اطلاق النار من بندقية قديمة، وإشعال النار ، ومكث خمس ساعات يوميا أمام الماكيير، لكي يعد الندبات، واثار الجروح في جسده، بالإضافة إلى اعتماد الدور بشكل شبه كلي على الحركات البصرية والجسدية، أكثر من الكلام، والحديث.

revenant-gallery-16-gallery-image

 

وتمكن الممثل البريطاني توم هاردي، من إثبات إنه فنان من العيار الثقيل، فقال النقاد قديما إن الممثل الذي يستطيع أقناع المشاهدين بكونه شريرا، ويجعلهم يكرهوه، فهو فنان حقيقي، قادر على فعل أي شيئ، كما استطاع جمع كافة تفاصيل شخصيته، من طريقة السير، وتناول الطعام التي تشبه طريقة تناول الحيوانات لطعامهم، وطمعه وجشعه الشديدين، من أجل شراء منزل وقطعة أرض في تكساس، لبدء حياة كريمة.

فيلم The Revenant، استطاع عبر الصورة، التي تكاد تتحدث، أن يؤكد للانسان إنه يستطيع الصراع، مادام حيا، قادرا على التقاط انفاسه،وأن نظرته للأمور، هي ما يحدد طريقة تعامله معها، مثلما كان يقول جلاس لابنه دائما.

 

فيديو قد يعجبك: