" أحمد زكي Book".. رسائل "الإمبراطور" لـ"جيل التسعينيات"
كتب- عبدالله شريف:
هل أنت من جيل التسعينيات أو أكبر من ذلك؟.. أنت إذا تتذكر وقفة الراحل أحمد زكي أمام كاميرا المخرج عاطف الطيب، داخل المحكمة وقد تقمص دور محام فاسد، ينادي على المستقبل ويوصي به خيرًا "لدي مستقبل هنا أريد أن أحميه.. أنا ومعي المستقبل كله نلوذ بكم.. ونلجأ إليكم.. أغيثونا".
رسائل ووصايا عدة خلفها المبدع، أحمد زكي الذي نحيي ذكرى رحيله الـ 13 في هذه الأيام، لأبناء جيل التسعينيات ومن ورائهم، منها السياسي والاجتماعي وقدمها في أكثر من 100 فيلم.
ضد الحكومة: رسائل المواجهة
يطأطئ المحامي مصطفى خلف رأسه بينما تعلو الكاميرا تُظهر انكساره من رأسه حتى قدميه، تشخص عيناه أمامنا يعترف بفساده وهوانه والذل الذي لحق به والعجز الذي سيطر عليه، ينفعل رويدًا رويدًا حتى يصل إلى حالة بكاء هيستيري خوفًا على أطفال لم يولدوا بعد.
"ملك النظرات" كما يلقبونه، حاول من خلال المشهد الشهير أن يقول إن هناك فرصة دائما وإن الإصلاح والرجوع والتوبة في أي وقت، ينظر إلى الأمام وإلى الأعلى عندما يتحدث عن الجيل المقبل وخوفه عليه، وإلى الأسفل عندما يعترف فساده ويروي الظلام الذي عاش فيه وكأنما أحس بالخجل والعار، ويحرك عينيه إلى الأسفل ثم ينظر مباشرة إلى المتلقي في إشارة إلى أنه يخاطبه هو وأن ما يقوله اعتراف عن إيمان.
المشهد من فيلم "ضد الحكومة" الذي عرض في مطلع التسعينات، كان كـ"نبتة" زرعها الفنان الراحل لتنمو شيئا فشيئا حتى أصبحت علامة ومصدر إلهام لجيل الألفية الجديدة، يستخدمه في عباراته على مواقع التواصل الاجتماعي وفي المواقع الإلكترونية، وفي حكم الصباح بالمدارس: ""نحن ضحايا هذه المرحلة والمراحل التي سبقتها.. كلنا فاسدون لا استثني أحدا حتى بالصمت العاجز الموافق قليل الحيلة".
البريء: رسالة الحرية
ومن صحراء منعزلة، وجه أحمد زكي رسالة عبر فيلم "البريء" (إنتاج 1986) للمخرج عاطف الطيب أيضا والسينارست لوحيد حامد، في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، من خلال شاب بسيط يدعى أحمد سبع الليل، ريفي فقير يعيش مع أمه وشقيقه من ذوي الاحتياجات الخاصة، لم يتعلم ولا يعرف من الوطن سوى قريته الصغيرة، وملهمه الوحيد الجامعي (حسين وهدان) الفنان ممدوح عبد العليم، ويضطر بسبب قلة تعليمه أن تكون خدمته حراسة أحد المعتقلات السياسية في منطقة صحراوية معزولة، حيث يدرب على الطاعة بلا مناقشة والتعذيب والضرب لمن يخالف الأوامر.
"حسين أفندي ابن الحاج وهدان، أنا عارفه، ده لا يمكن يكون من أعداء الوطن".. كلمات سبع الليل دفاعًا عن ابن قريته ضد ظلم (العقيد توفيق شركس)، محمود عبد العزيز، ضباط مسؤول عن سجن يقبض على الحرية، ويعذب أصحاب الرأي ويسميهم أعداء للوطن.
رسائل البريء زكي، واضحة ولخصت في أغنية بصوت الموسيقار عمار الشريعي، ومن شعر عبد الرحمن الأبنودي من كلماتها "محبوس يا طير الحق قفصك حديده لعين قضبانه لا بتنطق ولا تفهم المساجين قضبانه لا بتعرف ولا تفهم الانسان ولا الحديد ينزف لو تنزف الأوطان ليه العتمة هنا وليه النور هناك حبساني ويا الغنا قضبان علي شباك.. وأغنى بدموعى لضحكة الأوطان"، وتداولت آلاف المرات وكانت من أشهر الجمل، وشوهد الفيلم آلاف المرات مع اندلاع ثورة 25 يناير، وبعدها.
النمر الأسود: رسالة التحدي
"الحاجات بتيجي أول ما نبطل ندور عليها أو نستناها.. المشكلة بقى هل لما هتيجى هتكون لسة جوانا بنفس الشغف؟"، عن الصبر والحب والإصرار والهجرة، وصية أخرى من زكي لجيل يعشقه بكل تفاصيله، على لسان "مهمد" شاب تضيق بها الدنيا في وطنه فيذهب إلى بلاد بعيدة بحثًا عن المستقبل فلا يجد سوى العنصرية والقسوة.
عامل الخراطة محمد حسن المصري الذي ترك والدته وأخته متوجهًا إلى ألمانيا على ظهر مركب يحترف المكالمة ويتحول إلى "نمر أسود"، يحب جارته ويتزوجها في النهاية بعد قصة كفاح طويلة، عرضت القصة عام 1984، وهي مستوحاة من حياة شخصية حقيقية تحمل نفس الاسم.
فيديو قد يعجبك: