إعلان

''بديع''.. الرجل الذي فقد ''كله''..(بروفايل)

''بديع''.. الرجل الذي فقد ''كله''..(بروفايل)

04:12 م الثلاثاء 20 أغسطس 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

كتب- محمد مهدي:

شفاه تتحرك على استحياء، متمتمة بكلمات غير مسموعة، يقبض عليها الدكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، مانعًا صوته من البوح بما يقوله، بينما تنم نظرات عينيه عن ذهول لم يفق منه بعد، وتشير يديه الملتصقين ببعضها، إلى الاستسلام التام، لواقع لم يكن يحسبه مفعولا.. الرجل الذي كان يحكم مصر لعام كامل من وراء الستار، يحاول أن يستوعب ما آل إليه في نهاية المطاف جعله خلف الأسوار!

نهاية هادئة، لرجل أكمل عامه السبعين منذ أيام، صاحب انتخابه كمرشد لجماعة الإخوان المسلمين في منتصف شهر يناير عام 2010، كأول ظهور حقيقي له في الحياة السياسية، صخب، وغضب، وانقسام داخل الجماعة، ترجل على إثره النائب الأول للمرشد، الدكتور محمد حبيب، عن الرَكب، يليه رحيل عضو مكتب الإرشاد البارز حين ذاك، الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح، اعترضا على وصول ''بديع'' لمنصبه، رغم أنه جاء عبر انتخابات لأول مرة في تاريخ الإخوان، ليصبح هناك مرشد عام سابق على قيد الحياة وهو الدكتور مهدي عاكف.

منذ شهر ونصف وقف ''بديع'' يهتف ''ثوار أحرار هنكمل المشوار''، بطريقة طفولية وكأن لسانه لم يعتدها، أمام أنصاره فوق منصة بميدان رابعة العدوية، عقب عزل الدكتور محمد مرسي الرئيس السابق لمصر، نفى خبر القبض عليه، وأوسع العسكر دعاء عليه، رغم أن جماعته سبق وأن هتفت لهم، ونزلت الميادين لوضع الثقة في أيديهم، واتهمت الثوار بأنهم بلطجية وسُذج يحاولون عرقلة المرحلة.. التي أرتفعت بهم إلى امتلاك السلطة.. قبل أن ينحدروا إلى الهاوية.

اختفى الرجل من الساحة فجاءة، وبدأ الصف الثاني في التحرك، والتواجد على المنصات، والظهور على شاشات الفضائيات، وبدى أنه يُحرك الأمور من بعيد، رغم تأكيده على أهمية الصمود في ميدان رابعة العدوية، وعدم ترك الاعتصام مهما كان، وأنه لا يخشي الشهادة ابدا، بينما أشيع أن صلاحيته كمرشد عام للإخوان انتهت، وحينما قامت الداخلية بفض اعتصام ''رابعة العدوية'' لم تعثر عليه! قائد يترك جيشه لا يستحق ابدا مكانته.

يقبع ''بديع'' الأن داخل سجن شديد الحراسة، بعد القبض عليه في إحدى الشقق بمدينة نصر دون مقاومة تذكر، يفصله عن عشيرته أسوار وأميال وقوات من رجال الأمن، يجلس في زنزانته، يفكر مليا، في كل شيء، عقله لا يتوقف، خسر الطبيب البيطري حلمه الذي جاء به من مدينته المحلة الكبرى، بأن يقود جماعة الإخوان لأستاذية العالم، فقد أبنه الأكبر، ولم يحضر جنازته، يواجه اتهامات بالتخابر لصالح جهات أجنبيه لزعزعة الأمن القومي، والتحريض على قتل المتظاهرين السلمين، والاعتداء على الثكنات العسكرية، واستعمال القوة والإرهاب، للإضرار بالبلاد.. ليتحول من الأب الروحي للإخوان الذي يملك مقادير الأمور جميعا إلى رجل فقد كل شىء.

إعلان